تضيق الصمام التاجي Mitral Valve Stenosis. يقع الصمام التاجي على الجانب الأيسر من القلب، بين حجرتي الأُذين والبطين (الأُذين هو الحجرة العليا، بينما البطين يمثل الحجرة السفلى). يُضخ الدم من الأذين الأيسر للبطين الأيسر عبر الصمام التاجي ليخرج من القلب إلى الشريان الأبهر.
يسمح الصمام التاجي السليم بمرور الدم عبره ولكنه يمنع رجوعه إلى الأُذين.
عندما تتضيق فتحة الصمام التاجي، يحدث حينئذٍ مرض يُعرف بتضيق الصمام التاجي (بالإنجليزية: Mitral Valve Stenosis)، ما يقلل تدفق الدم عبر الصمام ما بين الأُذين والبطين. يمكن أن تتسبب هذه الحالة بالعديد من المشاكل متضمنةً على سبيل المثال: التعب، وصعوبة في التنفس، والجلطات الدموية، وفشل القلب.
التندب (ظهور الندب) في الصمام التاجي والناجم عن الحمى الروماتيزية Rheumatic Fever، وهو السبب الرئيسي لمرض تضيق الصمام التاجي. وعلى الرغم من كون الحمى الروماتيزية شائعةً في العديد من البلدان، فقد أصبحت نادرةً في الولايات المتحدة بسبب التعرف والعلاج المبكر لالتهابات المكورات العقدية (مسببة الحمى).
ما هي أسباب تضيق الصمام التاجي ؟
يحدث تضيق الصمام عادةً بسبب الحمى الروماتيزية (مرض يصيب الإنسان في مرحلة الطفولة). الحمى الروماتيزية ناتجة عن استجابة الجهاز المناعي للإصابة بالبكتريا العقدية Streptococcal Bacteria، وهي إحدى المضاعفات الخطيرة لالتهاب الحلق العقدي Strep Throat والحمى القرمزية Scarlet Fever.
يُعد كل من المفاصل والقلب الأعضاء الأكثر تأثرًا بالحمى الروماتيزية الحادة. تصبح المفاصل ملتهبةً للغاية، ما يؤدي إلى عجز مؤقت أو حتى دائم في بعض الحالات.
وقد تلتهب أجزاء مختلفة من القلب أثناء هذه الحمى، ما يؤدي إلى:
- التهاب الشغاف Endocarditis: يؤثر هذا الاضطراب على بطانة القلب أو الشغاف.
- التهاب عضلة القلب Myocarditis: يؤثر على عضلة القلب.
- التهاب التامور Pericarditis: يؤثر على الغشاء المحيط بالقلب.
وحينما يلحق هذا الالتهاب الصمام التاجي أو أيًا من صمامات القلب الأخرى، يؤدي إلى نشوب المرض الروماتيزي القلبي Rheumatic Heart Disease.
قد لا تظهر أعراض وعلامات المرض إلا بعد مرور 5 إلى 10 سنوات من نوبة الحمى الروماتيزية.
لاحظت مجلة “The Circulation” في عام 2005 أن معظم حالات تضيق الصمام التاجي في الولايات المتحدة وُجدت عند أشخاص انتقلوا من بلدانٍ تفشّت فيها الحمى الروماتيزية.
لم تتوضح عوامل خطر الإصابة بتضيق الصمام التاجي بعد. ومع ذلك تُشير التقديرات إلى أن النساء أكثر عرضةً بنسبة مرتين إلى ثلاث مرات من الرجال للإصابة بهذا المرض.
قد يسبب عيب القلب الخلقي Congenital Heart Defect تضيق الصمام التاجي لدى الأطفال الرُضّع. وفقًا للمجلة الطبية “Research In Cardiovascular Medicine” فإن الأطفال المولودين بهذا العيب الخلقي بحاجةٍ إلى إجراء عملية جراحية قبل أن تتطور الحالة.
في حالات نادرة، من الممكن أن يشكل تراكم الكالسيوم تضيقًا في فتحة الصمام التاجي.
أسباب نادرة أخرى تتضمن التالي:
- الأورام.
- جلطات دموية.
- العلاج الإشعاعي.
ما هي أعراض تضيق الصمام التاجي ؟
يؤدي تضيق الصمام التاجي عادةً إلى ضيق في التنفس، خصوصًا أثناء التمرين أو عند الاستلقاء. تشمل الأعراض الشائعة الأخرى التالي:
- سعالًا (قد يصاحبه دم).
- ألمًا في الصدر.
- الإعياء.
- تورمًا في الكاحلين أو القدمين.
- التهابات الجهاز التنفسي.
- توّرد الخدين (أو ظهور لون قرمزي).
- في الحالات الشديدة، قد يشعر المريض برفرفة ونبض سريع في القلب.
يعاني المصاب في حالات نادرة من عدم الارتياح في منطقة الصدر، يتمثل بشعور الضيق والشد فيه وقد يشعر كذلك بانتشار الألم خارج صدره إلى أماكن مجاورة.
قد لا يسبب تضيق الصمام التاجي في بعض الحالات أيَّة أعراض إلا عند بذل جهد بدني كالتمارين الرياضية مثلًا. وكذلك، تظهر الأعراض عند المرور بحالة إجهاد وتوتر ذهني أو خلال فترة الحمل.
إلى جانب كل هذه الأعراض الشائعة، من الممكن أن يعاني الأطفال المصابين بتضيق الصمام التاجي من تأخر وبطء في نموهم.
كيف يُشخص مرض تضيق الصمام التاجي ؟
هنالك عدة اختبارات وفحوصات يلجأ إليها الطبيب لتشخيص هذا المرض، منها:
أولًا: الفحص البدني
يصغي الطبيب إلى القلب بواسطة سماعته، لأن القلب يصدر صوتًا غريبًا غير متماسك وسريع عند المرضى الذين يعانون من تضيق الصمام التاجي.
وفقًا لمايوكلينك Mayo Clinic، تشكل نفخة قلبية Heart Murmurs واضطراب النبض وتجمع السوائل في الرئتين مؤشراتٍ لمرض تضيق الصمام التاجي.
ثانيًا: التصوير الطبي
قد يستخدم الطبيب أساليب مختلفة للتصوير للتوصل إلى التشخيص الصحيح ومعرفة السبب الأساسي للمرض.
تتضمن هذه الأساليب:
- تخطيط صدى القلب Echocardiogram: تستخدم هذه التقنية الموجات فوق الصوتية لتكوين صورة واضحة لتركيب القلب ووظيفته، تُعد هذه الوسيلة حتى الآن الوسيلة الأكثر استعمالًا لتشخيص تضيق الصمام التاجي.
- الأشعة السينية للصدر Chest X-rays: تستخدم هذه التقنية كميةً قليلةً من الإشعاع لتكوين صور للقلب والرئتين.
- تخطيط صدى القلب عبر المريء TEE: يُدخل الطبيب جهازًا صغيرًا عبر المريء يبعث موجات فوق صوتية لينتج صورًا أكثر وضوحًا وبتفاصيل أدق من تخطيط صدى القلب الإعتيادي، وذلك بسبب كون المريء يقع خلف القلب مباشرةً.
- قسطرة القلب Cardiac Catherterization: تتضمن إجراءات هذه العملية إدراج الطبيب لأنبوبة طويلة ورفيعة في ذراع المريض أو فخذه أو عنقه ودفعها نحو القلب. بإمكان الطبيب استعمال هذه الأنبوبة لإجراء العديد من الفحوصات من ضمنها تكوين صورة للأوعية الدموية المحيطة بالقلب. تُعد هذه العملية من أكثر العمليات غزويةً وخطورة، ولكنه في المقابل تُعتبر الأدق فيها.
ثالثًا: فحوصات لمعرفة مدى عدم انتظام نبضات القلب
تظهر هذه الفحوصات اختلالات الإيقاع القلبي وتشمل: تخطيط القلب الكهربائي (المعروف اختصارًا بالـ “ECG” وهو جهاز يقوم بتسجيل النشاط الكهربائي للقلب) ومرقب هولتر Holter’s Monitor الذي يراقب النشاط الكهربائي للقلب عبر جهازٍ محمول يرتديه المريض لفترة معينة من الوقت، غالبًا ما تُقدر بـ 24 إلى 48 ساعة.
رابعًا: فحوصات الإجهاد
قد يطلب الطبيب من المريض أداء بعض التمارين والأنشطة الهوائية المعتدلة إذ يسجل ملاحظاته أثناء مراقبته للمريض بينما يمارس الأخير هذه التمارين، الهدف وراء ذلك هو تحديد كيفية استجابة القلب للإجهاد البدني، ما يساعد الطبيب في التشخيص.
كيف يُعالج مرض تضيق الصمام التاجي ؟
تتغاير أساليب العلاج بشكل كبير حسب أعراض وشدة الحالة. فمثلًا، لا يحتاج المريض الذي لا يُظهر أية أعراض ويعاني من حالة التضيق الطفيف إلى علاج.
بينما لو سبب التضيق أعراضًا، حينها سيصف الطبيب بعض الأدوية بمثابة علاجٍ لهذه الحالة. بالرغم من أن تلك الأدوية لن تعمل على إصلاح مشكلة الصمام التاجي، فإنها تساعد في معالجة الأعراض الناجمة عن التضيق.
تشمل الأدوية التي من الممكن أن يصفها الطبيب:
- مضادات التخثر Anticoagulans: تقلل من خطر تكوين الجلطات الدموية.
- مدرات البول Diuretics: تقلل هذه الأدوية من تراكم السوائل عبر زيادة الإدرار.
- مضادات اضطراب النظم Antiarryhthmics: لعلاج النبض غير المنظم للقلب.
- حاصرات مستقبلات بيتا Beta-Blockers: تستخدم لغرض إبطاء معدل ضربات القلب.
عملية إصلاح صمام القلب Valvuloplasy:
قد يختار الطبيب إجراء عملية إصلاح الصمام التاجي بواسطة بالون. هذه العملية هي الخيار المتاح للطبيب في حال كان المريض بحاجة إلى العلاج بطرق أُخرى غير الأدوية وفي حال لم يكن الصمام تالفًا بالقدر الذي يتطلب فيه إجراء عملية جراحية للقلب.
يتلخص هذا الإجراء بإدخال الطبيب لأنبوبة في رأسها بالون عبر أحد الأوردة ودفع الإنبوبة باتجاه القلب، وما أن تصل الإنبوبة إلى فتحة الصمام التاجي، يُنفخ البالون لغرص توسيع الفتحة. في حالات معينة، قد يحتاج المريض إلى هذا الإجراء أكثر من مرة.
في بعض الحالات تكون الحاجة للتدخل الجراحي ملحةً وضرورية. فمن الممكن أن يُصلح الطبيب الصمام لجعله يعمل بشكل طبيعي. لو لم يكن ذلك ممكنًا، فقد يحتاج الطبيب لتبديل صمام المريض بآخر جديد.
الصمام البديل الجديد يكون بنوعين:
- الصمام البيولوجي، أي مأخوذ من حيوان كالبقرة أو الخنزير أو من جثة إنسان.
- الصمام الميكانيكي، من صنع بشري.
اقرأ أيضًا:
ما هو الإحصار القلبي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
قصور القلب: الاسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: مرتضى أحمد جبار
تدقيق: بدر الفراك
مراجعة: آية فحماوي
