يُعرف خلل التوتر العضلي بأنه مجموعة من اضطرابات الحركة على هيئة حركات لا إرادية وانقباض مستمر في العضلات، مسببًا بذلك حركات التوائية ورعاش واتخاذ أوضاع شاذة.
يمكن أن يؤثر المرض على جميع أجزاء الجسم أو على بعض أجزاء الجسم، وأحيانًا يرتبط خلل التوتر العضلي بمهام محددة على سبيل المثال: الكتابة في حالة معَص الكتاب (تقلص يد الكتاب writer’s cramp).
بعض الحقائق السريعة عن خلل التوتر العضلي:
- لا يُعد خلل التوتر العضلي مرضًا واحدًا بل مجموعة من الاضطرابات.
- يوجد العديد من مسببات المرض مثل الأدوية ونقص الأكسجين oxygen deprivation وداء هنتنغتون.
- يعتمد التشخيص على مجموعة من الاختبارات وتقنيات التصوير الطبي.
- يعتمد العلاج على نوع خلل التوتر العضلي، لكنه بشكل عام يشمل الأدوية والعلاج الطبيعي والجراحة.
ما المقصود بخلل التوتر العضلي؟
خلل التوتر العضلي: هو حالة عصبية تقدمية تؤثر على الدماغ والأعصاب، وبالرغم من ذلك، لا تؤثر على القدرات العقلية أو الذاكرة أو قدرات التواصل. ويمكن للمرض أن يؤثر على جميع الفئات العمرية، لكن يشيع أكثر بين الفئة بين 40 إلى 60 عامًا.
طبقًا للجمعية الأمريكية لجراحي الأعصاب AANS: يوجد ما يقرب من 250000 شخص مصاب بالمرض في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو بذلك ثالث اضطرابات الحركة شيوعًا بعد الرعاش مجهول السبب وداء باركنسون.
يمكن للوراثة أن تلعب دورًا في المرض؛ إذ حُدد جين واحد مسؤول عنه. ومن الجدير بالذكر: توجد مسببات أخرى مثل بعض الأدوية وبعض الأمراض مثل سرطانات الرئة.
يشمل العلاج الدوبامين والمسكنات وأحيانًا الجراحات.
الأعراض
تتراوح الأعراض من الخفيفة إلى الشديدة، ويمكن أن تؤثر على أجزاء متعددة من الجسم.
تشمل الأعراض الأولية ما يلي:
- تشنجات في القدم.
- جَرّ الساق.
- تشنجات لا إرادية في جفن العين.
- صعوبة في الكلام.
- تقلصات لا إرادية في الرقبة تسبب سحب الرقبة في اتجاه ما.
تعتمد الأعراض بصورة كبيرة على نوع خلل التوتر العضلي، فيما يلي أشهر الأنواع:
التوتر العضلي العنقي
يُعرف أيضًا باسم الصعر أو انفتال العنق torticollis وهو أكثر الأنواع شيوعًا، يؤثر على جزء واحد فقط من الجسم، تُعتبر عضلات الرقبة الأكثر تأثرًا. تشمل الأعراض ثَني الرقبة والرأس وسحبهما للأمام أو للوراء أو للجانب. وتتراوح الأعراض من الخفيفة إلى الشديدة، وفي حال تكرار الشد العضلي والتشنجات وشدتها، يمكن أن تتفاقم الحالة مسببةً ألمًا وتيبّسًا.
تشنج الجفن
في هذه الحالة تصاب العضلات حول العين، وتشمل الأعراض:
- رهاب الضوء (حساسية الضوء)
- تهيُّج العيون.
- ترميشًا سريعًا (يحدث أحيانًا بشكل لا إرادي)
- غلق العين لا إراديًا
غالبًا، تزداد الأعراض سوءًا مع مرور الوقت. وفي الحالات الخطرة يصعب على المصابين فتح عيونهم لعدة دقائق.
خلل التوتر العضلي المستجيب للدوبامين
تحدث الأعراض بين 5 إلى 30 عامًا وتصيب الساقين. ويستجيب هذا النوع لدواء الليفودوبا levodopa (أحد أدوية الدوبامين).
تشمل أكثر الأعراض شيوعًا صعوبات في المشي مع ثني باطن القدم للأعلى، وفي بعض الحالات يمكن أن تتحول القدم للخارج عند الكاحل.
تشنج الوجه النصفي
تشنجات في نصف واحد من الوجه، وتزداد الأعراض سوءًا عند الضغط العصبي أو الإرهاق البدني.
خلل التوتر العضلي الحنجري
تشنجات في الحنجرة تسبب انخفاضًا في صوت المصاب مع تنفس أو اختناق أثناء الكلام (اعتمادًا على طريقة تشنج العضلات).
تشنجات الفك والفم
يصيب هذا النوع عضلات الفك والفم، مسببًا سحب الفم للخارج أو للأعلى. تظهر الأعراض عند بعض الأشخاص فقط عند استعمال عضلات الفم والفك، ومن ناحية أخرى، تظهر الأعراض عند البعض الآخر حتى دون استعمال تلك العضلات. وقد يعاني البعض من صعوبة في البلع.
