داء لايم هو مرض معدٍ تسببه جرثومة البورلية البرغدورفيرية Borrelia burgdorferi. تنتقل هذه الجرثومة إلى البشر عبر عضة القُراد أسود الأرجل Black-Legged Tick الحامل للعدوى، والذي يُعرف بقُرادة الغزال Deer Tick. تُصبح القرادة مصابةً بعد أن تتغذى على أنواع معينة من الغزلان والفئران المصابة.
تُعرف القرادة بأنها من الكائنات مفصلية الأرجل، وهي تعود لصنف العناكب. تمتص القرادة دماء الحيوانات، وتنقل الأمراض بواسطة نقل الدم الذي تحمله في فمها من مخلوق إلى آخر، وقد تمتص دم الإنسان أيضًا.
يجب أن تبقى القرادة على جلد الإنسان مدة تتراوح بين 24-48 ساعة حتى تنقل العدوى. معظم مرضى داء لايم لا يتذكرون أنهم تعرضوا لعضة القرادة.
وُجد داء لايم لأول مرة في بلدة أولد لايم Old Lyme في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدًا في ولاية كونيكتيكَت Connecticut عام 1975، وهو يُعتبر من أشيع الأمراض المنقولة عبر عضة القراد في كل من أوروبا وشمال غرب المحيط الهادئ والشمال الشرقي والمناطق العليا من الغرب الأوسط في الولايات المتحدة.
يُعد الأشخاص الذين يعيشون في الغابات أو يقضون أوقاتهم فيها أكثر عرضةً للإصابة بهذا المرض. والأشخاص الذين يملكون حيوانات أليفة ويسمحون لها بالخروج إلى الغابات والمناطق المليئة بالأشجار هم أيضًا في خطر مرتفع للإصابة بداء لايم.
أعراض داء لايم:
يحدث داء لايم في ثلاث مراحل: مرحلة موضعية مبكرة، مرحلة منتشرة مبكرة، مرحلة منتشرة متأخرة. وتعتمد الأعراض المشاهدة عند المريض على المرحلة التي يوجد فيها الداء.
المرحلة الأولى، الموضعية المبكرة:
تظهر أعراض داء لايم بعد أسبوع إلى أسبوعين من عضة القرادة. يُعد ظهور طفح جلدي هدفي يشبه “عين الثور” bull’s-eye rash أحد أولى العلامات في هذه المرحلة، والذي يدل على تضاعف الجراثيم وتكاثرها في مجرى الدم.
إنه طفح جلدي مميز؛ قد يكون دافئًا عند جسه لكن غير مؤلم أو مثير للحكة، ويحدث في موضع عضة القرادة على شكل بقعة دائرية مركزية حمراء محاطة ببقعة أخرى واضحة مع احمرار في الحواف. سيختفي هذا الطفح الجلدي بعد أربعة أسابيع.
الاسم العلمي لهذا الطفح هو “الحمامى المهاجرة” erythema migrans، ويُقال أنه علامة مميزة لداء لايم، ولكنه مع ذلك لا يظهر عند العديد من المرضى.
يظهر عند بعض المرضى طفح قاسٍ صلب لونه أحمر، بينما سيكون الطفح مشابهًا للكدمة عند المرضى ذوي البشرة السمراء.
المرحلة الثانية، المنتشرة المبكرة:
تحدث أعراض هذه المرحلة بعد عدة أسابيع من عضة القرادة، وتبدأ الجراثيم المسببة خلال هذه المرحلة بالانتشار في أنحاء الجسم. تتميز بأعراض مشابهة لأعراض الإنفلونزا، مثل:
- القشعريرة.
- الحمى.
- تضخم العقد اللمفاوية.
- التهاب الحلق.
- اضطراب في الرؤية.
- التعب والإرهاق.
- الألم عضلي.
- الصداع.
سيشعر المريض أيضًا خلال هذه المرحلة من مراحل داء لايم بأنه منهك. قد يظهر الطفح الجلدي في أماكن أخرى بعيدة عن منطقة لدغ القرادة، كما يمكن أن تظهر بعض العلامات العصبية مثل الخدر وحس الوخز، وقد يُصاب المريض أيضًا بشلل بيل Bell’s palsy.
يمكن أن يُصاحب هذه المرحلة في داء لايم حدوث بعض المضاعفات، مثل التهاب السحايا واضطراب التوصيل القلبي cardiac conduction disturbances.
المرحلة الثالثة، المنتشرة المتأخرة:
تحدث أعراض هذه المرحلة عندما لا تُعالج العدوى في المرحلتين الأولى والثانية، وذلك بعد عدة أسابيع أو أشهر أو سنوات من عضة القرادة. تتميز هذه المرحلة بحدوث ما يلي:
- صداع شديد.
