قد يحدث فقر الدم نتيجة أسباب متعددة، فقد يكون خلقيًا، أو ناجمًا عن اتباع نظام غذائي يفتقر إلى الفيتامينات، وخصوصًا الحديد وفيتامين ب 12 وحمض الفوليك والنحاس، لكن أحيانًا قد يكون فقر الدم بسبب وجود علقة في المريء تستنزف كل دمائنا!
واجه الطبيب جيسون بروذرتون هذا الأمر مؤخرًا في كينيا، في أثناء علاجه مريضًا يبلغ من العمر 3 سنوات. شارك الطبيب صورةً لعلقة طولها 3 بوصات سحبها من مريء المريض، وتبين بعد عدة فحوصات دموية أن مستوى الهيموجلوبين لديه 3 غرام/ديسيلتر، مع العلم أن المستويات الطبيعية من الهيموجلوبين عند الرضع من 9.5 إلى 13 غرام/ ديسيلتر.
كتب الطبيب بروذرتون: «كنت أشعر بثقة كبيرة، فقد واجهت معظم أسباب فقر الدم، إلى أن سحبت تلك العلقة من المريء العلوي لطفل يبلغ من العمر 3 سنوات، لقد كانت تتغذى بدم الطفل منذ فترة، لدرجة أن مستوى الهيموجلوبين عند الطفل انخفض إلى 3 غرام/ديسيلتر».
«أظن أن العلقة قد ابتُلعت منذ عدة أشهر عبر شرب الماء الملوث، وقد أصيب المريض بنوبة من الرعاف التي تطورت لاحقًا إلى نوبات من السعال استمرت ثلاثة أشهر، وقد لاحظت والدة الطفل وجود شيء غريب في مؤخرة حلقه في أثناء سعاله الشديد، وكان لا بد من التظير لإزالته لأنه كان ملتصقًا بشدة».
وضع الطبيب فرضياته المتعلقة بالحالة، ومع ذلك لم يتبين متى أصبح هذا الطفل مصدر غذاء للعلقة.
عانى الطفل مشكلة في البلع، بسبب وجود طفيلي كبير يعيش في مجرى دخول طعامه، مع ذلك، ولحسن الحظ، تحسنت حالته بعد العلاج، وعاد إلى المنزل بعد يوم.
أوضح الطبيب أن العلقة ربما كانت أصغر بكثير عندما ابتُلعت، لكنها كبرت بعد أن تغذت بدم الطفل نحو ثلاثة أشهر.
في حالة مشابهة، سحب أطباء من الصين علقة من بلعوم طفل عمره خمس سنوات، عانى صعوبات ومشكلات تنفسية والتهابات بلعومية عامًا كاملًا.
على عكس ما كان يُعتقد قديمًا، فإن السماح للطفيلي بامتصاص الدم من جسدك ليست فكرة جيدة. استُخدمت العلقات في الطب القديم لإزالة الدماء، وعلاج كل شيء ابتداءً من البواسير إلى استنزاف الدماء الفاسدة، لكن العلم أثبت أن تلك الطرق غير فعالة بل ضارة بشدة، نظرًا إلى خطر الإصابة بالعدوى، ومع ذلك، ما زالت العلقة تُستخدم حتى اليوم في بعض المناطق.
في الجراحات التجميلية والترميمية، يمكن استخدام العلق للمساعدة في تحسين تدفق الدم في المناطق النسيجية، أو الندوب الجلدية التي تعاني نقصًا في التروية الدموية، إذ تزيل العلقة الدم المتخثر من المناطق الحساسة، مثل تحت الندوب الجلدية، أو الإصبع، أو أصابع القدم. لكن أكثر الأطباء تهورًا، حتى في العصور القديمة، لم ينصحوا على الأرجح بالسماح للعلقة بالاستقرار في المريء.
قد يسبب تطفل العلق على جسم الإنسان العديد من الأعراض السريرية المختلفة، مثل رعاف الأنف، ونفث الدم، والتقيؤ المدمى، والنزف المهبلي، ويُعد نزيف الأنف حالةً شائعةً جدًا عند هؤلاء المرضى، لأن العلقة تستقر في مجرى الهواء العلوي في أكثر الأحيان، متجنبةً الاقتراب من المعدة التي تعد حموضتها قاتلةً لهذا الطفيلي. تُعد الإصابة بطفيلي العلق من الأسباب الشائعة لفقر الدم الحاد غير المبرر، خصوصًا في المناطق الريفية حيث قد ينتقل إلى الإنسان عبر شرب الماء الملوث.
اقرأ أيضًا:
كيف تعرف إذا كنت تعاني من فقر الدم الخبيث ؟
ترجمة: أليسار الحائك علي
تدقيق: ميرفت الضاهر