عادة ما يفتقر أطفال الولادة القيصرية إلى بكتيريا الأمعاء المفيدة، ما يجعلهم أكثر عرضة لبعض المخاطر مقارنة بالأطفال المولودين طبيعيًا.
يبحث العلماء عن طرق أخرى لتعويض هذه البكتيريا، وقد وجدت دراسة جديدة أن إعطاء هؤلاء الأطفال محلولًا من براز أمهاتهم وحليبهن قد يجعلهم يحصلون على بكتيريا صحية بأمان.
وجدت الأبحاث السابقة طرقًا للنقل المهبلي للميكروبيوم من خلال عملية «البذر المهبلي» أو«Vaginal Seeding» وذلك لزيادة تنوع الميكروبيوم عند الرضع.
يقول الباحث كريث كاندال من جامعة جورج واشنطن: «يملك الرضع المولودون طبيعيًا ميكروبيوم أكثر تنوعًا من أولئك المولودين قيصريًا، والتنوع في الميكروبيوم داخل الأمعاء يرتبط بصحة أفضل».
بحث كاندال حول عمليات زرع الميكروبيوتا الجرثومية FMTs لعلاج التهابات المطثية العسيرة، مع تفضيل استخدام المضادات الحيوية، إذ أضاف: «لم أر أي استخدام لزرع الميكروبيوتا الجرثومية مسبقًا من أجل بناء ميكروبيوم متنوع». بعبارة أخرى، لا تعد اختبارات زرع الميكروبيوتا الجرثومية إجراءً شائعًا في المستشفيات للاستجابة للاختلالات البكتيرية الطبيعية عند الأطفال المولودين قيصريًا.
يقول الباحث ستور أندرسون من مركز أبحاث طب الأطفال في جامعة هلسنكي ومستشفى جامعة هلسنكي في فنلندا: «لم يكن هناك شيء معروف قبل دراستنا، أجرينا تجربة لإثبات المفهوم وقد أظهرت فعاليتها».
الأمعاء لدى الأطفال المولودين قيصريًا
أظهر تقرير أندرسون – المنشور في دورية Cell – أن الإجراء يبدو آمنًا، امتلك الرضع الذين تناولوا التركيبة ميكروبيومًا في أمعائهم يشبه ذلك الذي لدى الأطفال المولودين طبيعيًا.
خضعت سبع نساء ضمن التجربة لعمليات ولادة قيصرية، واختُبر ميكروبيوتا براز أطفالهم، ليُعطى الأطفال بعدها الميكروبيوتا الجرثومية كما وُصف سابقًا.
نقل الأطفال إلى المستشفى بعد الزرع لمراقبة المضاعفات، وجمعت نفايات ما بعد الولادة منهم بعمر يومين وأسبوع وأسبوعين وثلاثة أسابيع وثلاثة أشهر، وأخذت تحاليل دموية لهم بعد يومين من الولادة.
استخدم الباحثون معلومات من مجموعة بيانات عالمية، إلى جانب بيانات مجمعة في الماضي من نفس المستشفى، وقارنوها بنتائج الأطفال السبعة.
يقول فيليم دي فوس، الباحث في جامعة هلسنكي ومختبر الأحياء الدقيقة في جامعة فاغينينغين في هولندا: «لم تُجر الدراسة لاختبار أمان العملية، ولكننا وجدنا أنها فعالة وتدعم مفهوم النقل العمودي من الأم للطفل، ومع ذلك، من المهم جدًا إخبار الناس أن هذا ليس شيئًا يمكن أن يجربوه بأنفسهم، إذ يجب اختبار العينات والتأكد من أنها سليمة ومناسبة. ولم نعثر على مؤشرات للالتهاب أو أي آثار سلبية أخرى، وكان لجميع الرضع الذي تعرضوا للزرع تطور هادئ خلال فترة المتابعة التي استمرت 3 أشهر».
فحص الباحثون عينات براز الأمهات، ولكن فقط من أجل عدد قليل من مسببات الأمراض المعروفة.
يضيف كراندال: «الطريقة الأكثر أمانًا لاستخدام الميكروبيوتا الجرثومية هي استعمال مواد مانحة مفحوصة بالكامل أو باستخدام نواقل مجمعات حيوية صناعية، ولم أر حتى الآن أي ناقل صناعي لمجمعات الميكروبيوتيك البرازي، أنا أفضل إجراء الفحص الميتاجينومي للمواد المانحة».
