عرض الباحثون، وللمرة الأولى، المتطلبات الدقيقة للانتقال التخاطري الكمومي الآمن، وتتضمن ظاهرة تُعرف بـ”التوجيه الكمومي” والتي اقتُرحت للمرة الأولى من قِبَل الفيزيائيين ألبرت أينشتاين Albert Einstein وإيروين شرودينغرErwin Schrödinger.
لكن قبل أن يأخذك الحماس، هذا لا يعني أنه أصبح الآن باستطاعتنا أن ننقل البشر كما يفعلون بفلم “ستار تريك Star Trek”. ولكن بدلًا من ذلك، فإن هذا البحث سيمكّن الناس من استخدام الترابطية الكمومية لإرسال المعلومات عبر مسافات كبيرة دون وجود أي إمكانية لعملية تنصّت على تلك المعلومات المرسلة. لكن إرسال المعلومات بهذه الطريقة هو تقريبًا بنفس روعة الانتقال البشري تخاطريًا، لأن تلك هي الطريقة التي سنشكّل بها شبكات اتصال المستقبل غير القابلة للاختراق.
إن الانتقال التخاطري الكمومي هو ليس أمرًا جديدًا بحد ذاته، فكان الباحثون قد حققوا الكثير من النجاح بنقل المعلومات انتقالًا تخاطريًا كموميًا على أكثر من 100 كيلومترًا من الألياف. ولكن كان هنالك مشكلة بسيطة، وهي أن الرسالة الكمومية كانت تصل إلى طرف الاستقبال على هيئة غير مفهومة نوعًا ما، ولم يدري العلماء ما الذي يجب أن يفعلوه ليمنعوا تشوّه الرسالة… أما الآن فقد وصلوا إلى الحل!
وقال أحد الباحثين من جامعة سوينبورن للتكنولوجيا في أستراليا، وهي مارغريت ريد Margaret Reid: “يعمل الانتقال التخاطري بشكل يشبه مبدأ عمل آلة فاكس معقدة، حيث يتم انتقال الحالة الكمومية من مكان إلى آخر. دعونا نقول أن ‘أليس’ تبتدئ عملية الإرسال بالقيام بعمليات على الحالة الكمومية في محطتها (العمليات هذه تقوم بترميز حالة نظام ما)، فبناءً على خرج (نتيجة) تلك العمليات، تقوم بالتواصل (عن طريق الهاتف أو الإنترنت العمومي) مع ‘بوب’ الموجود بمكان بعيد، والذي بدوره يقوم بإنشاء حالة مطابقة للحالة الكمومية التي قامت ‘أليس’ بترميزها مسبقًا، لكن المشكلة هي أنه في حال عدم مراعاة بعض المتطلبات والشروط الخاصة، فإن الميكانيك الكمومي يتطلّب أن تكون الحالة عند ‘بوب’ مشوّشة وغير واضحة”.
وأظهر الباحثون الآن أنه لتفادي حدوث ذلك، فيترتب على ‘أليس’ و’بوب’ (أو أي أحد يريد إرسال رسالة مترابطة) استخدام شكل خاص ومميز من الترابط الكمومي يُعرَف باسم “توجيه أينشتاين-بودولسكي-روزن”.
وتضيف ريد: “حينها وفقط حينها، يمكن لجودة الحالة المنقولة أن تكون مثالية، والجميل في الأمر هو أن الميكانيك الكمومي يضمن إمكانية انتقال حالة مثالية إلى مستقبِل واحد فقط، أي أن أية متنصّت آخر سيحصل على إصدار مشوّش من الحالة”.
وباختصار، وفي حالة التوجيه الكمومي هذه، فإن عملية قياس الجزيئ المترابط يمكن أن يكون لها تأثير “توجيهي” فوري على حالة جزيئ بعيد آخر.
وسيواصل الباحثون التحقيق والبحث في هذه الظاهرة لمعرفة كيف يمكن استعمالها للقيام بعملية تواصل ذات اعتمادية وكفاءة عاليتين باستخدام الترابط الكمومي.
وقد تم نشر هذا البحث في مجلّة “رسائل المراجعة الفيزيائية”.