- التهاب في المفاصل يصيب واحدًا أو أكثر من المفاصل الكبيرة.
- اضطرابات في نظم القلب.
- اضطرابات في الدماغ (اعتلال الدماغ)، وتضم اضطرابات الذاكرة والمزاج والنوم.
- فقدان قصير الأمد للذاكرة.
- صعوبة في التركيز.
- تشويش ذهني.
- مشاكل تتلو الكلام والمحادثات.
- خدر في الذراعين والساقين أو في اليدين والقدمين.
تواصل مع طبيبك على الفور في حال ظهور إحدى هذه الأعراض.
كيف يُشخص داء لايم؟
يُشخص داء لايم بدايةً عبر تقييم تاريخ المريض الصحي وسوابقه المرضية، ثم إجراء فحص سريري له.
يعتمد التشخيص على كشف الأجسام المضادة Antibodies في الدم، لكنها قد لا تظهر في المراحل المبكرة من المرض، لذلك تُجرى الاختبارات الدموية للكشف عنها بعد بضعة أسابيع من العدوى الأولية. قد يطلب الطبيب أيضًا الفحوص والاختبارات التالية:
- اختبار المقايسة الامتصاصية المناعية للإنزيم المرتبط؛ أي اختبار إليزا ELISA enzyme-linked immunosorbent assay، والمُستخدَم للكشف عن الأجسام المضادة الموجهة ضد جرثومة البورلية البرغدورفيرية.
- اختبار لطخة ويسترنWestern blot ، والذي يُستخدم لتأكيد إيجابية اختبار إليزا، فهو يتحقق من وجود أجسام مضادة نوعية لبروتينات الجرثومة.
- اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل PCR، والمُستخدَم لتقييم المرضى الذين يُعانون من التهاب مستمر ومتكرر في المفاصل أو الذين يمتلكون أعراضًا عصبية، ويُجرى هذا الاختبار على السائل المفصلي أو السائل الدماغي الشوكي.
كيف يُعالج داء لايم ؟
يكون أفضل علاج لداء لايم في المراحل المبكرة، ويُطبق عبر إعطاء جرعات بسيطة من المضادات الحيوية الفموية لمدة 14-21 يومًا لإزالة كل آثار العدوى. تتضمن الأدوية المستخدمة لعلاج داء لايم ما يلي:
- الدوكسيسيكلين doxycycline للبالغين والأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 8 سنوات.
- السيفيروكسيم cefuroxime والأموكسيسيلين amoxicillin للبالغين والأطفال الصغار والنساء المرضعات.
يُعالج داء لايم المستمر أو المزمن بالمضادات الحيوية الوريدية لمدة 14-21 يومًا، وبالرغم من أن هذا العلاج يُزيل العدوى، فإن الأعراض تتحسن ببطء شديد.
قد تستمر بعض الأعراض (مثل الألم المفصلي) بعد القضاء على الجراثيم دون معرفة السبب الكامن وراء ذلك، إذ يعتقد بعض الأطباء أن الأعراض المستمرة تحدث عند الأشخاص المعرضين لأمراض المناعة الذاتية.
كيف نمنع حدوث داء لايم؟ أو ما هي طرق الوقاية؟
منع حدوثه بشكل أساسي عبر تجنب التعرض لعضات القراد، وذلك باتباع الخطوات التالية:
- ارتدي السراويل الطويلة والقمصان ذات الأكمام الطويلة عندما تكون في الخلاء.
- اجعل منطقتك خالية من القراد، وذلك عبر تنظيف المناطق المشجرة وتقليص حجم الأشجار الصغيرة للحد الأدنى، ثم وضع الحطب في مناطق تصلها أشعة الشمس كثيرًا.
- استخدم مبيدًا للحشرات.
- كن حذرًا، افحص نفسك وأطفالك والحيوانات الأليفة التي لديك بحثًا عن القراد، ولا تعتبر أنك غير معرض للإصابة مرة أخرى؛ إذ يمكن لداء لايم أن يصيب الشخص نفسه أكثر من مرة واحدة.
- ابحث عن القرادة على جسمك من وقت لآخر، وأزلها باستخدام الملقط دون ترك أجزاء من فمها على جلدك.
- اتصل بالطبيب عند تعرضك أو تعرض أحد أقربائك لعضة القرادة.
اقرأ أيضًا:
داء ستيل في البالغين: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
داء البابسيات: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ما هو الإحصار القلبي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
شلل بيل أو شلل العصب الوجهي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
أمراضٌ شائعة لدى الأطفال على الأهل معرفتُها
ترجمة: يوسف الجنيدي
تدقيق: فارس سلطة
مراجعة: آية فحماوي