الصدفية مرض مزمن يصيب الجلد ويتمثل في ظهور بقع أو رقعات ذات قشور تسبب الحكة. تظهر أعراض الصدفية ثم تختفي في نوبات مثل غيرها من الاضطرابات المزمنة، الصدفية مرض غير معدي. قد لا يواجه المريض في فترة معينة أي أعراض أو تظهر أعراض بسيطة، وفي فترات أخرى تزداد الأعراض شدة وقسوة.
أوضح الطبيب أنتوني فيرنانديز، مختص الأمراض الجلدية: «قد يشعر مريض الصدفية الذي لا يقوم بأي تغييرات في نمط حياته أن الأعراض تخف في بعض الأحيان، وتزداد شدة وتصبح أسوأ في أحيان أخرى. تعبر الدورة السابقة عن التغيرات الطبيعية التي تميز مسار الأمراض الالتهابية المزمنة».
معرفة الأسباب التي تؤدي إلى بدء نوبة الصدفية ومراقبة الأعراض بدقة بهدف تجنب العوامل المحفزة، تساعد مريض الصدفية على التحكم في المرض وتقليل شدة أعراضه وحدتها قدر الإمكان.
أشار الطبيب فيرنانديز: «يريد المريض دائمًا أن يعزى بدء نوبة الصدفية إلى شيء معين يواجهه في حياته. على الطبيب التفكير في التغيرات التي طرأت في حياة المريض في الفترة الأخيرة. يحاول الاختصاصي بعد ذلك معرفة هل للتغيرات السابقة بالفعل دور في بدء ظهور أعراض الصدفية؟ وهو أمر ليس بالسهل معرفته».
كشف الطبيب فيرنانديز عن أكثر محفزات نوبة الصدفية شيوعًا، وأجاب عن السؤال الأهم فيما يخص الحالات التي ينبغي فيها للمرء مراجعة الطبيب المختص لتخفيف أعراضه، ووضع خطة علاج تناسب حالته.
أشيع 5 محفزات لنوبة الصدفية:
تحفز زيادة نشاط الجهاز المناعي حالة الالتهاب المرافقة للصدفية، يعني ذلك أن جميع العوامل التي بإمكانها تحريض ردة فعل مناعية قد تحفز بدء نوبة الصدفية لدى المريض.
يقول فيرنانديز: «تشترك الصدفية مع معظم الأمراض الالتهابية المزمنة الأخرى في أشيع العوامل المحفزة لها».
تحديد المحفزات الخاصة بكل مريض أمر صعب، نظرًا إلى اختلاف آلية عمل الجهاز المناعي لكل فرد بناء على جيناته، وتاريخه العائلي، وتركيبه البيولوجي، والاضطرابات الصحية الأخرى.
تتبدل طبيعة العوامل المحفزة في كثير من الأحيان، إذ ينبغي تحديدها لكل فرد بسبب تغيرها بمرور الوقت واختلافها من شخص إلى آخر. تصنف معظم العوامل المحفزة لنوبة الصدفية إلى 5 فئات أساسية:
1- الإصابة بالعدوى
قد يحفز أي حدث يؤثر في الجهاز المناعي بدء نوبة الصدفية، خصوصًا إذا أصيب المريض بالعدوى. يفسر ذلك حدوث نوبة الصدفية وازدياد شدة الأعراض بعد مواجهة أي مما يلي:
- التهابات في الأذن.
- التهابات في السبيل التنفسي.
- التهاب القصبات.
- التهاب اللوزات.
- الإنفلونزا.
- التهاب الحلق بالمكورات العقدية.
«التهاب الحلق بالمكورات العقدية عامل محفز معروف للصدفية، خصوصًا النمط ثانوي منها، ما يعرف بالصدفية النقطية». يتمثل هذا النوع من الصدفية في بقع أو رقعات صغيرة الحجم حمراء اللون في شكل دمعة تظهر على سطح الجلد. تشيع الإصابة بهذا النوع من التهاب الحلق بين الأطفال والشباب، قد يصاب أي شخص رغم ذلك بالالتهاب إذا أصيب بالعدوى وكان عرضة لنوبة الصدفية.
لا يستطيع المرء التحكم في إصابته بالانفلونزا أو أي عدوى فيروسية. مع ذلك تُعد معرفة دور العدوى في تحفيز بدء نوبات الصدفية أمرًا مهمًا، خصوصًا إذا كان المريض يريد تجنب أذية بقع الصدفية على جلده والإصابة بعدوى أشد. قد يستفيد أيضًا مقدم الرعاية الصحية من معرفة الأساليب العلاجية التي تناسب نمط الصدفية الذي يعانيه المريض.
«في حالة المريض الذي يعاني حاليًا نوبة صدفية وأصيب حديثًا بالتهاب في الجهاز التنفسي العلوي، أو بالاحتقان، أو بالسعال المزمن، نتجه إلى كيفية التعامل مع النوبة وتخفيف أعراضها».
2- الإصابة الجلدية
تملك الخلايا الجلدية خلال نوبة الصدفية معدل تبدل مرتفع، يعني ذلك أن الجسم يشرع في إنتاج كم أكبر من الخلايا الجلدية في مناطق معينة من الجسم بسبب ردة فعل الجهاز المناعي مفرط التفعيل. قد تسبب الإصابة بأذية جلدية مثل كدمة، أو سحجة، أو عضة، أو خدش، أو طفح جلدي، أو حتى حرقة الشمس، بدء نوبة الصدفية نتيجة تفعيل الجهاز المناعي وتحريض الالتهاب في المنطقة المصابة من الجلد.
