هل هناك عنصرٌ يوقظ في الذهن مفهوم القوة مثل التيتانيوم؟ سُمي على اسم تيتان، آلهة الأساطير اليونانية، وهو العنصر الثاني والعشرون في الجدول الدوري، نجده في الطائرات وعصي اللاكروس، وفي ثقوب الجسم (body piercing)، والمعدات الطبية، وحتى في الواقيات الشمسية.
يقاوم التيتانيوم التآكل، وأهم ما يميزه صلابته وخفة وزنه، ووفقًا لمختبر لوس آلاموس الوطني فهو بصلابة الفولاذ، وبوزنٍ يعادل 45 % من وزن الفولاذ فقط، وإنَّ صلابته ضعف صلابة الألمنيوم، إلا أنه أثقل بنسبة 60%.
خواص التيتانيوم:
العدد الذري (عدد البروتونات في النواة): 22
رمز العنصر (على الجدول الدوري للعناصر): Ti
الكتلة الذرية (متوسط كتلة الذرة): 47.867
الكثافة: 4.5 غ/ سم مربع
الحالة في درجة حرارة الغرفة: صلبة
نقطة الانصهار: 5948 فهرنهايت أو 3287 درجة مئوية
نقطة الغليان: 5948 فهرنهايت أو 3287 درجة مئوية
عدد النظائر: 18 نظيرًا، بينهم خمسة نظائر مستقرة
النظائر الأكثر شيوعًا: التيتانيوم-46، والتيتانيوم-48، والتيتانيوم-49، والتيتانيوم-50
العنصر الخارق:
للتيتانيوم قصة أصلٍ منسجمة مع كونه عنصرًا بقوةٍ خارقة: تكوّن في عمق المستعر الأعظم، أو النجوم المنهارة.
وجدت دراسةٌ عام 2012 حول المستعر الأعظم عام 1987، أنه من الممكن لأحد المستعرات العظمى أن يشكّل 100 من المعادل الأرضي للتيتانيوم- 44 من حيث الكتلة، وهو النظير المشع للتيتانيوم.
وفقًا لـ Chemicool، فإن التيتانيوم هو تاسع معدنٍ من حيث الوفرة في قشرة الأرض، إلا أنه لم يُكتشف حتى عام 1971.
اكتشف الجيولوجي الإنكليزي الهاوي القس (ويليام جريجور – (William Gregor بعضًا من الرمل المعدنيّ الأسود في قاع مجرى لنهرٍ موسميّ، محللًا إياه ومكتشفًا أنه مزيجٌ من الماغنتيت (الشكل الشائع لأكسيد الحديد) ومعدن جديد أُطلق عليه اسم (ماناكانيت – (manaccanite نسبة للأبرشية التي اكتُشف فيها هذا الرمل.
بعد أربع سنواتٍ درس عالمٌ ألماني يُدعى مارتن (هينريخ كلابروث – (Martin Heinrich Klaproth معدنًا خامًا من المجر، وتبين له عند تحليله أنه يحتوي عنصرًا كيميائيًا لم يُصَف مسبقًا، سمّاه التيتانيوم، وأكد لاحقًا أن ماناكانيت جريجور كان يحتوي على التيتانيوم أيضًا.
وفقًا للجمعية الملكية للكيمياء (RSC)، فقد كان موظف شركة جنرال إلكتريك م. أ. هونتر أول من استخلص التيتانيوم بشكله الخالص.
اخترع ويليام .ج. كرول عمليةً لم تكن موجودة حتى ثلاثينيات القرن العشرين، والتي جعلت استخراج التيتانيوم ممكنًا على مقياسٍ صناعيّ.
تقوم عملية كرول بمعالجة أكسيد التيتانيوم الخام مع الكلور منتجةً كلوريد التيتانيوم، من ثم يُمزج المغنزيوم أو الصوديوم مع كلوريد التيتانيوم في غاز الأرغون (ما يسمح للأوكسجين أن يصبح شديد الانفجار ضمن هذه العملية، وهذا ما يجعل التيتانيوم شديد التفاعل مع الأوكسجين، وذلك وفقًا للجمعية الملكية للكيمياء) وتحت حرارة 2192 فهرنهايت (1200 درجة مئوية) يختزل المغنزيوم أو الصوديوم كلوريدَ التيتانيوم إلى التيتانيوم الصرف.
وفقًا للجمعية الملكية للكيمياء فإنَّ هذه العملية أقل كفاءة بـ 10 آلاف مرة من العملية المُستخدمة في إنتاج الحديد، وهذا يفسر سبب غلاء ثمن التيتانيوم.
يُعتبر التيتانيوم معدنًا انتقاليًا؛ بمعنى أن له القدرة على تشكيل روابط باستخدام إلكترونات من أكثر من واحدة من طبقاته أو مستوياته الطاقية، ويتشارك في هذه الميزة مع المعادن الانتقالية الأخرى، بما فيها الذهب والنحاس والزئبق.
هل تعلم؟
وفقًا للجمعية الملكية للكيمياء، تحتوي جميع الصخور النارية (الصخور المتشكلة من تجمد الصخور المنصهرة) على التيتانيوم تقريبًا.
وفقًا للشركة المصنعة للبوينغ 737 دريم لاينر، فإنها مكونة مما نسبته 15 % من التيتانيوم.
يدور التيتانيوم حول الكوكب الآن؛ وفقًا لناسا، فإن المحطة الفضائية الدولية تتركب في عدد من أجزائها من التيتانيوم، بما في ذلك الأنابيب.
نقل مشروع روزيتا (مغامرةٌ بحثيةٌ وأرشيفية بهدف حفظ اللغات والفكر الإنسانيّ) قطعة محفورة من التيتانيوم الخالص خارج المحطة الفضائية الدولية لمعرفة مدى قدرته على مواجهة الإشعاع والبيئة القاسية للفضاء.
إنَّ الأرض ليست المكان الوحيد الذي يوجد فيه التيتانيوم، كشفت خريطة أحد الأقمار الصناعية لسطح القمر عن وجود عناقيد من صخور غنية بالتيتانيوم، احتوت هذه الصخور في الغالب على أكثر من 10% تيتانيوم، مقارنة بالصخور المشاهدة على الأرض والتي تحتوي على 1% تيتانيوم فقط.
يمكن استعمال التيتانيوم كمادة خام في الطباعة ثلاثية الأبعاد، قام باحثون من الكومنويلث الأسترالي (منظمة أبحاث صناعية وعلمية) بطباعة ثلاثية الأبعاد لزوجٍ من حدوات الخيل خفيفة الوزن من التيتانيوم والمخصصة لسباقات الخيل، وكانت الحدوات بلونٍ ورديٍّ غامقٍ أنيق.
ثاني أكسيد التيتانيوم (TiO2)
يُدعى أيضًا بأكسيد التيتانيوم الرابع أو التيتانيا، وهو الشكل الطبيعي لأكسيد التيتانيوم، يُستخدم ثاني أكسيد التيتانيوم في الطلاءات بصبغته البيضاء (كأبيض التيتانيوم، أو الصباغ الأبيض 6)، يُستعمل أيضًا في الواقيات الشمسية لقدرته على كسر الضوء وامتصاص الأشعة فوق البنفسجية.
وفقًا للمسح الجيولوجي الأمريكي، فإن 95% من التيتانيوم المُستخرج يُحوّل إلى أصبغة ثاني أكسيد التيتانيوم، بينما تدخل الـ 5% المتبقية في صناعة المواد الكيماوية والمعادن والكاربايد والطلاءات.
يُستخدم ثاني أكسيد التيتانيوم أيضًا بشكل شائع في الأدوية ومستحضرات التجميل ومعجون الأسنان. ويُستعمل على نحو متزايد كإضافات طعامية (مثل E171) لتبييض المنتجات أو جعلها تبدو غير شفافة.
تتضمن المنتجات الغذائية الأكثر شيوعًا المضاف إليها الـ E171 المجمدات، والعلكة، والمارشميلو، والمكملات الغذائية.
لا توجد قيود على استعمال ثاني أكسيد التيتانيوم في المنتجات الغذائية، إلا أن دراسة حديثة على الفئران -نُشرت في مجلة Gut- أظهرت أنَّ جزيئات ثاني أكسيد التيتانيوم قد تكون ضارة جدًا بأمعاء أولئك الذين يعانون من بعض أمراض الأمعاء الالتهابية.
وجد الباحثون في جامعة زيوريخ في سويسرا أنه عندما تمتص خلايا الأمعاء جزيئات ثاني أكسيد التيتانيوم، فإن الغشاء المخاطي المعوي للفئران الذين يعانون من التهاب القولون يلتهب ويتضرر، وذلك وفقًا للتقرير الصحفي للدراسة.
تزايدت الأمراض الالتهابية المعوية مثل داء كرون والتهاب القولون التقرحي في الدول الغربية لعدة سنوات، تتميز هذه الحالات برد فعلٍ مناعيّ ذاتي كبيرٍ للفلورا المعوية (النبيت المعوي).
تلعب عدة عوامل دورًا في تطور المرض، بما في ذلك المؤثرات الوراثية والبيئية مثل أسلوب الحياة والتغذية، وجد الباحثون السويسريون حاليًا أنَّ جزيئات ثاني أكسيد التيتانيوم النانومترية (الصغيرة جدًا)، -والموجودة بشكل شائع في معجون الأسنان والعديد من المنتجات الغذائية- من الممكن أن تحرّض رد فعل التهابيًا كبيرًا.
بالإضافة إلى ذلك، فإننا قد نجد تراكيز كبيرة من جزيئات ثاني أكسيد التيتانيوم في دم المرضى ممن يعانون من التهاب القولون التقرحي، وهذا يعني أنَّ هذه الجزيئات يمكن أن تمتص من الأطعمة تحت بعض الشروط المرضية، والتي وضّحها الباحثون في البيان الصحفي.
