نُشرت دراسة جديدة في مجلة Nature حول اكتاشف جديد تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، وأفاد فيها فريق مؤلف من 19 عالمًا من جميع أنحاء العالم عن اكتشاف كوكب خارجي جديد عملاق يدور حول النجم Eps Ind A. وسُمي الكوكب Eps Ind Ab ويبلغ حجمه على الأقل ستة أضعاف حجم المشتري، مع درجة حرارة تبلغ حوالي -280 كلفن، و يعد أبرد كوكب خارجي يصور مباشرةً على الإطلاق.

أشارت إليزابيث ماثيوز -بوصفها باحثة مساعدة من معهد ماكس بلانك للفلك- إلى إن الكواكب العملاقة الباردة مثل Eps Ind Ab يصعب العثور عليها بسبب خفوتها ووقوع معظم الضوء الذي تبعثه في الجزء الأوسط من الطيف الكهرومغناطيسي؛ ويصعب دراسة الجزء الأوسط من الطيف الكهرومغناطيسي من الأرض، ما يجعل تلسكوب جيمس ويب وكاميراته التي تدرس هذا الجزء من الطيف الكهرومغناطيسي أداة أساسية للاكتشاف.

تقول ماثيوز: «قبل تلسكوب جيمس ويب لم يكن لدينا تلسكوب كبير بما يكفي لفصل الكوكب عن النجم مكانيًا، وأيضًا حساس بما فيه الكفاية عند الأطوال الموجية في الجزء الأوسط من الطيف الكهرومغناطيسي».

في 2019 ظهرت أول أدلة على وجود كوكب عملاق يدور حول Eps Ind A، وفي دراستين نُشرتا في فبراير ويوليو 2023 تبنأ العلماء بخصائصه. ولكن عندما درس الفريق البيانات من تلسكوب جيمس ويب، وجدوا كوكبًا مختلفًا تمامًا عما توقعوه، إذ كان Eps Ind Ab أكبر بكثير وأبعد عن نجمه مما كان العلماء يعتقدون سابقًا.

وقدم الكوكب ألغازًا أخرى أيضًا، إذ يلاحظ أن هذا الكوكب مشرق جدًا في الأطوال الموجية في الجزء الأوسط من الطيف الكهرومغناطيسي التي فحصها JWST جيمس ويب، لدرجة أن ماثيوز تقول: «لقد فوجئنا بعدم اكتشافه من الأرض من قبل».

تتنبأ معظم النماذج بأن كوكبًا ساطعًا مثل Eps Ind Ab في هذه الأطوال الموجية سيكون أيضًا ساطعًا في أطوال موجية أخرى، وبالأخص طولًا موجيًا واحدًا دُرِس فيه نظام Eps Ind Ab بالتفصيل.

لم تكتشف تلك الملاحظات Eps Ind Ab، ما يشير إلى أنه ليس في الواقع ساطعًا عند الطول الموجي 4 ميكرومتر، فيتكهن الفريق بأن هذا قد يكون بسبب غنى الغلاف الجوي للكوكب بالمركبات التي تمتص الضوء في نطاق 4 ميكرومتر.

تعتقد ماثيوز أن أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون والميثان يشكلون ربما مفتاح اللغز لنموذجهم، وإذا كان هذا صحيحًا، فسيعني أن الكوكب غني بهذه المركبات أكثر من المتوقع، ما يثير بدوره أسئلة أخرى حول كيفية تشكل الكوكب.

تقول ماثيوز: «من الصعب بعض الشيء وضع نموذج لكيفية تشكل الكوكب بوجود الكثير من هذه العناصر الثقيلة». وتحذر من أن النظرية حول وجود هذه العناصر تحتاج إلى مزيد من البيانات قبل تأكيدها.

ويأمل الفريق بفحص الغلاف الجوي للكوكب بواسطة أدوات جيمس ويب الطيفية، ما سيسمح بقياس مباشر لتركيب الغلاف الجوي للكوكب. ويعد Eps Ind Ab موضوعًا لدراسة مكثفة في المستقبل، إذ توجد أسئلة معلقة حول الكوكب نفسه، وهي تكوين غلافه الجوي وعملية تشكله.

وأيضًا هناك حقيقة أخرى تتعلق بهذا الكوكب وهي أنه يوفر فرصة لإجراء ملاحظات مباشرة لفئة نادرة نسبيًا من الكواكب الخارجية، ما يجعله مصدرًا ممتازًا للبيانات الواقعية التي يستطيع العلماء اختبار نماذجهم النظرية من خلالها.

تشرح ماثيوز: «في علم الفلك غالبًا ما نستطيع قياس سطوع النجوم والأقزام البنية والكواكب فقط، وغالبًا ما نريد أن نكون قادرين على استنتاج كتل هذه الأجسام بناءً على سطوعها».

لتحقيق ذلك؛ يطور العلماء نماذج لربط السطوع بالكتلة، تحاكي هذه النماذج تشكيل هذه الأجسام، وتطورها. وقدم Eps Ind Ab للعلماء فرصة أولى لاختبار نموذج التطور الحراري عند نطاق درجات حرارة منخفضة.

أشارت الدراسة إلى أن كانت النتائج مشجعة: «فدرجة الحرارة المثلى للكوكب تتوافق مع نماذج التطور الحراري النظرية».

أخيرًا، Eps Ind Ab ونجمه الأم مرتبطان جاذبيًا بما يصفه الفريق بأنه (نظام قزم بني منفصل على نطاق واسع). وتقول ماثيوز إن كلا القزمين البنيين على الأرجح تشكلا من نفس المادة، وفي نفس الوقت، مع Eps Ind Ab ونجمه الأم.

و معرفة أن جميع الأجسام الأربعة على الأرجح تشترك في أصل واحد تجعل دراسة النظامين ذات قيمة كبيرة لاختبار نماذج التشكيل والتطور.

وختامًا، يعِد تلسكوب جيمس ويب بتوفير المزيد من المعلومات في هذا المجال أيضًا، مع ملاحظات للأقزام البنية مجدولة للسماح للفريق بمقارنة كيمياء غلافها الجوي مع غلاف Eps Ind Ab.

اقرأ أيضًا:

تلسكوب جيمس ويب يرصد أبعد اندماج لثقبين أسودين حتى الآن

تلسكوب جيمس ويب الفضائي يكتشف ضوءًا قادمًا من كوكب صغير يشبه الأرض

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: جلال المصري

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر