تُبين دراسة جديدة أن تناول الطعام في وقت متأخر خلال اليوم يؤثر مباشرةً في تنظيم وزننا البيولوجي، من طريق ثلاثة محاور رئيسية: عدد السعرات الحرارية التي نحرقها، ومستويات الجوع لدينا، وطريقة تخزين الشحوم في أجسامنا.
نظرًا إلى تأثير البدانة في الوقت الحالي في ملايين البشر حول العالم، توفر الدراسة نظرة دقيقة توضح طريقة بسيطة نسبيًا للحد من خطر الإصابة بالسمنة، وذلك بتناول الوجبات باكرًا، أي عدة ساعات قبل الوقت المعتاد.
حددت دراسات سابقة الرابط بين توقيت الوجبات وكسب الوزن، رغب الباحثون هذه المرة في دراسة هذا الرابط من كثب، لفهم الأسباب البيولوجية الكامنة.
قال عالم الأعصاب فرانك سكير: «نسعى لاختبار الآليات التي قد تفسر ارتباط خطر السمنة بتناول الطعام متأخرًا».
«أظهر بحث سابق أن تناول الطعام في وقت متأخر مرتبط بزيادة خطر السمنة، وزيادة دهون الجسم، وصعوبة فقدان الوزن، ما جعلنا نرغب في فهم السبب».
أُجري البحث في ظروف مضبوطة بدقة، وتضمن 16 مشاركًا، يشير مؤشر كتلة الجسم لديهم إلى السمنة أو زيادة الوزن.
خضع كل متطوع لتجربتين مختلفتين مدة كل منهما ستة أيام، مع ضبط دقيق ومسبق لنومهم وطعامهم، وبفارق عدة أسابيع بين الاختبارين.
في إحدى التجربتين، طُبق على المشاركين نظام يتضمن 3 وجبات يومية مجدولة كما يلي: الفطور في التاسعة صباحًا، والغداء في الواحدة ظهرًا، والعشاء نحو السادسة مساءً.
أما في التجربة الأخرى فقد تأخرت الوجبة الأولى لتصبح نحو الواحدة ظهرًا، والأخيرة نحو التاسعة مساءً، أي أصبحت المجموعة تتناول وجبتي غداء وعشاء متأخرتين.
سجل الفريق ملاحظاتهم بواسطة عينات الدم وأسئلة الاستقصاء وغيرها من طرق القياس، ولاحظوا أن مستويات الليبتين –هرمون الشبع- تنخفض في اليوم التالي لتناول الطعام في وقت متأخر، ما يشير إلى زيادة شعور المشاركين بالجوع، إضافةً إلى بطء حرق السعرات لديهم.
أظهرت النتائج أن التعبير الجيني للنسيج الشحمي -المؤثر في طريقة تخزين الجسم للشحوم- قد زاد من عملية تشكل الشحوم التي تبني النسيج الشحمي، وأنقص عملية تحلل الشحوم التي تفكك هذا النسيج.
تحرى الباحثون مزيجًا من الآليات الجزيئية والفيزيولوجية التي تزيد خطر السمنة، أوضح سكير: «عزلنا هذه العوامل بالتحكم في المتغيرات، كمدخول السعرات الحرارية والنشاط البدني والنوم والتعرض للضوء، وإن كان كثير من هذه العوامل يتأثر بوقت الوجبات في الحياة الواقعية».
تؤدي السمنة بالتأكيد إلى مشكلات صحية أخرى، كالسكري والسرطان، ولذلك فإن إيجاد سبيل لإيقاف تطورها منذ البداية سيصنع فارقًا هائلًا في صحة سكان العالم.
أظهرت الدراسة أن تناول الطعام في وقت أبكر خلال اليوم قد يؤثر في ثلاثة عوامل رئيسية تتحكم في الطريقة التي توازن بها أجسامنا بين الطاقة وخطر السمنة اللاحق.
ربما كان الناس أقدر على إدارة هذا التغيير البسيط والتحكم فيه، مقارنةً بالالتزام بنظام غذائي أو ممارسة تمارين رياضية بهدف إنقاص وزنهم.
يرغب الفريق مستقبلًا بإدخال عدد أكبر من النساء إلى البحث، فالحالة السابقة قد تضمنت 16 متطوعًا، بينهم خمس نساء فقط، إضافةً إلى رغبتهم في تحليل الرابط بين تغير وقت النوم ووقت تناول الطعام، الذي قد يكون عاملًا إضافيًا في هذه العملية.
قال سكير: «لما كان التحكم الدقيق في تلك العوامل كلها غير ممكن، يجب على الأقل أن نأخذ في الحسبان طريقة تأثير المتغيرات السلوكية والبيئية في المسارات البيولوجية المرتبطة بخطر السمنة، وسنتناول ذلك في دراسات أخرى على نطاق أوسع».
اقرأ أيضًا:
ما هو الوقت الأمثل لتناول وجبتك الرئيسية؟
تناول الطعام في وقت متأخر قد يؤذي قلبَك
ترجمة: حلا بلال
تدقيق: بشير حمّادة