طبقًا لفريق من الخبراء من مختبر أرجون الوطني التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، يستخدم المختبر النووي الأمريكي قدرة جديدة للذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة المفاعل النووي وسلامته، وهي تكنولوجيا تعلم الآلة machine learning التي تتميز بالقدرة على إحداث تحول نوعي في تحسين الأمن والكفاءة لعمليات المفاعل النووي.
استعرض الفريق تطبيق تعلم الآلة في مفاعل أرجون النووي المتخصص والمتطور، وهو أحد أنواع المفاعلات النووية السريعة التي تستخدم الصوديوم السائل كمبرد لقلبها. بمقدور تطبيق تعلم الآلة توليد الكهرباء بكفاءة دون إنتاج انبعاثات الكربون عبر العمليات الانشطارية للذرات الثقيلة.
هناك تفاؤل واسع بأن هذه المفاعلات تمتلك القدرة على إحداث ثورة في توليد الطاقة والمساهمة في الحد من النفايات النووية، مع أنها لا تُستخدم حاليًا لأغراض تجارية في الولايات المتحدة. يُنظر إلى المفاعلات النووية المبردة بالصوديوم على أنها -في المستقبل القريب- ستكون دربًا ممكنًا لتوليد طاقة أنظف وأكثر استدامة.
الحاجة إلى نظام تعلم الآلة
أبرز البيان الرسمي أنه في الوقت الحالي تواجه تلك التكنولوجيا عقبة كبرى تتعلق بضمان نقاء الصوديوم السائل المستخدم في تبريد الحرارة المرتفعة في المفاعلات النووية.
يعد الحفاظ على هذا النقاء أمرًا بالغ الأهمية لمنع تآكل النظام وانسداده، واستجابة لهذه المشكلات أنشأ علماء مختبر أرجون نظام تعلم الآلة الذي غيّر قواعد اللعبة.
قال ألكسندر هيفيتز المهندس النووي الرئيسي في مختبر أرجون، في بيان صحفي: «نسخر قوة تعلم الآلة في المراقبة المستمرة والكشف عن الحالات الشاذة والاختلالات، للارتقاء بآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال التحكم في الأجهزة. سيُحدِث ذلك طفرة في كفاءة أنظمة الطاقة النووية وفاعليتها من ناحية التكلفة».
ما هي امكانيات نموذج تعلم الآلة؟
أنشأ الفريق نموذجًا لتعلم الآلة مع الأخذ في الاعتبار مجموعة متنوعة من المعايير التشغيلية، أولها أن يكون نموذج تعلم الآلة قادرًا على المراقبة المستمرة لنظام التبريد.
جهز الخبراء النموذج ليحلل بيانات 31 جهاز استشعار في منشأة حلقة اختبار هندسة الآليات في أرجون التي تقيس المتغيرات مثل درجات حرارة السائل، والضغوط، ومعدلات التدفق.
تعد منشأة حلقة اختبار هندسة الآليات منشأة تجريبية فريدة من نوعها، طُوِّرت لتقييم المواد والمكونات المقترحة للاستخدام في هذه المفاعلات النووية بطريقة آمنة ودقيقة، فهي بمثابة مركز تدريب للمهندسين والفنيين، وحتى لنماذج تعلم الآلة، الذين يمكنهم جميعًا المساهمة في تشغيل تلك المفاعلات وصيانتها.
إن دمج نظام كامل معزز بتعلم الآلة قد يؤدي إلى تحسين المراقبة، ما يقلل من خطر حدوث اختلالات قد تعطل تشغيل المفاعل النووي، وكذلك أظهر الفريق قدرة النموذج على اكتشاف الاختلالات التشغيلية بسرعة وبصورة صحيحة.
أوضح البيان أنهم اختبروا ذلك عبر محاكاة خلل يدور حول فَقْد سائل التبريد، الذي يتميز بارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة ومعدل التدفق، واكتشف النموذج الخلل في غضون نحو 3 دقائق من بدايته.
بينما يقدم البحث تحسينات كبيرة للنماذج المستقبلية في نهاية الأمر، إلا أن هناك قيود كبيرة للنموذج، مثل إمكانية إصدار إنذارات كاذبة بسبب ظهور ارتفاعات عشوائية في درجات الحرارة، أو قصور في عمل أجهزة الاستشعار.
في الوقت الحالي يرسل النموذج تنبيهًا عندما يتجاوز الارتفاع عتبة محددة مسبقًا. مع العلم أنه ليست كل الارتفاعات تعبر عن اختلالات، لهذا يخطط الفريق لتحسين النموذج لجعله قادرًا على التمييز بين «الاختلالات الصحيحة وقياس التشويش العشوائي بالخطأ».
أنهى هيفيتز حديثه قائلًا: «مع أننا نستخدم القدرات الفريدة لمنشأة حلقة اختبار هندسة الآليات في تطوير واختبار خوارزمياتنا في وحدة أبحاث تجريبية للمعادن السائلة، إلا أنه في الإمكان رؤية تطبيقات ذلك في المفاعلات النووية المتقدمة، ومن ثم يوفر هذا المزيد من الطاقة الخالية من الكربون في المستقبل».
اقرأ أيضًا:
إنجاز غير مسبوق! الذكاء الاصطناعي ينجح في التحكم في بلازما الاندماج النووي
هل يمكن للطاقة النووية إنقاذنا من الاحتباس الحراري؟
ترجمة: عمرو أحمد
تدقيق: تسبيح علي