ينصح مريض الصدفية الذي أصيب بإصابة جلدية أن يحاول علاجها بأسرع وقت، وتجنب أذية المنطقة وخدشها، وتهدئة الحكة وتسكينها إن أمكن.
3- الأدوية
يربط معظم الناس الأدوية بالعلاج والشفاء، قد تحرض بعض الأدوية رغم ذلك أحيانًا تأثيرات جانبية غير مرغوبة مثل نوبة الصدفية. يُنصح مريض الصدفية الذي بدأ تناول دواء جديد باستشارة الطبيب المختص فيما إذا كان هذا الدواء قد يسبب بدء نوبة الصدفية، وعن وجود دواء بديل ممكن. تشمل بعض أنواع الأدوية التي قد تحرض نوبة الصدفية:
- الأدوية الخافضة لضغط الدم مثل حاصرات بيتا.
- الليثيوم.
- بعض أدوية التهاب المفاصل.
- الأدوية المضادة للملاريا.
- مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية.
- الستيروئيدات القشرية مثل البريدنيسون.
لا تشمل القائمة السابقة جميع الأدوية التي قد تسبب بدء النوبة، ينصح المريض -إذا كان يأخذ أحد الأدوية الموجودة في القائمة أو إذا كان يعتقد أن تناوله لدواء معين غير موجود في هذه القائمة هو سبب نوبة الصدفية- باستشارة الطبيب المختص قبل وقف الدواء.
يصعب التحكم في النظام الدوائي الخاص بالمريض، وقد يعرض وقف أحد أدوية النظام السابق المريض لخطر حقيقي. لا ينصح الأطباء عادة بوقف المريض دواءه فجأة. يعرف الليثيوم مثلًا بقدرته على تحريض نوبة الصدفية، إلا أن هذا الدواء لا يمكن وقفه فجأة.
«يبحث الأطباء عادةً عن بدائل وخيارات أخرى للدواء الذي يُعتقد أنه يسبب بدء نوبة الصدفية وزيادة شدة أعراضها لدى المريض، نظرًا إلى أن الطبيب وصف هذا الدواء للمريض بهدف علاجي لمشكلة صحية مهمة. قد يتواصل طبيب الجلدية مع الطبيب الذي وصف الدواء السابق».
4- التوتر
يعرف التوتر الشديد أو المزمن بدوره في التسبب بمجموعة واسعة من المشكلات الصحية مثل ارتفاع ضغط الدم، أو زيادة بعض الأمراض سوءًا مثل الإكزيما. «كثيرًا ما يعبر المريض لطبيبه المختص عن التوتر الزائد الذي يعانيه مؤخرًا والذي يزيد من سوء أعراض الصدفية، لا يخلو هذا الكلام من الصحة».
اكتشف عدد من الدراسات العلمية على مدى السنوات الأخيرة وجود ارتباط بين التوتر والأمراض الالتهابية المزمنة، مثل الصدفية.
تنبغي أيضًا معرفة أن نوبات الصدفية قد تزيد من التوتر لدى المريض، ما يدخله في حلقة لا متناهية قد يشعر فيها أنه لا يستطيع التحكم في أعراضه وتخفيفها. قد يساعد تخفيف التوتر وممارسة تقنيات الاسترخاء على تهدئة نوبات الصدفية.
5- الطقس والعوامل البيئية
التعرض البيئي مصطلح واسع يُستخدم ليصف بعض العوامل مثل الروائح، ومسببات الحساسية، وحتى أشعة الشمس. «قد توجد بعض العوامل المحفزة لنوبة الصدفية في المنطقة التي يعيش فيها المريض أو في أوقات محددة من السنة».
قد يحرض الطقس الجاف والبارد بدء نوبات الصدفية لدى بعض المرضى، خصوصًا منهم المعتادين على الأجواء الرطبة والمشمسة. قد يعاني الأشخاص الذين يقضون معظم وقتهم في المنزل تحت أجهزة تكييف الهواء بدء نوبة الصدفية إذا تعرضوا لحرقة الشمس أو قضوا وقتًا طويلًا خارج المنزل في الطقس الحار.
«قد يشرح المريض مثلًا تعرضه الزائد للروائح المنبعثة من المصنع قرب منزله في فصل الخريف، مشيرًا إلى كونها سبب نوبات الصدفية لديه، ما يدفع الطبيب إلى محاولة معرفة تأثير تقليل التعرض للروائح على تواتر النوبات».
يمثل العلاج الضوئي، مثل العلاج بالأشعة فوق البنفسجية، علاجًا فعالًا للصدفية. يفسر ذلك بدور الأشعة فوق البنفسجية في اختراق الجلد وتخفيف الالتهاب، ما يساعد على تخفيف أعراض الصدفية.
يؤكد الطبيب فيرنانديز أهمية التعرض لجرعات متوسطة فقط من الضوء، أي تجنب الاسمرار وحرقة الشمس، نظرًا إلى تأثير التعرض الزائد للأشعة الضوئية في أذية الخلايا الجلدية وتطور سرطان الجلد مستقبلًا.
اقرأ أيضًا:
علاج الالتهاب المزمن المترافق مع الصدفية
أظهرت دراسة كبيرة الارتباط بين فيتامين د وشدة الصدفية
ترجمة: رهف وقاف
تدقيق: وسام صايفي