تتوج جائزة نوبل في الفيزياء لهذه السنة العمل الذي تناول فهمًا جديدًا لبنية الكون وتاريخه، وأول اكتشاف لكوكب يدور حول نجمٍ من نوع شمسنا خارج النظام الشمسي.
أثْرَت الأفكار الجديدة لجيمس بيبلز (James Peebles) في علم الكون الفيزيائي مجال البحث العلمي بأسره ومنحت الأساس الذي بني عليه التحول في علم الكونيات خلال السنوات الخمسة عشرة الأخيرة، إذ نقلت هذه الأفكار التخمينات نحو العلم. ويعتبر إطاره النظري المطور منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، قاعدةً لأفكارنا الحديثة حول الكون.
يشرح نموذج الانفجار العظيم الكون منذ أولى لحظاته، قبل حوالي 14 مليار سنة مضت، حيث كان في غاية الحرارة والكثافة. مذاك الحين، لم يتوقف الكون عن التوسع، فأصبح أكبر وأبرد. بعد حوالي 400.000 سنة من الانفجار العظيم، أصبح الكون شفافًا وتمكن الضوء من السفر عبر الفضاء. الإشعاعات القديمة تلك تمر من حولنا حتى اليوم، وتختبئ فيه العديد من أسرار الكون. تمكن جيمس بيبلز من ترجمة هذه الآثار القديمة للكون باستخدام أدواته النظرية وحساباته، واكتشف من خلال ذلك عمليات فيزيائية جديدة.
جائزة نوبل للفيزياء 2019
أظهرت لنا النتائج كونًا لا نرى منه سوى 5% من حجمه الإجمالي، وهي المواد التي تكون النجوم والكواكب ونحن، طبعًا. أما النسبة المتبقية وهي 95%، فهي تتكون من مادة غير معروفة نطلق عليها اسم المادة المظلمة والطاقة المظلمة. تعتبر هذه الأخيرة تحديًا للفيزياء الحديثة.
في أكتوبر من سنة 1995، أعلن كل من ميشيل مايور (Michel Mayor) و ديدييه كيلوز (Didier Queloz) عن اكتشاف أول كوكب خارج نظامنا الشمسي باستخدام مرصد “أوت-بروفنس” بجنوب فرنسا بواسطة أجهزة مصنوعة خصيصًا حسب الحاجة. كوكبٌ خارجي من في مدارٍ حول نجم من صنف شمسنا، وذلك في مجرتنا درب التبانة. تمكن الثنائي من رؤية الكوكب الغازي الذي يقارن بأكبر كواكب المجموعة الشمسية، المشتري، وأطلق عليه اسم “51 Pegasi b”.
أطلق الاكتشاف عنين ثورةٍ جديدة في علم الفلك، وتم اكتشاف أكثر من 4000 كوكب خارجي في مجرة درب التبانة منذ ذلك الحين. اكتشفت عوالم جديدة بأحجام وأشكال ومدارات ضخمة، وتحدت هذه الاكتشافات الجديدة فهمنا التقليدي حول الأنظمة الكوكبية وأجبرت العلماء على مراجعة نظرياتهم وعملياتهم الفيزيائية التي تتناول أصل الكواكب. ومع وجود العديد من المشاريع المحدد إطلاقها للبحث عن كواكب خارجية، قد نعرف جوابًا للسؤال الأبدي: هل هناك حياة خارج الأرض؟
المتوجون بجائزة نوبل لهذه السنة في الفيزياء، تسببوا في تحويل أفكارنا عن الكون. في حين ساهمت الاكتشافات النظرية لجيمس بيبلز في فهمنا لكيفية تطور الكون بعد الانفجار العظيم، استكشف ميشيل مايور وديدييه كيلوز بدورهما المناطق الكونية المجاورة لنا قاصدين اكتشاف كواكب غير معروفة. لقد غيرت اكتشافاتهم مفاهيمنا حول الكون، إلى الأبد.
اقرأ أيضًا من فاز بجائزة نوبل بالفيزياء 2018 ولماذا فاز بها؟
ترجمة وليد سايس – تدقيق جعفر الجزيري
