تميل التماسيح البرتقالية فاقعة اللون إلى التطور إلى فصيلةٍ جديدة
شيءٌ نادرٌ تصعب على الإنسان العاديّ مشاهدته، بحسب العلماء، قد تتطور تلك التماسيح القزمة البرتقالية اللون التي تسكن الكهوف وسط أفريقيا إلى فصيلةٍ جديدةٍ ومستقلةٍ مما يتيح لنا نظرةً مذهلةً على تكيف الحيوان الذي يحدث أمام ناظرينا.
تلك المخلوقات المكتشفة في الجابون في 2008 غريبةٌ حقًا، حيث تعيش في الظلمة وتقتات على الخفافيش والصراصير، وتزدان حراشفها باللون البرتقاليّ، وهو ما لا يتبادر إلى الذهن عند التفكير في التماسيح.
إن عتمة مسكنها والظروف الأخرى التي تعيش فيها هو ما يتسبب بذلك التحور والتطور المتسارع، وتوحي جولةٌ جديدةٌ من الفحوص الجينية بإمكانية نشوء فصيلةٍ جديدةٍ من التماسيح، هذا ما يقوله فريقٌ عالميٌ من الباحثين.
وقال أحد أعضاء الفريق ماثيو شيرلي (عالم الزواحف من جامعة فلوريدا الدولية) لسارة جيبينز من (ناشيونال جيوغرافيك – (National Geographic: »نتيجة تلك العزلة، وحقيقة دخول وخروج القليل منها، فإنها تسير نحو التحول إلى فصيلةٍ جديدة.
يتوقع الجميع أن يحدث ذلك عاجلًا أم آجلًا .«
منذ اكتشافها للمرة الأولى، عكف العلماء على دراسة حركات تلك التماسيح الأفريقية القزمة وأنماط تزاوجها، مع مقارنتها بأقرب جيرانها التي تعيش على مشارف شبكة الكهوف.
يختلف التعايش على الخفافيش والصراصير – المفضلة للتماسيح البرتقالية- عما تقتاته التماسيح خارج الكهوف، مثل الأسماك والقشريات بصفةٍ أساسية.
وتتغير ألوان تلك الزواحف ساكنة الكهوف، فتتحول إلى اللون البني مع التقدم في العمر بسبب وجود روث الخفافيش في المياه التي تعيش فيها.
يقول شيرلي لناشيونال جيوغرافيك: »روث الخفاش يتكون في الأساس من اليوريا، وعندما تعيش في مستنقعات الروث نعتقد أن جلود التماسيح تصطبغ بفعل المياه عالية الحموضة«.
إن تحليل الحمض النووي لحوالي 30 – 40 تمساحًا كهفيًا هو ما أذهل الخبراء حقًا، حيث أظهر نمطًا فردانيًّا فريدًا من نوعه غير موجودٍ في الحيوانات التي تعيش خارج الكهوف وهي مجموعةٌ من الجينات المتوارثة معًا.
قال ريتشارد أوسليسلي (أحد الباحثين من المعهد الفرنسي لأبحاث التطور) لجيريمي هانس من صحيفة (الجارديان – :(The Guardian »يمكن القول إنَّ لدينا فصيلةً متحورةً بسبب تميز تماسيح الكهوف بنمطٍ فردانيٍّ جينيٍّ مختلفٍ تمامًا.
فحميتها مختلفةٌ تمامًا، وهي فصيلةٌ تمكنت من التكيف على عوالم ما تحت الأرض«.
لم يتم التأكيد حتى الآن على تميز الفصيلة الجديدة، ويعمل الفريق على ورقةٍ بحثيةٍ جديدةٍ لتقديم آخر ما توصل إليه من نتائج، وإن كانت تلك التماسيح تمثل فصيلةً مختلفةً تمامًا يتبقى لغزٌ واحدٌ يجب التوصل إلى تفسيره وهو كيفية تزاوجها.
وفي حين أن الباحثين وجدوا تماسيح أصغر سنًا تغادر الكهوف حتى تتزاوج وتنجب صغارًا، فمن غير الواضح مدى امتلاك الزواحف الأكبر سنًا الوسائل أو الدافعية للزحف خارجًا نحو الضوء.
وفي حال التزام تلك التماسيح بالكهوف عند بلوغها سنًّا معينًا، فلابد أنها توصلت إلى طريقةٍ لوضع البيض دون الحاجة إلى النباتات المتعفنة الضرورية لحضنه.
يعتقد الفريق أن بعض التماسيح مازالت تشق طريقها عائدةً إلى الكهوف مع كل جيلٍ جديد، وهو أمرٌ اعتادت على القيام به لآلاف السنين، حيث نشأت التماسيح قاطنة الكهوف للمرة الأولى في الظلمة.
علاوةً على الفصيلة الجديدة المحتملة، ترشدنا هذه الدراسة إلى كيفية تكيف التماسيح في مختلف البيئات، وفي واقع الأمر لا تختلف تلك الكهوف عن البيئة الطبيعية للتماسيح التي تصل درجة حرارتها إلى 22 مئوية (71.6 فهرنهايت).
وهناك خططٌ حاليةٌ لتحويل المنطقة إلى محمية حياةٍ بريةٍ حتى يمكن النظر عن كثبٍ إلى تلك الضواري الغريبة.
وسوف تُنشر ورقةٌ حول البحث الأخير في الأسابيع القليلة القادمة لكنَّ الفريق عمل على نشر النتائج الأولية في مجلة (الإيكولوجيا الإفريقية -African Journal of Ecology).
- ترجمة: نصر مسامح
- تدقيق: تسنيم المنجّد
- تحرير: زيد أبو الرب