تسمح أنظمة الذكاء الاصطناعي لنا بالتنبؤ بالأنظمة العشوائية، خصوصًا مع ازدياد قدراتها الهائلة التي أصبحت تعتمد على أنماط أقل مما سبق، والآن بفضل خوارزمية جديدة في التعلم الآلي تزداد دقة عمليات التنبؤ هذه.
النظام العشوائي هو النظام الذي ينمو فيه اضطراب صغير بمرور الوقت، ما يجعل الحالة النهائية غير متوقعة بعد وقت ما في المستقبل. فالطقس مثلًا، لا نستطيع التنبؤ به بدقة بعد عام واحد من اليوم، لكن لدينا تنبؤات جيدة جدًا تصل إلى نحو أسبوعين نظرًا إلى الكمية الكبيرة من بيانات الطقس عالية الجودة التي نحصل عليها الآن باستخدام الأقمار الصناعية وما إلى ذلك.
أما التعلم الآلي فهو خوارزميات الحاسوب التي تستخدم عملية اكتشاف الأنماط لإنتاج تنبؤات بناءً على أرشيفات البيانات الكبيرة السابقة، إن نماذج التعلم الآلي الحالية تستخدم فقط البيانات المرصودة المنمذجة بكميات كبيرة وتتطلب أوقات مراقبة طويلة وموارد حسابية كبيرة.
اقترح باحثون خوارزمية جديدة في التعلم الآلي تستخدم تقنيات الحوسبة التخزينية (جيل جديد من الحوسبة المتعلقة بالشبكات العصبونية المتكررة) التي تتخد نهجًا أكثر ديناميكية وسرعة في التعلم الآلي، وقد حسّنت هذه الخوارزمية من نتائج التنبؤ بعمليات أنظمة فيزيائية معقدة، مثل التنبؤ بالطقس العالمي. وقد أصبح زمن معالجة تلك العمليات أقل بكثير من الوقت المعتاد وبدقة أكبر وباستخدام موارد حسابية أقل واستنادًا إلى بيانات تدريب أقل.
يعمل نهج حوسبة التخزين على تقليد الدماغ البشري، إذ تغذى العصبونات المتصلة بهذا (الخزان) عشوائيًا بالمعلومات في سبيل اكتشاف أنماط مفيدة، تُستخدم النتائج فيما بعد في دورات التعلم التالية.
يقول الفيزيائي ويندسون باربوسا من جامعة ولاية أوهايو: «هذا أمر مثير جدًا، نعتقد أنه تقدم كبير فيما يتعلق بكفاءة معالجة البيانات ودقة التنبؤ في مجال التعلم الآلي».
مع مرور الوقت زاد استخدام هذه الأنظمة وأصبحت أكثر كفاءة، ثم ظهر أحد الابتكارات في التعلم الآلي الذي سمح لمكونات النموذج التنبئي بأن تحدث بالتوازي. وباستخدام هذه البنية مع أحدث تقنيات الحوسبة التخزينية سيسمح ذلك للخوارزميات باكتشاف التماثلات المحتملة وتحديدها فيما كان يُعد فوضى من المعلومات.
اختبر الباحثون نهجهم الجديد على نموذج الطقس الجوي باستخدام حاسوب محمول عادي يعمل بنظام ويندوز، وتمكنوا من إنتاج تنبؤات في جزء من الثانية بينما كانت تحتاج إلى جهاز كمبيوتر عملاق لإجرائها، وفي إحدى الحالات أُجريت الحسابات بسرعة فاقت الخوارزميات التقليدية بنحو 240 ألف مرة.
يقول دي سا باربوسا: «إذا عُرفت إحدى المعادلات التي تصف بدقة كيفية تطور هذه العمليات الفريدة لنظام ما، فبالوسع عندئذٍ إعادة إنتاج سلوكه والتنبؤ به».
بالوسع استخدام خوارزميات التعلم الآلي للتنبؤ بجميع أنواع الأحداث المستقبلية، وإيجاد تطبيقات في مجالات مختلفة ومتنوعة، بدءًا بالتنقيب عن الموارد وحتى اكتشاف هجمات الهندسة الاجتماعية (أحد أشكال التواصل الذي يهدف إلى كسب ثقة الناس في البداية وتحفيزهم على مشاركة معلوماتهم الحساسة).
مع ازدياد تعقيد هذه السيناريوهات، تزداد المتغيرات التي يجب أخذها في الحسبان باضطراد، ما يدفع الحدود المفروضة على الموارد الحسابية إلى أقصاها.
إن أنظمة التعلم الآلي قادرة على تحديد الأنماط في البيانات السابقة التي يستحيل على العين البشرية أن تكتشفها، وتستطيع بعد ذلك التنبؤ بتكرارها، وهي قادرة أيضًا على أداء دورات تغذية راجعة تؤدي دورًا مهمًا في تحسين دقة تنبؤ النموذج بمرور الوقت.
وفقًا للباحثين، قد تُستخدم هذه الخوارزميات الجديدة والمحسّنة في مجموعة متنوعة من المواقف والأحداث، مثل مراقبة أنماط ضربات القلب واكتشاف المشكلات الصحية التي قد لا ننتبه إليها عادةً.
يقول دي سا باربوسا: «تعد خوارزميات التعلم الآلي الحديثة مناسبة للتنبؤ بالأنظمة الديناميكية خصوصًا، وذلك من خلال تعلم قواعدها الفيزيائية الأساسية باستخدام البيانات التاريخية التي جُمعت حول الأحداث الماضية المتعلقة بموضوع معين. ما إن يتوفر ما يكفي من البيانات والقدرة الحسابية، نستطيع التنبؤ باستخدام نماذج التعلم الآلي حول أي نظام معقد في العالم الحقيقي».
اقرأ أيضًا:
نموذج جديد يستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بأحوال الطقس بدقة كبيرة
خوارزمية ذكاء اصطناعي يمكنها تعلم قوانين ميكانيكا الكم!
ترجمة: تسنيم فندقلي
تدقيق: محمد حسان عجك