أحد الأسباب الكامنة وراء إصابة الناس بفيروس نقص المناعة المكتسبة HIV باستمرار، هو أن الفيروس يأتي من سلالات مختلفة، ومن الصعب تصميم لقاح لفيروس نقص المناعة المكتسبة يعمل ضد جميع السلالات. مع ذلك، يُستخدم الآن اللقاح الذي حقق نتائج مشجعة ضد سلالات HIV في تايلاند لإنتاج استجابة مناعية أكبر للأشكال الشائعة الموجودة في جنوب أفريقيا؛ ما زاد الأمل في أن يكون فعالًا في أحد أكثر البلدان إصابةً بالإيدز.
لقد حولت العلاجات المختلفة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة من حالة بحكم الموت إلى حالة يمكن التحكم فيها، خاصةً عند الأشخاص القادرين على تحمل نفقات العلاج؛ ما أدى إلى تلاشي خطر الإصابة بالإيدز عند الشعوب الغنية.
مع ذلك، ما يزال فيروس HIV من أكبر القتلة على مستوى العالم؛ إذ يُودي بحياة مليون شخص تقريبًا كل عام، ويُجبر العديد من الأشخاص الآخرين على إنفاق المال -بشكل يفوق قدرتهم على التحمل- على الأدوية المختلفة لإبقاء أنفسهم على قيد الحياة.
وقد جُربت عدة نسخ تجريبية مع مستويات متفاوتة من النجاح، وتبين عدم وجود نسخة جاهزة للاستخدام على نطاق واسع، لكن تُعتبر النسخة المعدلة RV144 التي خفضت معدل الإصابة بنسبة 31% بالمقارنة مع الدواء الوهمي Placebo في التجارب التايلاندية بمثابة خطوة واعدة للعلاج.
تحوّر فيروس HIV وتغير كثيرًا في رحلاته العديدة، وهيمنت السلالات المختلفة منه في مناطق عديدة ومختلفة، أما السلالتان الشائعتان في تايلاند وجنوب أفريقيا والمعروفتان باسم صنف B وC على التوالي، فتختلفان اختلافًا كبيرًا.
أعطت الدكتورة غليندا غراي Glenda Gray من جامعة ويتواترسراند Witwatersrand University لقاح RV144 لمئة شخص غير مصابين بفيروس HIV من جنوب أفريقيا، وهو جزءٌ من التجربة مرحلة 1b واختبارٌ من أجل الأجسام المضادة للمستضد HIV ولاستجابة الخلايا التائية T cell.
في الواقع، كانت الاستجابات المناعية من جنوب أفريقيا أقوى قليلًا ضد فيروسات HIV من صنف C بالمقارنة مع الاستجابات من تايلاند ضد الصنف B. على سبيل المثال، يرتبط الجسم المضاد IgB الذي يُنتجه الأشخاص الذين أخذوا اللقاح بقوة أكبر في أنابيب الاختبار مع نسخ الفيروس التابعة للأشخاص من جنوب أفريقيا بالمقارنة مع النسخ للأشخاص التايلانديين.
وأشارت غراي في مجلة Science Translational Medicine الطبية إلى أن الاستجابات المناعية الأقوى حدثت بصرف النظر عن عمر أو جنس الأشخاص الذين أخذوا اللقاح، ويشير هذا إلى أنه في حال أُجريت تجربة مماثلة بين أهل جنوب أفريقيا؛ فإن الحماية من عدوى فيروس نقص المناعة المكتسبة سوف تكون بنفس القوة على الأقل.
وفي بعض الظروف، ما يزال اللقاح الذي يخفض العدوى بنسبة تقل عن الثلث يستحق أن يكون متاحًا على نطاق واسع، فهو لن يُنقذ أرواح المُحصنين فقط؛ بل سيوفر حصانة -كنها ضعيفة- للجميع؛ ما يؤدي غالبًا إلى انخفاض معدل انتقال العدوى بدلًا من ارتفاعه.
رغم ذلك، تبدو الأمور أكثر صعوبة مع فيروس نقص المناعة المكتسبة؛ لأن هناك قلق من أن الأشخاص الذين أخذوا اللقاح قد يكونون أكثر عرضةً للتورط بالسلوك المحفوف بالمخاطر مثل الفشل في استخدام الواقي الذكري.
بناءً على ذلك، سوف نحتاج إلى تحسين النسخة المعدلة RV144 قبل أن تُنشر على نطاق واسع في أي قارة، ويشير عمل غراي إلى أن الهدف يقترب كثيرًا.
اقرأ أيضًا:
نجاح العلماء بإزالة فيروس HIV (فيروس الإيدز) من المادة الوراثية للفئران
ترجمة: يوسف الجنيدي
تدقيق: مينا خلف