تتصرف بعض النجوم الميتة التي تدعى بالنجوم النابضة بغرابة أحيانًا، التي تعد نوعًا من الصحوة المفاجئة؛ إذ يحدث تسارع مفاجئ في سرعة دورانها ثم تتباطأ تدريجيًا لتعود إلى السرعة الطبيعية.
لسنا متأكدين من سبب ذلك؛ يعتقد العلماء إنه ناتج عن عمليات داخل تلك النجوم مثل الزلازل أو تغيّر في حركة الدوامات في السائل الفائق في مراكز تلك النجوم. ولكن هناك أنواع من الخلل تعد أكثر غرابة وتكون قصيرة جدًا بالنسبة إلى الخلل التقليدي المعروف في النجوم.
في بحث جديد، بقيادة الفيزيائي إنوسينت أوكوديلي إيا من جامعة نيجيريا، اقترح هو وفريقه تفسيرًا أكثر جرأة، وهو أن السبب وراء الخلل الصغير في تلك النجوم قد يكون جسيمات افتراضية تسمى: الكتل الصغيرة للجسيمات الغريبة.
وفقًا لما جاء في ورقتهم: «في هذا البحث، نقترح أن تصادم الكتل الصغيرة للجسيمات الغريبة مع النجوم النابضة، قد تُحدث بسهولة ذلك النوع من الخلل القصير. تعتمد خصائص الخلل على طاقة تلك الجسيمات».
النجوم النابضة نجوم مثيرة للاهتمام حقًا؛ فهي نوع من النجوم النيترونية أو أنوية لنجوم ميتة ذات كتل معينة ومن ثم وصلت لمرحلة انفجارات المستعرات العظمى، وتحدث تلك المرحلة في نهاية حياة النجوم.
للنجوم النابضة مجالات مغناطيسية عالية جدًا، ولها سرعة دوران كبيرة، وغالبًا ما تكون بمقاييس الملي ثانية، وتدور بطريقة تجعل اتجاه الضوء الصادر من أقطابها يظهر وكأنه ينبض مثل المنارة.
تنبض بعض تلك النجوم بانتظام لا يصدق؛ ما يجعلها مفيدة لبعض التطبيقات مثل حساب المسافات الفلكية وفهم الوسط بين النجمي والتحقق من انحناء نسيج الزمكان حول الثقوب السوداء. وقد تستخدم في تحديد المواقع -مثل ذلك الاستخدام الشائع على الأرض- ولكن بين النجوم.
سجل ما يقارب 190 نجمًا نابضًا خللًا من مجمل 2700 نجم نابض معروف؛ بينما سجّل 500 منهم خللًا تقليديًا. بشكل عام: تتباطأ النجوم النابضة جزئيًا عبر الزمن. ويعد الخلل صحوة تزيد من سرعة دوران النجم النابض.
في حين أننا غير متأكدين من سبب تلك الظاهرة، فإننا لسنا أكثر معرفة فيما يتعلق بالخلل القصير غير التقليدي.
قد يكون نتاجًا لنفس أسباب الخلل التقليدي ولكن بمقادير أصغر، ويحمل بعض منها خصائص سلبية وهو التباطؤ المعروف أيضًا باسم مضاد الخلل، وأكد الباحثون أنه لا يتوافق مع آليات الخلل التقليدية.
وفي تلك اللحظة تحديدًا تدخل الكتل الصغيرة للجسيمات الغريبة strangelets في الصورة. إنها جسيمات افتراضية لم نكتشفها بالفعل لكن اقترحها بعض العلماء لتكون مرشحًا لجسيم المادة المظلمة.
من المفترض أن تكون تلك المادة مكونة من الكواركات. ويعد ذلك شيئًا طبيعيًا لأن المادة المرئية تتكون نواة ذراتها من النيوترونات والبروتونات والتي تحتوي على ثلاثة كواركات. إن نكهات الكواركات هي التي تصنع الفارق.