خلل التوتر العضلي للكاتب/ تقلص يد الكتاب
يصيب هذا النوع الأشخاص كثيري الكتابة، ويسبب تشنجات وحركات لا إرادية في اليد والرسغ.
توجد أنواع أخرى مشابهة له (تعتمد على وظائف أو مهام محددة)، مثل خلل التوتر العضلي للموسيقي، وخلل التوتر العضلي للضارب على الآلة الكاتبة، وخلل التوتر العضلي للاعب الجولف.
خلل التوتر العضلي العام
يصيب الأطفال في بداية مرحلة البلوغ، تبدأ الأعراض أولًا في أحد الأطراف ثم تنتشر إلى بقية أجزاء الجسم.
تظهر الأعراض على شكل:
- شد عضلي.
- انثناءات غريبة في وضعية الجسم نتيجةً للتشنجات والشد العضلي في عضلات الأطراف والجذع.
- انحناء أحد الأطراف (أو القدم) للداخل.
- حدوث نفضات سريعة في بعض أجزاء الجسم.
خلل التوتر العضلي الانتيابي
يُعد نوعًا نادرًا يحدث على هيئة نوبات مشابهة لنوبات الصرع. لكن خلافًا لما يحدث في نوبات الصرع، يكون المريض مُدركًا لما يحدث حوله. في الغالب تستمر النوبة لبضع دقائق، وفي بعض الحالات قد تستمر لساعات. تشمل مسببات النوبة الضغط العصبي والإرهاق وتناول المشروبات الكحولية والقهوة والحركات الفجائية.
الأنواع
يمكن تقسيم خلل التوتر العضلي حسب مسبب المرض إلى ما يلي:
- خلل التوتر العضلي الأولي: يُجهل سببه ولا يرتبط بأمراض أخرى.
- خلل التوتر العضلي الثانوي: يرتبط بالجينات والتغيرات العصبية والإصابات.
يمكن تقسيم خلل التوتر العضلي تبعًا للجزء المصاب من الجسم:
- خلل التوتر العضلي البؤري: يصيب جزءًا واحدًا فقط من الجسم.
- خلل التوتر العضلي القِطعي: يصيب جزأين متصلين ببعضهما أو أكثر.
- خلل التّوتر العضلي متعدد البؤر: يصيب على الأقل جزأين أو أكثر غير متصلين ببعضهما.
- خلل التوتر العضلي العام: يصيب الساقين وأجزاء أخرى من الجسم.
- خلل التوتر العضلي النصفي: يصيب نصف الجسم.
أسباب خلل التوتر العضلي
تعتمد الأسباب على النوع (إذا كان المرض أوليًا أم ثانويًا).
أسباب خلل التوتر العضلي الأولي:
حتى الآن ما يزال السبب غير معلوم، لكن يعتقد بعض الخبراء بدور العقد القاعدية basal ganglia في ذلك؛ إذ تُعد المسؤولة عن الحركات اللاإرادية. ويُعتقد أن السبب في ذلك هو قلة إفراز النواقل العصبية أو إفراز النواقل العصبية الخاطئة. ويعتقد الباحثون أيضًا باحتمالية دور بعض الأجزاء الأخرى في الدماغ. كذلك يمكن أن تسبب الطفرات الجينية بعض أنواع خلل التوتر العضلي.
أسباب خلل التوتر العضلي الثانوي:
- أورام الدماغ.
- التسمم بأول أكسيد الكربون أو التسمم بالمعادن الثقيلة.
- نقص الأكسجين.
- الشلل الدماغي.
- داء هنتنغتون.
- التصلب اللويحي المتعدد.
- بعض أنواع العدوى مثل التهاب الدماغ والسل وفيروس نقص المناعة البشرية.
- السكتة الدماغية.
- إصابات الدماغ والعمود الفقري.
- داء ويلسون.
- داء باركنسون (يحدث داء باركنسون وخلل التوتر العضلي نتيجة لمشاكل في العقد القاعدية، لذلك قد تظهر الحالتان في نفس الشخص).
الأدوية المسببة لخلل التوتر العضلي:
في العادة يحدث خلل التّوتر العضلي عند التعرض مباشرةً لبعض الأدوية، ويسهل معالجة هذا النوع. لكن في بعض الأحيان يمكن أن يحدث المرض بعد التعرض للدواء بوقت طويل، وتُعرف هذه الحالة باسم خلل التوتر العضلي المتأخر tardive dystonia. يحدث هذا النوع عادةً بسبب أدوية مضادات الذهان neuroleptics التي تُستخَدم في علاج الأمراض النفسية ومشاكل المعدة والحركة.
الأدوية التي قد تسبب خلل التوتر العضلي:
- الأسيتوفينازين (التندال).
- اللوكسابين (الناكزولان/ اللوكسيتان).
- البيبيراسيتازين
- الثيوريدازين (الميلاريل).
