إذا أردنا مواجهة مشكلة التلوث بجسيمات البلاستيك ، فنحن بحاجة لمعرفة مكان هذه الأجزاء والجسيمات، وتقترح دراسة جديدة أن تكييف قياسات الأقمار الصناعية يمكن أن يكون إحدى الوسائل للقيام بذلك.
تعتمد تقديرات وجود جسيمات البلاستيك في المحيطات حاليًا على كشط مناطق محددة من المحيطات باستخدام الشباك وتقدير حركتها استنادًا لأنماط دوران المحيط.
عندما يتعلق الأمر بمعرفة مكان هذه الجسيمات البلاستيكية؛ فما زالت هناك مساحة كبيرة لتطوير فهمنا لكيفية حركتها بمرور الوقت. وهنا يأتي دور قراءات الأقمار الصناعية، خاصةً تلك المتعلقة بخشونة أسطح المحيطات المأخوذة من نظام الأقمار الصناعية لتتبع الأعاصير، إذ يبدو أن هذه الخشونة مرتبطة بوجود جسيمات البلاستيك.
يقول عالم الفضاء والطقس كريس راف من جامعة ميتشيغان: «كنا نأخذ قياسات الرادار لخشونة السطح هذه ونستخدمها لقياس سرعة الرياح، ونعلم أن وجود المواد في الماء يغير من استجابتها للبيئة. لذا خطرت لي فكرة القيام بالأمر عكسًا، أي استخدام تغيرات الاستجابة للتنبؤ بوجود مواد في الماء».
يعتقد راف وزملاؤه أن ما تلتقطه الأقمار الصناعية ما هي إلا مواد خافضة للتوتر السطحي (مركبات زيتية عادة ما ترافق جسيمات البلاستيك في الماء)، والتي تخفِض التوتر السطحي عند نقطة إلتقاء مياه المحيط بالهواء.
وجد الباحثون ارتباطًا قويًا عندما طابقوا قراءات الأقمار الصناعية وتنبؤاتهم مع القياسات الفعلية والنماذج الحالية لجسيمات البلاستيك في المحيطات، ما يشير لنجاح العملية.
هذا يعني أنه أصبح بالإمكان الحصول على صور أدق للتلوث بجسيمات البلاستيك في المحيطات. فعلى سبيل المثال، أظهرت قراءات الأقمار الصناعية وجود قمم بلاستيكية شمال الأطلسي وشمال المحيط الهادئ خلال أشهر الصيف في نصف الكرة الأرضية الشمالي، في حين بلغت التراكيز في نصف الكرة الجنوبي ذروتها في يناير وفبراير. وتعني طريقة التتبع الجديدة هذه أنه يمكن تحديد مصادر جسيمات البلاستيك بسهولة أكثر.
على سبيل المثال تظهر البيانات الجديدة طفرات في تراكيز جسيمات البلاستيك عند مصب نهر اليانغتسي، الذي اعتُقِد منذ وقت طويل أنه مصدر رئيسي لهذا النوع من تلوث المحيطات.
يقول راف: «الشك بمصدر تلوث جسيمات البلاستيك شيء، لكن رؤيته يحدث شيء آخر تمامًا».
ويضيف: «كانت بيانات جسيمات البلاستيك التي توفرت سابقًا ضئيلة للغاية، كلقطات موجزة غير قابلة للتكرار».
يُعتقَد أن ثمانية ملايين طن من البلاستيك تدخل المحيطات سنويًا؛ لذا فإن تنظيفها يُعَد إجراءً ضخمًا للغاية، ومن الممكن أن تساعدنا معرفة أماكن جسيمات البلاستيك وكيفية تحركها على إنجاز المهمة بسرعة وفاعلية أكبر، مع ضمان عدم استمرار تلوُث بيئتنا بالمزيد من البلاستيك الجديد.
من المرجح أن تكون درجات الحرارة وتيارات المياه المحلية (التي تؤثر في اختلاط طبقات المياه) مسؤولةً عن الاختلافات في تراكيز جسيمات البلاستيك، ويقول الباحثون إن قطع البلاستيك الصغيرة يمكن أن تسافر مئات آلاف الكيلومترات بواسطة الأمواج.
يحاول الباحثون بالفعل تنسيق شراكات مع منظمات تنظيف المحيطات لوضع البيانات ضمن حيز التنفيذ المفيد. ولكن أولًا، يجب أن تُراجع هذه القراءات ويُتحقق منها بالمزيد من القياسات الميدانية الفعلية.
قال راف: «ما زلنا في مرحلة مبكرة من عملية البحث، لكنني آمل أن يكون ذلك جزءًا من تغيير جذري في كيفية تتبع التلوث بجسيمات البلاستيك وإدارته».
اقرأ أيضًا:
لماذا لا نحرق البلاستيك في بيئة مغلقة لا تسمح للدخان بالانبعاث؟
ما مدى خطورة الأكياس البلاستيكية على البيئة؟
ترجمة: ربيع شحود
تدقيق: أسعد الأسعد