للكواركات أنواع، تسمى النكهات والتي سُميت بأسماءٍ لا تقل عنها غرابة: الكوارك العلوي، والسفلي، والقمي، والقعري والساحر والغريب. يتكون البروتون من اثنين من الكواركات العليا وواحد سفلي. ويتكون النيوترون من اثنين من الكواركات السفلية وواحد علوي.
أما النكهات الأربع الأخرى، تُعد كواركات ثقيلة، وذلك لتحللها السريع لنكهات أخف في وقتٍ قصير، وهي لا تُرى إلا في مصادم الجسيمات.
ونقول افتراضًا أن الكواركات الغريبة قد تكون أكثر استقرارًا إذا ما دمجت بأعداد متساوية مع الكواركات العلوية والسفلية. مثل تلك الجسيمات المسماة بالكتل الصغيرة للجسيمات الغريبة، التي تعد قطعة صغيرة من مادة الكوارك الغريب، التي هي افتراضية أيضًا.
وقد تكون نشأة تلك الجسيمات مع نشأة البروتونات والنيوترونات في الكون المبكر، عندما تنامى وتباين ما يسمى «بحساء الكواركات» إلى المادة. إذا كان كذلك، فقد تكون معلقة في الكون إلى تلك اللحظة.
في عام 2009 زعم فريق مختلف من الفلكيين أن النجوم النابضة المصنوعة من الكواركات الغريبة قد تكون هي السبب وراء الخلل القصير الحادث ببعضها. ولكن كان لإيا وفريقه تفسيرًا مختلفًا.
بدراسة 299 نجمًا سجل خللًا قصيرًا، ووفقًا لحساباتهم قد يكون الأمر نتاجًا لتصادم الكتل الصغيرة للجسيمات الغريبة مع النجوم النابضة.
وإذا كانت تلك الجسيمات ما زالت معلقة بالفعل؛ فإنها قد تصطدم مع الأجرام النجمية، والنجوم النابضة ستكون مرشحًا جيدًا لإيجاد مثل تلك التصادمات -فإن لديها مجالًا جذبويًا قويًا، وستجعل نبضاتها المنتظمة، والتصادمات أكثر قابلية للكشف عن غيرها من النجوم النيوترونية غير النابضة.
قد تشرح التغيرات في طاقة اصطدام الكتل الصغيرة للجسيمات الغريبة كلًا من الخلل القصير الإيجابيّ والسلبيّ (الخلل المضاد).
وفقًا لما جاء به الباحثون في ورقتهم: «وفقًا لهذا الإطار، قد يؤدي تفاعل النجوم النابضة مع الكتل الصغيرة للجسيمات الغريبة إلى حدوث زلازل -أو تصدعات في القشرة- إذا كان التأثير قويًا بما يكفي.
قد تؤدي الصدمات التي تنتج عنها هزات سريعة في النجوم إلى زيادة مفاجئة في سرعة دورانها التي لوحظت على إنها خصائص التغيرات الإيجابية للخلل القصير. على النقيض، إذا كانت طاقة تلك الكتل الصغيرة للجسيمات الغريبة غير كبيرة بما يكفي لتسبب الزلازل، قد يؤدي التفاعل بينها إلى زيادة عمر القصور الذاتي للنجم، الذي يظهر في صورة انخفاض لسرعة دوران النجم مفاجئة التي رُصدت على أنها خلل قصير سلبي.
بالطبع يظل كل ذلك نظريًا فقط، وقد يزعم البعض خطأ تلك النظريات. ولكن من الصعب أن تتقدم في العلوم إذا لم تكن على الأقل منفتحًا لاكتشاف احتماليات جديدة. ويصعب اختبار صحة فرضية ما لم يكن لديك فرضية لاختبارها.
لذلك نحن في انتظار التطورات بذلك الشأن بفارغ الصبر.
اقرأ أيضًا:
الفيزيائيون يتوصلون إلى التقدير الأدق حتى الآن لحجم النجوم النيوترونية
علماء يكتشفون تشابها غريبا بين بنية الخلايا البشرية و النجوم النيوترونية
ترجمة: آية قاسم
تدقيق: محمد الصفتي