كيف تؤثر صحة الأب على نسله ؟ حيث أنه يمكن أن يورّث الأب ذو نمط الحياة غير الصحي آثارًا مرضية لطفله، ولكن بينما هناك الكثير من الأدلّة التي تشير إلى حدوث هذا الأمر إلّا أنّنا نفتقد فهم هذه الآليات، إذ أظهرت دراسة أُجرِيت على الفئران وجود مسار يؤثّر على الحيوانات المنوية للفئران والذي يؤدّي لتغيّرات ملحوظة في الجيل التالي، وأعطى العمل للباحثين مؤشّرًا لانتقال التَّخَلُّقِ المتوالي اللّاجيني (Epigenetic) عند البشر.
(Epigenetics هي دراسة تغيّرات الأنماط الظاهرية القابلة للتوريث والتي لا تنطوي على تغييرات في تسلسل الحمض النووي).
هناك بعض الأمور الّتي تعمل بشكل خاطئ أثناء الحمل يمكن أن تؤثّر على صحّة الطفل ولكن لم يكن الأمر كذلك منذ فترة طويلة، إذ كان من المعتقَد أنّ العوامل البيئية للوالد ما قبل الحمل لم تكن مهمّة وأنّ تأثيره البيولوجي الوحيد على الطفل كان من خلال جيناته.
دراسةٌ قلبت المفاهيم: يمكن للحمض النووي الميتوكوندري أن يورَّث من الأب لأبنائه
نعلم الآن أنّ العوامل البيئية يمكن أن تعدّل من حجم تعبير الجين وتُعرف هذه العملية بالتَّخَلُّق، بالإضافة لذلك فإنّ التعرّض للمواد الكيميائية والنظام الغذائي غير الصحّي يمكن أن يؤثّر على الحيوانات المنوية مع عواقب على الأجيال التالية.
واكتشف الدكتور (باتريك وسترن-Patrick Western) من معهد هدسون بأستراليا الدور الذي يلعبه الجين PRC2 في هذه العملية ونُشرت هذه النتائج في (BMC Biology)، وعلى الرغم من أنّ الدكتور وسترن كان هدفه فهم تأثير العوامل البيئية فقد استخدم الطفرة الوراثية كأداة لذلك.
«يحمل الحيوان المنوي نسخة واحدة فقط من الجينوم ولكن في معظم الأحيان وبواسطة النمو فإنّه يحتوي على اثنتين، وفي النهاية تمرّ بالانقسام الاختزالي وتتبقّى نسخة واحدة فقط».
بدأت بعض الحيوانات المنوية للفئران الّتي فحصها وسترن بنسخة سليمة من جين PRC2 بالإضافة إلى طفرة، بينما لم تحوِ الفئران الأخرى على نسخ صحّية، وعلى الرغم من أنّ النسخة السليمة من الجين قد حُذفت بواسطة الإخصاب، لا يزال لها إرث على الحيوان المنوي وهذا لم يُرَ أبدًا عند الفئران الّتي لم تحوِ على نسخة طبيعية من جين PRC2.
امتلكت الفئران المولودة من فئران مفتقرة لنسخ صحيّة من الجين PRC2 على بعض جيناتٍ تم تفعيلها وهي جينات تكون مُعطّلةً في الحالات الطبيعية، والعكس بالعكس، وتقدّم نموّها بمعدلات مختلفة عن نظائرها، وبدت هذه الفئران طبيعية عندما اكتمل نموّها ولكنّ وسترن أخبر (IFLScience) أنّ هذا قد حدث فقط لأنّ فريقه لم يقس الاستقلاب والسلوك لديها.
إنّ جين PRC2 هو جزء محفوظ بدرجة عالية من قبل الجينوم وهو موجود في ذباب الفاكهة وكذلك الثدييات.
كما قال وسترن في تصريحٍ له: «لقد أظهرنا الآن أنّ التغيّرات اللّاجينية المعتمدة على جين PRC2 يمكن أن تُورّث للأبناء من آبائهم ونستطيع البدء بالبحث فيما إذا كانت الأغذية أو بعض المواد الكيميائية قد تؤثّر بصورة إيجابية أو سلبية على وظيفة PRC2 وبالتالي على النمو عند الأبناء».
وأخيرًا يمكن أن يقود هذا الفهم إلى طرقٍ لتعطيل انتقال الصفات السلبية.
وبما أنّ جين PRC2 ليس الطريقة الوحيدة التي يمكن فيها لاعتلال الصحة أن ينتقل من الأب إلى الطفل فإنّ الجينات الأخرى المتأثّرة بالتخلّق قد تفعل ذلك حتّى ولو لم يتأثّر ذلك بعوامل معيّنة لنمط الحياة.
«وعندما يفكّر كلّ من الأب والأم في البدء بأسرة أو إضافة عضو جديد إلى العائلة يجب عليهما أن يعملا على أن يكونا أصحّاء قدر الإمكان».
- ترجمة: عدي بكسراوي.
- تدقيق: سلام طالب.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر