آيو: أحد أقمار كوكب المشتري ، وهو أكثر جرم نشط بركانيًا في النظام الشمسي ، يقذف الكبريت إلى ارتفاع قد يصل إلى 300 كيلومتر، وتغطي سطحه الكثير من بحيرات الحمم البركانية والسهول الفيضية من الصخور المنصهرة. وقد رصد علماء الفلك نحو 150 بركانًا على سطح هذا القمر ، بعضها انفجر وقذف بالحمم نحو الفضاء إلى ارتفاع 400 كيلومتر. تغطي البراكين سطح آيو، وما زال العلماء يلاحظون ظهور نقاط ساخنة جديدة بين الفينة والأخرى عند رصدهم لهذا القمر. على سبيل المثال: عثر مسبار جونو -التابع لوكالة ناسا الذي يدور حاليًا حول كوكب المشتري- على نقطة ساخنة جديدة محتملة، على آيو، بتاريخ 16 كانون الأول عام 2017.
آيو بالأرقام
العمر: يبلغ عمر آيو نحو 4.5 مليار عام، وهو بنفس عمر المشتري.
المسافة من المشتري: آيو خامس الأقمار بالنسبة للمشتري. وهو أقرب الأقمار الغاليلية إلى المشتري. يبلغ متوسط المسافة المدارية نحو 422,000 كيلومتر ويستغرق آيو نحو 1.77 يومًا أرضيًا لإكمال دورة واحدة حول المشتري. يسيطر على آيو تقييد مدّي لذلك يواجه الجانبُ نفسَه المشتري دائمًا.
الحجم: يبلغ متوسط نصف قطر آيو، نحو 1,131.7 ميل، ما يجعله أكبر بقليل من قمر الأرض. وله شكل بيضاوي طفيف، يتجه أطول محور له نحو المشتري. ومن بين الأقمار الغاليلية، يُعد آيو الثالث خلف جانيميد وكاليستو، لكنه متقدم على قمر أوروبا من ناحية الكتلة والحجم.
درجة الحرارة: يبلغ متوسط درجة الحرارة على سطح آيو حوالي 130 درجة مئوية تحت الصفر، ما يؤدي إلى تكوين حقول ثلجية من ثاني أكسيد الكبريت. لكن براكين آيو يمكن أن تصل حرارتها إلى 1646 درجة مئوية. غالبًا ما يُشار إلى آيو على أنه جرم سماوي من الجليد والنار.
اكتشاف آيو:
كان آيو أول أقمار المشتري التي اكتشفها غاليليو غاليلي في 8 كانون الثاني عام 1610. في الواقع اكتشف القمر في اليوم السابق، لكنه لم يستطع التفريق بين آيو، وأوروبا (قمر المشتري الأخر) حتى الليلة التالية.
لقد اكتشفه إلى جانب ثلاثة من أقمار المشتري الأخرى، وكانت هذه أول مرة يُكتشف قمر يدور حول كوكب آخر غير الأرض. أدى اكتشاف غاليليو في نهاية المطاف إلى فهم أن الكواكب تدور حول الشمس، بدلًا من الفكرة السائدة آنذاك أن الأرض هي مركز الكون وكل شيء يدور حولها.
أشار غاليليو لأول مرة لهذا القمر باسم (المشتري الأول-Jupiter1). وفي منتصف القرن التاسع عشر، أُعيدت تسمية القمر باسم (آيو-Io). في الأساطير الإغريقية، كانت آيو كاهنة هيرا (زوجة زيوس) وابنة (إيناخوس-inachus)، ملك أرغوس. وقع زيوس (نظير الإله الروماني جوبيتير) في حبها، لكنه حولها إلى بقرة لتجنب القبض عليها من قبل زوجته هيرا أو (جونو).
جالت العديد من المسابير الفضائية حول كوكب المشتري وأقماره. ووصل مسبار بايونير 10 لأول مرة، في عام 1973، تبعه بايونير 11 في عام 1974. وأرسلت مسابير فوياجر 1 و2 صورًا مدهشةً أثناء مرورها بالكوكب. وحلقت المركبة الفضائية غاليليو، على ارتفاع أقل من 261 كيلومتر فوق أسطح الأقمار الغاليلية، وأظهرت صورًا مفصلة لها.
خصائص آيو:
تتكون الأجزاء الداخلية من آيو، من قلب من الحديد أو كبريتيد الحديد وطبقة خارجية من سيليكات بنية اللون، ما يعطي رقعًا برتقاليةً وصفراء وسوداء وحمراء وبيضاء. واستنادًا إلى بيانات من نماذج الكمبيوتر العلمية، تشكل آيو في منطقة حول المشتري حيث كان جليد الماء وفيرًا. إن حرارة آيو، إلى جانب إمكانية وجود الماء عليه بعد فترة وجيزة من تشكله، يمكن أن تجعل الحياة ممكنة، على الرغم من أن إشعاع المشتري من شأنه أن يزيل المياه عن السطح.
إن أهم ما يميز القمر هو البراكين. وبصرف النظر عن الأرض، فإن آيو، هو الجرم الوحيد المعروف في النظام الشمسي الذي لوحظت البراكين النشطة على سطحه. وإن غاليليو كان قد أدلى ببعض الملاحظات الغامضة التي تستنتج احتمالية وجود النشاط البركاني على سطحه، وقد أكدت مركبة فويجر التابعة لناسا هذه البراكين في عام 1979.
تنشط البركان نتيجةً لتمدد آيو، وتقلصه أثناء دورانه حول المشتري، إذ يتحرك السطح الصخري لآيو إلى أعلى وأسفل بمقدار 100 متر (328 قدم) أثناء هذه العملية. يؤثر هذا على نشاط آيو البركاني بنفس الطريقة التي تتفاعل بها محيطات الأرض مع القمر. والمدار الإهليجي غير المنتظم لآيو يزيد أيضًا من نشاط المد والجزر.
يهتم الباحثون بمراقبة النشاط طويل المدى لآيو، والذي كان صعبًا لأن التلسكوبات على الأرض افتقدت الثبات للنظر إلى النقاط الساخنة. ومع ذلك، باستخدام أنظمة البصريات التكيفية لاثنين من أكبر التلسكوبات في العالم، تمكن الفلكيون من إلغاء 6 تأثيرات موجية للغلاف الجوي للأرض، ما سمح بمزيد من الاطلاع عن كثب على البراكين النشطة للقمر. وقد تتبعوا 48 نقطةً ساخنةً من عام 2013 حتى عام 2015.
يُظهِر الرصد الأرضي موجات في بحيرات الحمم، موفرًا مزيدًا من التفاصيل عن دورة الصهارة على سطح آيو. وبسبب النشاط البركاني، يحتوي غلاف آيو الجوي غالبًا على ثاني أكسيد الكبريت. يتقاطع مدار آيو مع القوة المغناطيسية القوية لكوكب المشتري، ما يحول آيو إلى مولد كهربائي.
ومع دوران المشتري، تَجْرُد القوى المغناطيسية حوالي طنًا من مادة آيو في كل ثانية، وتشكِّل هذه المادة المتأينة سحابةً من الأشعة على شكل حلقة تسمى: (حيد غاز-Plasma torus). تُسحَب بعض الأيونات إلى أقطاب المشتري مشكلةً الشفق. رصد تلسكوب هابل مثالًا على هذا النشاط عام 2018، كاشفًا بذلك عن تأثيرات آيو وجانيميد -قمر المشتري الآخر- في الشفق القطبي للمشتري.
كما يمتلك آيو غلافًا جويًا قابلًا للانحلال، وفقًا لملاحظات من تلسكوب (جيميني-Gemini) في شمال هاواي و(جهاز الطيف-TEXES) في عام 2018. يتجمد غلاف ثاني أكسيد الكبريت عندما يكون آيو في ظل المشتري كل يوم، وعندما يعود آيو إلى ضوء الشمس، يتحول ثاني أكسيد الكبريت المتجمد إلى غاز مرة أخرى. اشتبه العلماء لفترة طويلة بوجود هذه الظاهرة، ولكنهم تأكدوا من ذلك فقط بعد هذه الدراسة الحديثة التي رصدت الغلاف الجوي لآيو وهو في الظلام للمرة الأولى.
الألغاز المتفجرة:
حظي آيو على اهتمام مكثف في السنوات الأخيرة؛ إذ يحاول العلماء تفسير وجود هذه البراكين الأكثر نشاطًا في النظام الشمسي ، وتتضمن النتائج الأخيرة ملاحظات عن القمر، ووضع نموذج عن باطن القمر، الذي يمكن استنتاجه فقط. وأوضحت دراسة أُجريت عام 2015 لماذا أُزيحت أكثر براكين آيو نشاطًا عن المكان الذي توقع العلماء وجودها فيه؟ في حين أشارت النماذج السابقة إلى نشاط بركاني عالٍ في المناطق ذات التركيز الحراري العالي، لكن في الواقع يُزاح النشاط عنها شرقًا.
تقترح الدراسة أنه إذا كان هناك محيط ممزوج بالصخور المنصهرة والصلبة تحت القمر، فإن أجزاء الصخور تحتكّ ببعضها البعض وتخلق مناطق الإزاحة التي لاحظها العلماء. ومع ذلك يُشَك بوجود المحيط المنصهر حسب دراسة مُجراة عام 2017، والتي أظهرت أنه كان يمكن تثبيط بعض الشفق الذي يمكن أن نراه في الغلاف الجوي لآيو من قبل المحيط الكائن تحت السطح. وبهذا خلَصت الدراسة إلى أنه يمكننا فقط رؤية الشفق لأن القمر على الأرجح لا يملك أي محيط منصهر.
ومن جانب آخر قد تعود المرجعية لسطح آيو أيضًا لخارطة نشرتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية عام 2012، وهي أول خارطة تحتوي على السطح بأكمله. وقال الباحثون: سيكون النشاط البركاني من بين الأشياء التي يمكن دراستها من خلال الخارطة. وتتضمن الصور على ملاحظات من مسبار الفضاء فويجر 1 و2 بالإضافة إلى مسبار غاليليو.
في حين أنه لا توجد بعثة مخصصة للنظر في آيو، إلا أن بعثات أخرى توجد الآن بالقرب منه -مثل مركبة الفضاء جونو المذكورة آنفًا- وربما تكون له بعثة مخصصة في السنوات القادمة. ففي عام 2020 ستقوم بعثة (أوروبا كليبر-Europa Clipper) التابعة لوكالة ناسا بدراسة إمكانية وجود حياة على القمر الغاليلي الآخر (أوروبا).
وستركز بعثة “JUICE” (مستكشف أقمار المشتري الجليدية-Jupiter Icy Moons Explorer) التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، المقرر إطلاقها في عام 2022، والتي ستركز على دراسة الأقمار: أوروبا وجانيميد وكاليستو. يُراقَب آيو من الأرض حتى الآن، ومن الجدير بالذكر أن براكين آيو تكون عنيفةً إلى حد يكفي لإنتاج صور مذهلة رغم البعد الشديد.
اقرأ أيضًا:
- كيف تشكل كوكب المشتري ؟
- خريطة: الأسطح الصلبة الموجودة في المجموعة الشمسية كقارة واحدة
- استصلاح أقمار المشتري وكيفية القيام بذلك
ترجمة: محمد رشود
تدقيق: تسنيم الطيبي