اكتُشف بدايةً في الهالة المحيطة بالشّمس وبعدها متسرّبًا من جبل فيزوف البركانيّ غرب مدينة نابولي الإيطالية، كما يُعتبر ثاني أكثر العناصر انتشارًا في الكون.
إنّه الهيليوم يا سادة!
غازٌ بلا رائحة ولا لون ولا طعم، وعلى الرّغم من خموله فإنّه ليس بالعنصر المملّ أبدًا، فله ألف استعمال واستعمال، بدءًا من الموصلات الفائقة ومرورًا ببالونات الاحتفالات، وصولًا إلى مُصادم الهدرونات الكبير.
تُعطيه كثافته المنخفضة مميّزات عديدة، فهو يطفو في الهواء لأنّه أخفّ منه، كما أنّ استنشاقه يزيد من اهتزاز الحبال الصّوتيّة فيعطي مستنشقه صوتُا كوميديًا مضحكًا جدًا.
(تحذير: تكرار تجربة استنشاق الهيليوم سيستبدل الأوكسجين في رئتيك بغاز ضارّ بجسمك وقد يؤدّي إلى وفاتك، لكن لا ضير من المحاولة لمرة أو اثنتين)
فلننطلق الآن كي نتعرّف على خصائص الهيليوم والّتي يمكن تلخيصها بالنّقاط التّالية:
- العدد الذري: 2
- الرمز: He
- الكتلة الذّريّة: 4.0026 غ·مول−1
- الكثافة: 0.1786 غ/ل
- الحالة الفيزيائيّة عند حرارة الغرفة: غاز
- درجة الانصهار: 272 درجة مئوية تحت الصفر
- درجة الغليان: 268.93 درجة مئوية تحت الصفر
- أكثر نظائره انتشارًا: 3He هو نظير مستقرّ وله 1 نيوترون، و 4He هو نظير مستقرّ وله 2 نيوترون
اكتشافه في الشّمس
يوم الثّامن عشر من شهر آب أغسطس حجب كسوف كامل قرص الشّمس وقد كان عالم الفلك الفرنسيّ بيير جانسن من أوائل متتبعي ذلك الكسوف في الهند لقياس غلاف الشّمس الجوّي المعروف بالكروموسفير.
فلاحظ جانسن في غلافها خطًّا أصفر مختلفًا عمّا عهده من قبل، كان طوله الموجيّ يبلغ حوالي 587 نانومتر وقد فشل العالم الفرنسيّ بتحديد مصدره.
مرّ شهران من الزّمن حتى لاحظ الفلكيّ البريطانيّ السير نورمان لوكيير نفس الخط أثناء مراقبته كسوفًا آخر في لندن.
فراجع لوكيير اكتشافه مع الكيميائيّ ادوارد فرانكلاند واتّفقا على أنّ ما وجداه ما هو إلّا عنصر جديد لم يُكتشف بعد، فقرّرا تسميته هيليوم، تيمنًا بإله الشمس هيليوس معبود الإغريق القدامى.
تكرّرت هذه الحوادث بعد عقد ونصف من الزّمن تقريبًا، لكن في هذه المرّة كان الحدث أرضيًا، فقد لوحظ نفس اللّون الأصفر بنفس الطّول الموجيّ منبعثًا من جبل فيزوف وقد استغرقت دراسة تلك الظّاهرة 15 سنة، حتى نجح العلماء بالنهاية بتأكيد اكتشاف الهيليوم على الأرض، محدّدين كتلته الذّريّة والفضل بذلك يعود للكيميائيين السويديين بير تيودور كليف و نيلز لانجر.
يشكّل الهيليوم 5 أجزاء بالمليون من غلافنا الجوّي، لذلك فمن الطّبيعي ألّا يكون الهواء مصدره، فهو يُستخرج من آبار الغاز الطّبيعي ويُستخدم في العديد من المجالات، منها تبريد مُصادم الهدرونات الكبير وماكينات التّصوير بالرّنين المغناطيسي، كما يُعتبر منقذًا للمختبرات الّتي تقوم بتجارب علميّة تحتاج لدرجة حرارة منخفضة وذلك لسهولة تبريد الهيليوم لدرجات حرارة تُقارب الصفر المُطلق (الهيليوم عنصرٌ خاملٌ لا يتفاعل).
تنتج الولايات المتّحدة 75% من الإنتاج العالميّ للهيليوم وتتبعها في المرتبة الثّانية دولة قطر.
معلومات غريبة عن الهيليوم
- تحتفظ الولايات المتّحدة بمخزون استراتيجي من الهيليوم يبلغ 40% من حاجتها السّنويّة له في ولاية تكساس.
- الهيليوم من الغازات النّبيلة، وهي عائلة من الغازات غير المتفاعلة، و تضم إضافة إليه: النيون، الأرغون، الكريبتون، الزينون والرادون.
- يتشكّل الهيليوم بانحلال بعض المواد المُشعّة في باطن الأرض.
- باءت كلّ محاولات إجبار الهيليوم على التّفاعل كيميائيًّا بالفشل ومن المرجح أنْ تفشل كلّ المحاولات اللّاحقة لتحقيق هذه الغاية.
التّجارب الحاليّة:
عندما يُبرّد الهيليوم لدرجة حرارة قريبة من الصفر المُطلق، يتحول إلى سائل بخصائص غريبة يتصرّف عكس الجاذبيّة والقوانين الفيزيائيّة ممتلكًا ميوعة فائقة، وهذا الأمر يُعتبر اليوم من أكثر المواضيع الفيزيائيّة إثارة وغموضًا في المختبر.
- ترجمة: عصام فواز
- تدقيق: سهى يازجي
- تحرير: كنان مرعي
- المصدر