في بحث أجرته جامعة كاليفورنيا في دايفس، هو الأول من نوعه الذي يقترح أن الناس يضعون أهدافًا تتوافق مع سمات شخصياتهم. تتعلق أهداف الأفراد بكيفية تغير شخصياتهم تباعًا خلال حياتهم.
فحصت الدراسة أكثر من 500 طالب جامعي عند بداية دراستهم في الكليات، وأُعيد الفحص كل سنة خلال الجامعة، ثم بعد 20 عامًا، آخذين بعين الاعتبار أهدافهم المتعلقة بالإبداع أو نجاح سيرتهم المهنية أو تكوينهم لأسرة أو حصولهم على ثروة أو نشاطهم الديني والسياسي. ظلت أهداف طلاب جامعة كاليفورنيا في بيركلي –بقي الباحثون على تواصل مع نصفهم تقريبًا حتى عشرين عامًا– مستقرة نسبيًا بمرور الوقت، رغم حدوث بعض التغيرات الملحوظة.
تقول أوليفيا أثرتون مؤلفة الدراسة وطالبة الدكتوراه السابقة في علم النفس في جامعة كاليفورنيا في دايفس: «شكلت هذه الدراسة فرصةً فريدة لاختبار العلاقة بين شخصية الناس وأهداف حياتهم الأساسية. وجدنا أن شخصية المرء هي ما يحدد نوع هدف حياته الذي يقدّره، وتتغير شخصيته نتيجة متابعته للوصول إلى هدفه».
يؤكد الأشخاص الناجحون أهمية الأهداف
يقول الباحثون إن العديد من الأشخاص ذوي النجاحات المبهرة، مثل ألبرت أينشتاين، لاحظوا أهمية الأَهداف. قال أينشتاين ذات مرة: »إذا كنت تريد أن تعيش حياة سعيدة، اربطها بهدف، وليس بالناس أو الأشياء«. وحسب رأي الباحثين، كانت خصائص شخصية أينشتاين القوة الدافعة وراء تحديد أنواع الأهداف التي أراد تحقيقها.
كتب مؤلفو الدراسة: «إن ميل شخصية أينشتاين للإبداع والفضول والعقلانية ساهم في تحقيق أهدافه العلمية، إضافةً إلى أهدافه الجمالية، مثل شغفه بعزف الكمان».
تضمنت سمات الشخصية التي فحصها باحثو هذه الدراسة العوامل «الخمسة الكبرى» في علم النفس، وهي: العُصابية والانفتاح الاجتماعي والانفتاح على التجربة والتقبل والضمير. تميز هذه العوامل بين أغلب الأشياء التي تميز شخصيات الناس، وهي مرتبطة بطيف واسع من نتائج الحياة المهمة.
أجرى الباحثون فحوصًا لهذه السمات، مع النظر إلى أهداف المشاركين:
- الأهداف الجمالية: الرغبة في الإبداع والفن.
- الأهداف الاقتصادية: الرغبة في الحصول على عمل ناجح وثروة.
- أهداف عائلية أو خاصة بالعلاقات: الرغبة في الزواج والإنجاب.
- الأهداف السياسية: الرغبة في رؤية مدى تأثيرهم في الرأي العام.
- الأهداف الدينية: الرغبة في المشاركة في مؤسسات دينية.
- الأهداف الاجتماعية: الرغبة في مساعدة المحتاجين.
«وجدنا أنه من عمر 18 حتى 40 وسطيًا تزداد كل من سمتي التقبل والضمير، وتنخفض العصابية، ويَظهر تغير طفيف في الانفتاح على التجربة والانفتاح الاجتماعي».
تقل أهمية بعض الأهداف
ووجدوا أيضًا أن الناس يولون اهتمامًا أقل لجميع الأهداف عمومًا مع مرور الزمن، ما يشير إلى أن الأفراد يقلصون دائرة الأهداف التي يقدرونها مع تقدمهم في العمر، ربما لأنهم يحققون المنعطفات المهمة المرتبطة بهذه الأهداف، وعليه تصبح هذه الأهداف أقل أهمية.
يقول الباحثون: «قد يولي الناس في منتصف العمر أهمية أقل لبعض أهداف الحياة الرئيسية، وذلك لأنهم عندما يحددون نقاط قوتهم وقيودهم، سيرون أن بعض هذه الأهداف لم تعد تناسبهم».
وجد المؤلفون أن سمات الشخصية لها علاقة وثيقة بتطور الأهداف الرئيسية في الحياة مع الوقت. مثلًا، أولى الناس الذين زادت لديهم سمة التقبل وأصبحوا لطيفين ومتعاطفين أهميةً أكبر للأهداف العائلية والعلاقات العاطفية وللأهداف الاجتماعية أيضًا. أما الأفراد الذين أصبحوا أكثر مسؤولية وتنظيمًا وضبطًا لأنفسهم فيميلون إلى تقدير الأهداف الاقتصادية والعائلية.
اقرأ أيضًا:
هل يؤثر شكل الدماغ على السمات الشخصية ؟
ليس من السهل أن تغير شخصيتك بمفردك
ترجمة: ليلى حمدون
تدقيق: نغم رابي
مراجعة: أكرم محيي الدين