أبلغ باحثون من جامعة جون هوبكنز أن باستطاعة نمط من الجسيمات النانوية المتحللة حيويًّا biodegradable مصمم في المختبر أن يوفر باستخدام مورثة انتحارية suicide gene علاجًا ناجحا لخلايا ورمية دماغية طفلية مزروعة في أدمغة الفئران، علماً أن جسيمات بولي (بيتا-أمينو إستر) النانوية (PBAEs)، كانت جزءًا من معالجة استخدمت بدورها دواءً لقتل الخلايا وإطالة عمر حيوانات التجارب.
وفقًا للتقرير المنشور في دورية Nanomedicine: Nanotechnology, Biology and Medicine، فقد أشار الباحثون إلى أنه -لأسباب بيولوجية وأخرى تتعلق بالسلامة- من غير المرجح أن تكون المورثة الانتحارية المعروفة بثيميدين كيناز فيروس الحلأ البسيط من النوع 1 (HSVtk) -التي تجعل الخلايا الورمية أكثر حساسية للتأثيرات القاتلة للمضاد الفيروسي جانسيكلوفير- هي المعالَجة ذاتها التي ستُستخدم لعلاج الورم الأرومي النخاعي البشري human medulloblastoma والأورام اللانمطية المسحية/العصوية atypical teratoid/rhabdoid tumors (AT/RT) لدى الأطفال.
كانت المورثات الانتحارية موضعًا للدراسة والاستخدام في معالجات السرطان منذ أكثر من 25 عامًا. تصنع مورثة ثيميدين كيناز فيروس الحلأ البسيط من النوع 1 إنزيمًا يساعد على استعادة وظيفة الكبح الطبيعي للورم.
وجدت التجارب أن حقن الفئران بالمورثة الانتحارية مع الجانسيكلوفير داخل الصفاق intraperitoneal قضى على 65% من نوعي الخلايا الورمية الدماغية الطفلية، إذ حُقن هذا المزيج بعد سبعة أيام من استخدام المعالجة بالجسيمات النانوية لتوصيل المادة الوراثية، فتبيّن أن الفئران الحاملة لأورام من النوع اللانمطي المسحي/العصوي عاشت فترة أطول بـ20% بعد تلقيها العلاج، مدة 42 يوماً، مقارنةً بـ35 يومًا في الفئران غير المعالَجة، في حين عاشت الفئران التي زُرع في أدمغتها ورم أرومي نخاعي من النمط الثالث مدةً أطول بـ63%، مدة 31 يومًا مقارنةً بـ19 يومًا في الفئران غير المعالَجة.
يقول الطبيب إيريك جاكسون، أستاذ الجراحة العصبية بكلية طب جامعة جون هوبكنز: «إن القدرة على المعالجة الجينية للورم نوعيًّا -أي باستهداف خلايا الورم فقط- هي طريقة بديلة ومثيرة للحماس، وقد يساعدنا إيجاد متعاونين آخرين يمتلكون معالجة جينية يعتقدون أنها ستنجح في القضاء على هذه الأورام».
يُعد الورم الأرومي النخاعي واللانمطي المسحي/العصوي من أشد أنواع أورام الدماغ المنتشرة والقاتلة لدى الأطفال، وتؤذي العلاجات التقليدية -بما في ذلك الإشعاع- الأنسجة السليمة مع الورم، وقد تولّد آثارًا جانبية طويلة الأمد لدى الأطفال في طور النمو، لذلك يمثل البحث عن معالجات جديدة ضرورةً ملحة.
تُعَد المعالجة الجينية التي تستهدف الخلايا السرطانية فقط وسيلةً علاجية واعدة، لكن العديد من طرق المعالجة الجينية تستخدم فيروسًا مُعدلًا لتوفير العلاج من طريق الحمض النووي، وهي وسيلة قد لا تكون آمنةً أو مناسبة للتطبيق على الأطفال. يرى جاكسون أن العديد من الفيروسات تُعَد آمنةً إذا كان لدى المريض جهاز مناعي مكتمل، أما الأطفال فتكون أجهزتهم المناعية أضعف، لذا ستشكل أنظمة التوصيل بالفيروس مخاطر إضافية.
لحل هذه المعضلة، تعاون جاكسون مع الدكتور جوردان غرين، الخبير في مركز كيميل للسرطان التابع لجامعة جون هوبكنز، لإيجاد نوع مختلف من أنظمة نقل المعالجة الجينية، وبالفعل طور غرين وفريقه نوعًا من جسيمات بولي (بيتا-أمينو إستر) النانوية يمكن هندسته ليرتبط بالحمض النووي ويحمله.
تُحقن جسيمات بولي (بيتا-أمينو إستر) النانوية القابلة للتحلل حيويًّا داخل كتلة ورمية، حيث تحرر حمولتها من الحمض النووي بأمان بعد أن تلتهمها خلايا الورم. في دراسات سابقة استُخدمت جسيمات مماثلة لتوصيل معالجة جينية لأورام دماغية وكبدية لدى البالغين، وفي المزارع الخلوية وفي القوارض. وجد غرين وزملاؤه أن الجسيمات النانوية تستهدف الخلايا الورمية أكثر من الخلايا السليمة.
ما زالت الآلية التي تتيح للجسيمات استهداف الخلايا الورمية تحديدًا غير واضحة، يرجح غرين أن سطح الجسيم يتفاعل كيميائيًّا مع البروتينات الموجودة على أسطح بعض أنواع الخلايا السرطانية.
عدّل غرين وزملاؤه الجسيمات النانوية لتستهدف نوعي السرطان المذكورين لدى الأطفال، يقول غرين: «بإجراء تعديلات كيميائية بسيطة على البوليميرات التي تشكل الجسيمات النانوية، بإمكاننا توجيه الامتصاص الخلوي لأنواع محددة من الخلايا السرطانية، والتوصيل الجيني للعصارة الخلوية cytosol في خلايا محددة».
يأمل جاكسون في إمكانية استخدام الجسيمات النانوية في توصيل معالجات مختلفة معتمدة على المورثات، ما يتضمن المعالجات التي تغير مستويات التعبير لدى المورثات، أو تشغّل المورثة أو تعطلها بالكامل، أو تزيد من حساسية الخلايا لمعالجات أخرى، وذلك اعتمادًا على خصائص الورم لدى المريض، ويضيف: «يمكن القول أننا ما زلنا في طور اكتشاف أي من المورثات ينبغي استهدافها في نوعي السرطان».
ويقول غرين: «تستطيع الجسيمات النانوية أن تحمل مورثات أكبر حجمًا مما تستطيعه الفيروسات، وتستطيع كذلك حمل مجموعة من المورثات معًا، وبذلك تُعَد منصةً غير محدودة الحمولة، ودون موانع تتعلق بالمناعة أو السمية، إضافةً إلى أن تصنيعها أسهل من الحصول على الفيروسات».
اقرأ أيضًا:
من الممكن أن تكون تقنية كريسبر آمنةً لعلاج السرطان
دراسة على الفئران تقدم أدلة عن أثر النظام الغذائي في علاج السرطان
ترجمة: سارة وقاف
تدقيق: سلمى عفش
مراجعة: أكرم محيي الدين