الحاجة للمزيد من الأبحاث
حسب أندرسون، فإن الخبراء لا يعرفون ما إذا كانت الميكروبيوتا الجرثومية تحسن التطور المناعي لدى الطفل، وما إذا كانت تقلل فرص إصابة الطفل بالربو أو الحساسية أو أمراض المناعة الذاتية، إن هذا النوع من التجارب مستمر، مع متابعة طويلة الأمد والاستمرار في أخذ عينات الدم.
يريد الفريق مستقبلًا دراسة الجهاز المناعي للأطفال المولودين قيصريًا الذين يتلقون الميكروبيوتا الجرثومية ومقارنتهم بأولئك الذين لم يجروا عمليات الزرع، ويريدون أن تكون الدراسات المستقبلية معشاة مع وجود مجموعة ضبط.
يخطط الفريق لنشر بروتوكول مفصل يمكن أن يرجع له الأطباء الراغبون في استخدام هذه الاستراتيجية.
يقول كريستوفر ستيوارت، وهو زميل مسار مهني أكاديمي في جامعة نيوكاسل في إنجلترا: «أحد الأسئلة الرئيسية التي ما زلت أشعر أنها معلقة هو إلى أي مدى يمكن أن تزيد الميكروبيوتا الجرثومية من الوفرة النسبية للبكتيريا العصوانية؟».
البكتيريا العصوانية هي نوع البكتيريا الذي يختلف بين الأطفال المولودين طبيعيًا وأولئك المولودين قيصريًا.
مع أن الفريق أظهر أن الميكروبيوم لدى الأطفال المولودين قيصريًا مشابه لأولئك الذين ولدوا طبيعيًا، إلا أن ستيورات صرح بأن الدراسات الجماعية الكبيرة أظهرت أن البكتيريا العصوانية كانت أعلى عند الرضع المولودين طبيعيًا طوال سنة إلى 14 شهرًا الأولى من العمر.
بدائل عن زرع الميكروبيوتا الجرثومية
قد يكون زرع الميكروبيوتا الجرثومية مفيدًا في بعض الحالات، إلا أنه -بحسب أندرسون- من المتوقع الوصول إلى تركيبة صناعية يمكنها إجراء المهمة بدل الأمهات غير المؤهلات لإجراء زرع الميكروبيوتا الجرثومية، يتضمن ذلك الأمهات المصابات بالبكتيريا العقدية من المجموعة ب (GBS)، وهي جرثومة غير ضارة للبالغين إلا أن لها تأثيرًا خطيرًا على الرضع.
تفحص النساء قبل الولادة حتى يعرف الأطباء ما إذا كان ينبغي إعطاؤهن المضادات الحيوية قبل ولادة الطفل أم لا.
أظهرت الأبحاث أن وجود بعض البروبيوتيك إلى جانب حليب الأم قد يساعد في استعادة الميكروبيوتا في أمعاء الطفل الرضيع بعد الولادة القيصرية.
يرى أندرسون أن إعطاء البروبيوتيك ليس بنفس فعالية زرع الميكروبيوتا الجرثومية ويضيف كراندال: «تحتوي البروبيوتيك على عدد قليل جدًا من أنواع الكائنات الحية ودون تنوع في السلالات عادة، بينما يحتوي ميكروبيوم الأمعاء البشرية الطبيعية على مئات الأنواع، لذلك من الواضح أن البروبيوتيك ينقصها الكثير».
الخبراء يحذرون: لا تنقل البراز في المنزل
يأمل كل من ستيوارت و كراندال ألا تحاول العائلات تجربة ذلك بأنفسهم، إذ أنه قد ينقل الميكروبات الضارة: «يجب أولًا فحص البراز، إضافة إلى أن مقدار الجرعة أمر مهم. لا أريد محاولة اكتشافه بنفسي».
اقرأ أيضًا:
اكتئاب ما قبل الولادة: الأعراض والعلاج
هل يمكن تعجيل الولادة الطبيعية في الشهر التاسع؟
ترجمة: وائل المشنتف
تدقيق: سمية بن لكحل