في الربيع الماضي، عُرضت الصور الأولى على الإطلاق لثقب أسود، لكن ما يريده العلماء حقًا هو تصويره فيلميًا، الأمر الذي سيتطلب استخدام المزيد من الأجهزة. ولحسن الحظ، مُنح تليسكوب أفق الحدث Event Horizon Telescope المال اللازم للبدء في هذا المشروع.
تأتي المنحة البالغ قدرها 12.7 مليون دولار من مؤسسة العلوم الوطنية National Science Foundation، والتي تُعتبر مصدرًا طويل الأجل لتمويل مشروع تصوير الثقب الأسود.
صرح شيب دولمان Shep Doeleman، عالم الفلك بمركز هارفارد-سميثونيان للفيزياء الفلكية Harvard-Smithsonian Center for Astrophysics والمدير المؤسس لمشروع تليسكوب أفق الحدث: «لقد كانت النتائج مذهلة، وفاقت أكثر توقعاتنا جموحًا، إني حقًا فخور بما حققناه كفريق، لكن السؤال الأكثر ترددًا الآن هو: وماذا بعد؟».
الإجابة هي: صور متحركة للثقب الأسود بدلًا من الصور الساكنة، بيانات كهذه ستكون عظيمة الفائدة، خاصةً لمساعدتنا على فهم الثقب الأسود الهائل الأهم بالنسبة لنا، وهو الموجود في مركز مجرتنا.
صرحت كاتي بومان Katie Bouman عالمة الكمبيوتر في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا Caltech، والمشاركة في تليسكوب أفق الحدث: «تحتوي مجرة درب التبانة على ثقبٍ أسود هائل يتطور بصورة كبيرة خلال الليلة الواحدة، نحن نعمل على تطوير طرق جديدة تتضمن دمج أفكار التعلم الآلي بالتصورات الحسابية؛ لصنع الأفلام الأولى التي تُصوِّر حركة الغازات تجاه أفق الحدث».
يقوم مشروع تليسكوب أفق الحدث على فكرة جمع عدة مراصد من أنحاء العالم، وربطها معًا ليحاكي تليسكوبًا هائلًا بحجم كوكب الأرض.
في أبريل 2017، ساهمت ثمانية أجهزة في رصد الثقب الأسود الهائل الموجود في قلب مجرة «M87»، وشكلت البيانات المجمعة عن هذا الرصد صورة الثقب الأسود التي أُطلقت سابقًا هذا العام. واتسع المشروع في عام 2018 بضم تليسكوب تاسع إلى عملية رصد الثقب الأسود الهائل الموجود في مركز مجرة درب التبانة.
كان مقررًا ضم جهازين آخرين للمشروع بحلول عام 2020، لكن مع التمويل الإضافي يمكن للفريق إضافة المزيد من التجهيزات؛ الأمر الذي سيؤدي لزيادة وضوح الصور الناتجة.
يخطط فريق تليسكوب أفق الحدث لاستغلال التمويل في ضم مرصد راديو أوينز فالي Owens Valley Radio Observatory بكاليفورنيا وتحديث معدات تليسكوب المليمتر الكبير ألفونسو سيرانو Large Millimeter Telescope Alfonso Serrano بالمكسيك، والذي شارك في الرصد عام 2017.
سيدعم التمويل أيضًا تقييم المواقع المحتملة لإيجاد مناطق صالحة لإضافة أجهزة الرصد، ما سيساعد على زيادة عدد الأجهزة المشاركة في المشروع.
إن عملية الرصد شديدة الدقة، وتتطلب وجود أجهزة الرصد على ارتفاع مناسب وفي مواقع جافة؛ للحصول على أدق وأوضح النتائج.
قد تختلف الأجهزة المستقبلية عن تلك التي استُخدمت لرصد الصور الأولى للثقب الأسود، بعد أن يستخدم فريق تليسكوب أفق الحدث جزءًا من التمويل الجديد لدراسة استخدام أطباق لاقطة أصغر، أقل في تكلفة البناء ولا تحتاج إلى الاعتماد على المراصد الحالية.
أيضًا سيستخدم علماء المشروع الدعم المالي لاستكشاف طرق لتحليل وتسجيل قدر أكبر من البيانات، ولتطوير الخوارزميات المستخدمة للحصول على الصور المتحركة التي يحتاجها العلماء لفهم الثقوب السوداء النشطة بصورة أفضل.
بعد التطوير المُزمع، سيساعد تليسكوب أفق الحدث العلماء على فهم الانبثاق النسبي للمادة بعيدًا عن الثقوب السوداء. وفقًا لفريق تليسكوب أفق الحدث، من المتوقع استخدام المشروع المطور في الرصد الأول له أواخر العقد القادم.
صرح مايكل جونسون Michael Johnson الباحث بمركز هارفارد-سميثونيان للفيزياء الفلكية والمشارك في المشروع: «رغم الدراسات التي استمرت لعقود، فإن بعض الأسئلة الأساسية مازالت دون جواب، لكن مع التطوير القادم لتليسكوب أفق الحدث، سنكون قادرين على دراسة طبيعة الثقوب السوداء كمحركات كونية قوية، قادرة على تنشيط دوامات من البلازما، ودفع كميات هائلة من الطاقة في انبثاقات قادرة على اختراق مجرات بأكملها».
روابط ذات صلة:
اكتشف علماء الفلك ثقبًا أسود فائق الكتلة
الجيل الجديد من تليسكوب أفق الحدث
ترجمة: عمرو خلف
تدقيق: أكرم محيي الدين