كان للحروب والمعارك منذ فجر التاريخ تأثير لا يخفى على عالمنا، إذ ساهمت الصراعات في تشكيل العالم وتغييره بدايةً من أقدم المعارك في بلاد الرافدين القديمة حتى الحروب المعاصرة في الشرق الأوسط، ورغم تطور الحروب عبر العصور وزيادة تعقيدها فإن قدرتها على تغيير العالم بقيت ثابتةً لا تتغير. فلننظر -فيما يلي- إلى 5 حروب طاحنة تركت أثرًا عظيمًا على التاريخ، شهدها العالم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر للميلاد.
الثورة الفرنسية والحروب النابليونية
حلت المجاعة وبولغ في الضرائب وضربت أزمة مالية العامة في فرنسا فاشتعلت نيران الثورة سنة 1789 وسقطت الحكومة الملكية سنة 1791 ما أدى إلى اندلاع إحدى أكثر الحروب بشاعةً في التاريخ الأوروبي.
بدأت القصة بغزو القوات الفرنسية النمسا، ومن هناك عمت أحداثها أنحاء العالم وشهدت صعود نجم نابليون بونابرت (حكم 1804-1814) واندلاع الحروب النابليونية سنة 1803 م.
بحلول نهاية الحرب عام 1815 كانت معظم الدول الأوروبية قد شاركت في النزاع، إضافةً إلى ذلك، نتج عنها أول صراع أمريكي عُرف باسم «شبه الحرب». هُزم نابليون وتوِّج الملك لويس الثامن عشر (حكم 1815 – 1824) في فرنسا ورُسمت حدود جديدة لدول أوروبا، وانتهى الأمر بإنجلترا لتصبح القوة العالمية المسيطرة.
من الحروب في العالم الجديد: حرب 1812
لم يمض وقت طويل بعد الثورة الأمريكية حتى تورطت الدولة الحديثة وإنجلترا في حرب جديدة اندلعت سنة 1812 واستمرت حتى 1815 م.
أسباب الحروب متعددة، ومن أسباب حرب 1812 الخلافات التجارية ومساندة القوات البريطانية للسكان الأصليين على حدود الدولة، وقد قاتلت الجيوش الأمريكية المشكلة حديثًا بصورة حسنة؛ حتى أنها حاولت غزو أجزاء من كندا، لكن الحرب القصيرة لم تنته بانتصار واضح لأحد الطرفين، رغم أنها زادت من فخر الدولة الفتية واعتزازها بنفسها ونمّت شعورها بهويتها الوطنية.
إحدى الحروب التوسعية: الحرب المكسيكية الأمريكية
بعد أن خاض الضباط الأمريكيون حرب السيمينول الثانية في فلوريدا، كانوا قد تدربوا جيدًا ليديروا الحرب القادمة التي بدأت قصتها حين نالت تكساس الاستقلال عن المكسيك عام 1836، ووصلت ذروتها حين انضمت الدولة المستقلة حديثًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1845 م.
أُعدَّ المسرح للمعركة بحلول سنة 1846، وفي مايو من تلك السنة طلب الرئيس الأمريكي جيمس بولك (حكم 1845 – 1849) إعلان الحرب على المكسيك، وسرعان ما تجاوزت المعارك حدود تكساس حتى وصلت إلى ساحل كاليفورنيا. وفي النهاية، رسمت الحدود الجنوبية لأمريكا بتوقيع معاهدة غوادالوبي هيدالغو عام 1848 م وقد ضمت الأراضي التي سرعان ما ستصبح ولايات كاليفورنيا ونيفادا وتكساس ويوتا، إضافةً إلى أقسام من أريزونا وكولورادو ونيو مكسيكو ووايومنغ.
الحرب الأهلية الأمريكية
ستُعدُّ الحرب الأهلية الأمريكية إحدى أكثر الحروب دمويةً وتفرقةً في التاريخ؛ إذ قسّمت أفراد العائلة الواحدة ضد بعضهم في حين خاض الشمال والجنوب معارك شرسةً قتلت ما مجموعه نحو 600 ألف جندي من الطرفين؛ أي أكثر من عدد الجنود الذين قُتلوا في باقي حروب أمريكا مجتمعين.
كان سبب الحرب الأهلية هو رغبة الولايات الكونفدرالية الأمريكية بالانسحاب من الاتحاد، وكانت خلف هذا السبب عوامل كثيرة منها العبودية وحقوق الولايات والسلطة السياسية. وقد كان هذا الصراع ينضج عبر السنين حتى اشتعلت ناره رغم الجهود الحثيثة لمنعه.
اندلعت الحرب سنة 1861 م فاستعرت المعارك حتى استسلم القائد روبرت لي (1807-1870) للقائد يوليسيس غرانت (1822-1885) في أبوماتوكس عام 1865 م. حافظت الولايات المتحدة على وجودها لكن الحرب الأهلية تركت ندوبًا في الأمة احتاجت إلى وقت طويل لتشفى (مثل الندوب التي تتركها الحروب عادةً).
الحرب الأمريكية الإسبانية
الحرب الأمريكية الإسبانية هي إحدى أقصر الحروب في التاريخ الأمريكي إذ لم تستمر إلا بضعة أشهر بين أبريل وأغسطس من سنة 1898 م، وكان سبب الصراع هو كوبا إذ رأى الأمريكيون أن طريقة تعامل إسبانيا مع سكان هذه الجزيرة غير منصفة، لكن كان للصراع سبب آخر أيضًا هو غرق سفينة «يو أس أس ماين» الأمريكية.
مع أن العديد من المعارك خيضت على البر، انتصر الأمريكيون في العديد من المعارك البحرية، وانتهت الحرب القصيرة بسيطرة أمريكا على الفلبين وغوام، فكان هذا أول استعراض للقوة الأمريكية في العالم الواسع خارج القارتين الأمريكيتين.
اقرأ أيضًا:
الحرب العالمية الثالثة: الأسباب التي قد تشعلها
معركة السوم في الحرب العالمية الأولى
ترجمة: الحسين الطاهر
تدقيق: نور عباس
مراجعة: آية فحماوي