تعمل الأقمار الصناعية على رسم خرائط سريعة للمغرب في أعقاب الزلزال الكارثي في 8 سبتمبر 2023 وبلغت قوته 6.8 درجة. وستكون المعلومات التي تجمعها ضرورية للمستجيبين الذين يحاولون الوصول إلى البلدات والقرى المتضررة في جبال الأطلس الكبير.

ستوضح الصور الدقيقة من المدار الأماكن التي عانت فيها البنية التحتية أسوأ التأثيرات، ليس فقط المباني ولكن الطرق والجسور أيضًا. ويجب على عمال الإغاثة مواجهة الانهيارات الأرضية، وقد توضح لهم الصور الفضائية كيفية تجنب الطرق المحظورة.

وبالإضافة إلى البيانات المرئية التقليدية من الأقمار الصناعية، أصبحت أنواع أخرى من التحليل متاحة. إذ تكشف الخريطة التالية كيف ترنّحت الأرض استجابة للطاقات الهائلة التي انطلقت يوم وقوع الزلزال.

صورة الحد الأقصى للحركة بمقدار 15 سنتيمترًا بالنسبة للقمر الصناعي Sentinel-1a

صورة الحد الأقصى للحركة بمقدار 15 سنتيمترًا بالنسبة للقمر الصناعي Sentinel-1a

ويستند التقرير إلى ملاحظات القمر الصناعي Sentinel-1a التابع للاتحاد الأوروبي، التي جمعها الساعة 06:30 تقريبًا بتوقيت غرينتش يوم الإثنين في أثناء عبوره من الشمال إلى الجنوب فوق المغرب على ارتفاع 700 كيلومتر.

يحمل Sentinel أداة رادار قادرة على استشعار الأرض في جميع الأحوال الجوية، ليلاً ونهارًا، ويمسح روتينيًا المناطق المعرضة للزلازل في العالم، متتبعًا التغيرات الطفيفة في الارتفاع على السطح، لكن التغييرات التي حدثت يومها لم تكن طفيفة بكل تأكيد.

يستخدم الباحثون تقنية قياس التداخل لمقارنة وجهات النظر قبل وبعد:

  •  تبين الألوان الزرقاء على الخريطة حركة الأرض صعودًا، وبالنسبة للقمر الصناعي Sentinel تُعد تقصيرًا للمسافة بينه وبين سطح اﻷرض.
  •  تُظهر الألوان الصفراء أو البرتقالية مكان هبوط الأرض منذ آخر قياس في المرة السابقة.

وصلت أكبر حركة فردية نحو القمر الصناعي إلى 15 سنتيمترًا، وكان الحد الأقصى للانخفاض حوالي 10 سنتيمترًا.

لكن هذه التغيرات في الارتفاع ليست دقيقة، لأن Sentinel ينظر إلى الأرض من زاوية. وعليه فإن التشوهات الرأسية القصوى على السطح كانت أكبر قليلًا.

وبهذا النوع من التحليل، يستطيع العلماء تأكيد أن اتجاه الصدع المخفي في الشمال تسبب في الزلزال:

  •  لقد أُخفِي هذا الصدع بمعنى أن التمزق لم يقطع كل الطريق عبر الطبقات العليا من الصخور إلى السطح.
  •  الصدع الشمالي يخبرنا عن اتجاه الصدع، فإذا ما وُضعت كرة على التمزق، فسوف تتدحرج إلى الشمال.

يقول البروفيسور تيم رايت من جامعة Leeds: «ينحدر مستوى الصدع إلى الشمال من الفجوة بين البقع الزرقاء والصفراء على الخريطة ويصبح المستوى أعمق كلما توغلت تحت المنطقة الزرقاء».

في الجيولوجيا، نسمي الجزء الموجود فوق مستوى الصدع الجدار المعلق ونحصل على حركة أكبر في هذا من الجزء الموجود أسفل مستوى الصدع، والذي نسميه جدار القدم.

صورة لخريطة تدرجات قوة الزلزال

صورة لخريطة تدرجات قوة الزلزال

سيستخدم العلماء تحليلًا لقياس التداخل مثل هذا لمحاولة فهم الزلزال والمخاطر المستقبلية، وهذا مهم لأن هذه المنطقة بالذات لم تتعرض لزلزال كبير منذ فترة طويلة جدًا.

يقول البروفيسور رايت: «بالعودة إلى عام 1980، وزلزال El Asnam الكبير جدًا (الذي بلغت قوته سبع درجات) في الجزائر، واستغرق الأمر عملًا ميدانيًا مكثفًا جدًا لإثبات أن الزلزال كان نتيجة خطأ بنظام إخفاء الصدع».

في الماضي كان الجيولوجيون يذهبون لتفقد الأرض بأنفسهم لجمع نفس المعلومات التي يقدمها Sentinel الآن، وتحت إدارة مركز كوميت في المملكة المتحدة (مركز رصد الزلازل والبراكين والتكتونيات ونمذجتها)، بالإمكان أتمتة نوع التحليل الموضح أعلاه، وإخراج خرائط قياس التداخل في غضون ساعات من عبور Sentinel.

وقد انضمت المملكة المتحدة مجددًا إلى نظام Copernicus لمراقبة الأرض في الاتحاد الأوروبي في 7 سبتمبر 2023، ما سيسمح للعلماء البريطانيين مرة أخرى بتولي أدوار قيادية في تطوير الأقمار الصناعية مثل Sentinel-1.

اقرأ أيضًا:

ما هو الزلزال ؟

كان الزلزال الأخير عنيفًا جدًا.. لقد شطر صفيحة تكتونيّة لقسمين

ترجمة: رهف الناصر

تدقيق: يوسف صلاح صابوني

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر