تصدّر عناوين الصحف عام 2019 خبر خلو «مريض لندن» الفنزويلي الجنسية من أي أثر للفيروس المسبب للإيدز بعد استقصاءات دامت 18 شهرًا، هذا الخبر أعلنه باحثون من جامعة كامبريدج، فبعد سنة وبتاريخ 9 مارس 2020 أعلن الباحثون رسميًا أن هذا المريض هو ثاني من يُشفى من مرض الإيدز بعد خضوعه للعلاج بزرع الخلايا الجذعية، وتوقفه عن العلاج التقليدي 30 شهرًا.
كانت نتائج هذه الحالة “ملفتةً للنظر أكثر من سابقتها” وأكثر دلالةً على شفاء المريض حسب قول رافيندرا غوبتا الكاتب الرئيس في الدراسة التي نُشرت في مجلة The Lancet HIV.
يصف غوبتا هذه النتائج لوكالة فرانس برس AFP قائلًا: «أجرينا فحوصات على مجموعة كبيرة من المواقع التي يميل الفيروس للمكوث فيها وجميعها كانت خاليةً من وجود أي فيروس نشط».
شُخصت إصابة المريض آدم كاستيلاجو صاحب الأربعين عامًا -أفصح عن هويته مؤخرًا- بالإيدز عام 2003، وخضع للعلاج الدوائي منذ عام 2012 لإبقاء المرض تحت السيطرة، وشُخصت إصابته لاحقًا في العام نفسه بسرطان دم قاتل يدعى لمفوما هودجكن Hodgkin´s Lymphoma، وفي عام 2016 أجرى عملية زرع نقي عظم لعلاج سرطان الدم، واستخدم الأطباء فيها خلايا جذعية لمانحين حاملين لطفرة تظهر لدى 1% من الأوروبيين تمنع فيروس الإيدز من الاستفحال بالجسم، وأصبح بذلك ثاني شخص يشفى من الإيدز بعد الأمريكي تيموثي براون الذي أُطلق عليه لقب مريض برلين الذي شُفي عام 2011 بعد تلقيه علاجًا مشابهًا.
أظهرت الفحوصات الحيوية التي امتدت قرابة سنتين على كاستاليجو غياب وجود أي فيروس نشط في السائل الدماغي الشوكي وأنسجة الأمعاء الدقيقة والأنسجة اللمفاوية وذلك بعد توقفه عن تلقي العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية.
يضيف غوبتا إن الفحوصات أظهرت «الشدف المستحاثية» للفيروس التي أصبحت عاجزةً عن التكاثر وعلى هذا أصبحت أمنةً، وقال: «هذا ما كنا نتوقعه رغم صعوبة تخيل اختفاء أي أثر لهذا الفيروس الذي يصيب مليارات الخلايا من الجسم».
المعضلة الأخلاقية:
نبه الباحثون إلى أن هذه الخطوة لا تمثل علاجًا معممًا للإيدز الذي يسبب مليون وفاة كل سنة، وأن علاج كاستاليجو بهذه الطريقة كان الملاذ الأخير لنجاته قبل أن يفتك به سرطان الدم دون سابق إنذار.
صرح الطبيب من جامعة كامبريدج بوجود مرضى آخرين تلقوا علاجًا مشابهًا استمرت فترة زوال الأعراض لديهم لمدة أقصر بكثير، وقال: «سوف يكون هناك المزيد من أمثالهم مستقبلًا لكنهم سيستغرقون وقتًا أطول للعلاج».
يقيّم الباحثون الآن إمكانية زرع الخلايا الجذعية في المستقبل لمرضى الإيدز بشكله المقاوم للأدوية، الأمر الذي يتطلب حسب قول غوبتا وضع المنحى الأخلاقي بعين الاعتبار: «هذا سيضعنا بين نارين، نار نسبة الوفاة المرتفعة في أثناء هذه العملية التي تصل إلى 10%، ونار المخاطرة بموت المريض إذا لم نحرك ساكنًا».
يقول كاستاليجو إن التجربة التي مر بها حثته على الإفصاح عن هويته رغم أن هذا الموقف مهينٌ وصعب؛ بهدف نشر الوعي حول الإيدز. هذه التجربة التي وصفتها شارون ليوين خبيرة الأمراض المعدية في جامعة ميلبورن بكونها مثيرة.
تضيف شارون: «يجب أن نضع بعين الاعتبار أن العلاج بزرع نقي العظم ليس خيارًا قابلًا للتطبيق في جميع الأحوال، ونحن في حاجة دائمة إلى التنويه بأهمية الوقاية والفحص المبكر والالتزام في العلاج بوصفها ركائز الاستجابة العالمية لمرض الإيدز».
اقرأ أيضًا:
اكتشاف سلالة جديدة من فيروس نقص المناعة البشري (فيروس الإيدز)
خطوة كبيرة في الطريق للوصول إلى لقاح لفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)
ترجمة: رضوان مرعي
تدقيق: عبد الله كريم