- التريفلوبيرازين ( الستيلازين).
- التريميبرازين.
التشخيص
يُعتبر الفحص البصري للعلامات الأساسية جزءًا هامًا من عملية التشخيص. بالإضافة إلى ذلك سيحتاج المريض إلى إجراء بعض الاختبارات وطرح بعض الأسئلة؛ لتحديد إذا كان نوع المرض أوليًا أم ثانويًا. على سبيل المثال: فحص التاريخ الطبي والعائلي للمريض.
فيما يلي بعض الاختبارات التي قد تحدد نوع المرض:
تحليل الدم والبول: للكشف عن وجود تسمم أو عدوى، ولفحص أداء بعض الأعضاء مثل الكبد.
اختبارات الجينات الوراثية: لمعرفة الطفرات الجينية وبعض الأمراض مثل داء هنتنغتون.
التصوير بالرنين المغناطيسي: لتحديد تلف الدماغ والأورام.
فحص الليفودوبا: إذا زالت الأعراض سريعًا بعد أخذ جرعة من الليفودوبا فهذا يعني أن المرض ما يزال في مرحلة مبكرة.
وسائل العلاج المتاحة
الأدوية
- الليفودوبا: الخيار الأمثل للأشخاص الذين يعانون من خلل التوتر العضلي المستجيب للدوبامين؛ إذ يرفع هذا الدواء من مستويات الدوبامين، قد يسبب الدواء غثيانًا سرعان ما يزول بعد أن يعتاد جسم المريض على الدواء.
- البوتوكس (ذيفان الوَشِيقِيّة/ البوتيولينوم): يُعتبر من السموم، لكنه آمن إذا استُخدم بجرعة صغيرة جدًا. ويُعد العلاج الأولي لمعظم أنواع خلل التوتر العضلي؛ إذ يمنع نواقل عصبية محددة من الوصول للعضلات المصابة، ما يؤدي لمنع حدوث التشنجات. يُؤخذ العلاج على هيئة حقن، تستمر الجرعة الواحدة لثلاثة شهور، وقد يحدث بعض الألم المؤقت مكان الحقن.
- مضادات الكولين: تُستخدم كحاجز ضد الأستيل كولين، وهو ناقل عصبي يؤدي إلى حدوث التشنجات. لكن هذا الدواء قد لا يعمل دائمًا.
- مرخيات العضلات: يُوصف هذا الدواء في حالة فشل الأدوية السابقة عن العمل، ويعمل على رفع مستويات حمض الغاما -أمينوبيوتيريك GABA وهو ناقل عصبي يعمل على إرخاء العضلات. تشمل الأمثلة على هذا النوع من الأدوية الديازيبام والكلونازيبام (يمكن أن تؤخذ عن طريق الفم أو بالحقن).
العلاج الطبيعي
- الخدع الحسية: أحيانًا يمكن تخفيف الأعراض عن طريق لمس الجزء المصاب أو لمس جزء قريب منه. على سبيل المثال في الأشخاص المصابين بخلل توتري عضلي في الرقبة، يمكن للأعراض أن تتحسن أو تزول نهائيًا عند لمس الجزء الخلفي من الرأس أو جانبي الرأس. يمكن أيضًا استخدام الجبائر والدعامات باعتبارها جزءًا من الخدع الحسية.
- تحسين أوضاع الجسم: يعمل العلاج الطبيعي على تحسين وضع الجسم عن طريق البرامج التدريبية والدعامات. ويساعد الوضع الجيد للجسم في حماية العضلات والأنسجة وتقويتها.
الجراحة
في حال فشل وسائل العلاج السابقة. تشمل الجراحات المتاحة ما يلي:
- إزالة التعصيب المحيطي الانتقائي: يُستخدم عادةً للأشخاص المصابين بخلل التوتر العنقي. يشق الجراح جزءًا في الرقبة، ويقطع بعض النهايات العصبية المرتبطة بالعضلات المصابة. قد يفقد المريض شيئًا من الإحساس في الرقبة بعد العملية.
- التحفيز العميق للدماغ: تُحفَر ثقوب صغيرة في الجمجمة، وتدخل أقطاب كهربائية صغيرة من خلالها إلى أن توضَع في الكرة الشاحبة globus pallidus (وهي جزء من العقد القاعدية)، ثم يوصَل مولد نبضات بالأقطاب الكهربائية، ويُزرع مولد النبضات تحت الجلد، غالبًا في الصدر أو أسفل البطن.
يبعث مولد النبضات بإشارات إلى الكرة الشاحبة تساعد في منع النبضات العصبية غير الطبيعية الناتجة من العقد القاعدية. ولأن تقنية التحفيز العميق للدماغ ما تزال حديثة، ما تزال الآثار طويلة الأجل –الضار منها والنافع– غير معلومة.
اقرأ أيضًا:
الاعتلال العضلي الالتهابي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
الضمور العضلي أو الحثل العضلي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
الرمع العضلي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: شيماء ممدوح
تدقيق: تسنيم الطيبي
مراجعة: نغم رابي