ومع ذلك، لم يُتحقّق من النتائج عند البشر حتى الآن، ويقترح الباحثون أنه ينبغي على المرضى الذين يعانون من التهاب القولون أن يتجنبوا ابتلاع جزيئات ثاني أكسيد التيتانيوم.
يُعتبر التيتانيوم معدنًا خفيفًا وقويًا، ويُستعمل عادة في الأدوات، والماكينات، والمعدات الرياضية، والمجوهرات.
الأبحاث الحالية:
يقول جاي نارايان، عالم المواد في جامعة ولاية كارولينا الشمالية، إنَّ للتيتانيوم مجموعة مذهلة من الوظائف في العالم التقنيّ، من تطبيقات الخلية الشمسية إلى الحساسات المتوافقة حيويًا.
ذكر نارايان وزملاؤه طريقة لضبط ثاني أكسيد التيتانيوم، وخصصوها لتطبيقاتٍ معينة، يوجد لهذه المادة تركيبان بلوريان، يُدعيان روتيل، وأناتاز، ولكلٍ منهما صفاته الفريدة ووظائفه.
يكون التيتانيوم بشكل الأناتاز في درجات الحرارة تحت 932 فهرنهايت (500 درجة مئوية)، ويتحول إلى شكل الروتيل في درجات الحرارة الأعلى.
قال نارايان وزملاؤه في مجلة journal Applied Physics Letters إنه كان باستطاعتهم -وعبر نمو ثاني أكسيد التينانيوم بلورة بلورة واصطفافها على قالب من ثلاثي أكسيد التيتانيوم- تحديد مرحلة المادة في درجة حرارة الغرفة كروتيل أو أناتاز، وفي خطوة أكبر استطاع الباحثون دمج ثاني أكسيد التيتانيوم هذا مع الرقاقات الحاسوبية.
قال نارايان لـ :Live Science «كونه مادة حساسة جدًا، فإن دمج أكسيد التيتانيوم مع الرقاقات الحاسوبية يمكن أن يخدم كحساساتٍ ذكية».
وبوجود الحساس كجزءٍ من الرقاقة، يمكن أن يستجيب الجهاز بشكل أسرع وأكثر كفاءة إذا ما كان الحساس منفصلًا ويتطلب ربطه بالأجزاء الحاسوبية للجهاز.
قال نارايان إنَّ جلب المنتج إلى السوق يتطلب تكاليف صناعية لإحضاره، إلا أن ثاني أكسيد التيتانيوم المضبوط يعد بآفاق أخرى أيضًا.
يمكن للباحثين -عبر ضرب المادة بنبضات ليزرية عالية الطاقة- إحداث عيوب صغيرة ضمنها، تُدعى الثقوب الأكسيجينية، حيث تفتقد المادة عندها جزيئات الأكسجين، من ثم يمكن استخدام المادة لفصل جزيئات الماء عبر نزع الأكسجين والإبقاء على الهدروجين، من ثم يمكن استخدامه لصناعة الوقود الهدروجيني.
قال نارايان: «إنه يشكل مصدرًا رخيصًا ونظيفًا للطاقة».
تُوسع الطرق الصناعية والهندسية الجديدة من استعمالات التيتانيوم، أعلن مركز البحث البحري عام 2012 عن طريقة جديدة للحم التيتانيوم لإنتاج هيكل سفينةٍ بحجمٍ كامل، ووفقًا للبحرية، سيكون هذا البناء إنجازًا هامًا؛ بسبب غلاء التيتانيوم وصعوبة استخدامه في صناعة السفن.
تستخدم الطريقة الجديدة المسماة «اللحام بالاحتكاك» وتدًا معدنيًا دوارًا لصهر حواف قطعتي التيتانيوم معًا.
تُستخدم زرعات التيتانيوم طبيًا لتعويض أو تثبيت العظم المكسور، وتُستخدم زرعات التيتانيوم الصغيرة بشكل كبير لتحسين السمع في بعض حالات الصمم؛ إذ تُغرس براغي التيتانيوم ضمن الجمجمة خلف الأذن وترتبط بوحدة معالجة صوتية خارجية.
تلتقط الوحدة الخارجية الأصوات وتحول الاهتزازات إلى الأذن الداخلية عبر زرعات التيتانيوم، مجتازة أي عائق ضمن الأذن الوسطى.
أعلن الباحثون عام 2010 عن تطوير ما يُسمى Tifoam؛ وهو عبارة عن هيكل من رغوة البولي أوريثان والمشبعة بمسحوق التيتانيوم، يحاكي هذا الهيكل المثقّب العظام البشرية ويسمح للخلايا العظمية بالنفوذ والاندماج بالغرسة، وهذا وفقًا لدراسة أجريت عام 2013 على المادة ونُشرت في مجلةActa Biomaterialia.