في حدثٍ علمي غير مسبوق، استُخدم حاسوب جوجل الكمومي في صناعة «بلورة زمنية»، وهي بلورات ذات خصائص تختلف عن كل المواد الموجودة في الطبيعة، تنهار عندها جميع قوانين الديناميكا الحرارية رأسا على عقب. رغم ما قد يوحي به الاسم فإن هذا الكشف الجديد فلن يسمح لجوجل ببناء آلة السفر عبر الزمن. اقتُرحت البلورات الزمنية نظريًا لأول مرة في عام 2012 كونها تُعطي حالة فريدة من المادة، إذ تتحرك ذراتها باستمرار دائما دون استهلاك طاقة، على عكس الحالات الأخرى من المادة التي تتمتع بتوازن حراري.
على الأقل كانت هذه هي النظرية: فقد اختلف العلماء حول إن كان مثل هذا الشيء ممكنًا في الواقع. وكان هناك جدل حول مستويات مختلفة من البلورات الزمنية التي يمكن أو لا يمكن توليدها، إذ أظهرت بعض الأدلة أن هذه البلورات تستوفي جزئيًا -ولكن ليس تمامًا- جميع المعايير ذات الصلة.
وبالعودة إلى الكشف الجديد فقد اختلف العلماء في امكانية تحقيقه في الوقع، وذهب بعضهم في جدال حول أنواع مختلفة من البلورات الزمنية التي يمكن تصنيعها، إذ أظهرت بعض الأدلة أن البلورات الزمنية الصناعية تتشابه جزئيًا أو إلى حدٍ كبير مع البلورات الزمنية الموجودة في الطبيعة.
في نسخة تمهيدية لبحث جديد أعده باحثون في جوجل جنبًا إلى جنب مع الفيزيائيين في جامعتي برينستون وستانفورد وجامعات أخرى، يزعم أن مشروع جوجل للكمبيوتر الكمي قد قدم ما يعتقد الكثيرون أنه مستحيل. والنسخ التمهيدية هي نسخ من الأوراق الأكاديمية التي تُنشر قبل إجراء استعراض الأقران والنشر الكامل؛ إذ يمكن الطعن في استنتاجاتهم أو حتى نقضها تمامًا خلال عملية الاستعراض تلك.
وتشير الورقة إلى: «أن عملنا يستخدم بروتوكول عكس الزمن الذي يميز بين إزالة الترابط الكمي الخارجي
والترميم الحراري المتأصل، ويسخّر الطابع الكمي للتحايل على التكلفة الأسية لأخذ عينات طيف المصفوفة بكثافة. إضافةً إلى ذلك، نحدد موقع الانتقال التدريجي من رموز المشكلات التشخيصية بتحليل تجريبي بحجم محدود. وتُنشئ هذه النتائج نهجًا قابلًا لنطاق دراسة مراحل المادة غير المتوازنة على معالجات الكم الحالية».
في حال قرأت الفقرة السابقة ولم تفهم شيئًا فتأكد أنك لست وحدك. وفق شرح مجلة كوانتا الناشرة للبحث، تتكون البلورة الزمنية أساسًا من ثلاثة عناصر أساسية:
أولًا: صف من الجسيمات لكل منها توجهه المغناطيسي الخاص محبوسة في مزيج من توزيعات الطاقة المنخفضة والعليا. هذا ما يعرف باسم «موضعة الأجسام المتعددة».
ثانيًا: يُعرَف قلب كل اتجاهات تلك الجسيمات -الذي يُنشئ بصورة فعال نسخة معكوسة- باسم ترتيب إيجانستيت eigenstate، إنها فعليًا حالة ثانوية متعددة الهيئات.
ثالثًا: هناك تطبيق ضوء الليزر، وهذا يتسبب في الحالات إلى التقلب من الطبيعي إلى المعكوس ثم العكس في حلقة ولكن دون استخدام صافي الطاقة من الليزر نفسه، وتُعرف النتيجة باسم بلورة زمن فلوكيت التي اقتُرحت لأول مرة في عام 2016.
كان جهاز الحاسوب الكمي في جوجل -المعروف باسم سايكامور- قادرًا على استخدام معالج يحتوي على 20 بتًا كموميًا -أو جزيئات كمية ذات القابلية للتحكم- يستطيع كل منها الحفاظ على حالتين في آن واحد. وبإمكان الباحثين أن يجمعوا التفاعلات عشوائيًا وأن يحققوا موضعة الأجسام المتعددة عبر ضبط قوة التفاعل بين المستقبلات الفردية. تقلب موجات المايكرويف بعد ذلك الجزيئات إلى اتجاه انعكاسها، لكن يحدث تغيير الاتجاه هذا دون أخذ صافي الطاقة من الليزر نفسه.
إذ إن ما سبق هو بالضبط ما يترك كل من البحث النظري والتطبيقات المحتملة لبلورة الزمن غير واضحة.
في الوقت الحالي، تتلخص النتيجة الرئيسية وفقًا للباحثين في أن هناك «نهجًا قابلًا للتطبيق لدراسة مراحل المادة غير المتوازنة على معالجات الكم الحالية». وباختصار، فإنه يبين أن الحواسيب الكمية قد تكون جيدة على الأقل بالنسبة لمجال العمل هذا.
التوصل إلى تطبيق عملي للحواسيب الكمية وحواجز النظريات التي تأتي معها هو مسألة شائعة بالنسبة للشركات الباحثة في التكنولوجيا. في وقت سابق من هذا العام، قامت شركة جوجل ببعض التنبؤات الجريئة بشأن ما يمكن لمشروعها الكمي أن يحققه، مشيرة بذلك إلى تحسين البطاريات وجعل الأدوية واللقاحات أكثر فاعلية وتوليد الأسمدة الأكثر فعالية، كلها نتائج ممكنة من مثل هذه البحوث.
تقول الشركة إنها تعمل على جهاز حاسوب ذي مليون بت كمي مادي، على الرغم من أنها اعترفت بأنه سيستغرق سنوات قبل أن نفهم حتى كيف يمكن أن يتم بناء ذلك.
اقرأ أيضًا:
رسميا ، البلورات الزمنية حالة جديدة للمادة وقد اصبح تصنيعها ممكنا
انصهار البلورات الزمنية قد يساعدنا على نمذجة شبكات معقدة مثل الدماغ
ترجمة: أحمد أبو شماله
تدقيق: نغم رابي