تسمح بدلة رائد فضاء المستوحاة من فيلم Dune لرواد الفضاء بشرب البول المعاد تدويره. وقد يعتقد البعض أن نظام الترشيح المستند إلى فكرة خيالية هو أمر غير جاد، ولكنه يجعل البول قابلًا للشرب فعلًا.

لقد ألهم الفيلم الشهير Dune العلماء بتصميم بدلة رائد فضاء جديدة تغطي الجسم بالكامل وتستطيع إعادة تدوير بول مرتديها، ما يسمح لهم بالمشي مسافات أطول في أثناء أية عملية استكشاف مستقبلية.

في أثناء السير في الفضاء، يمتلك رواد الفضاء خيارات محدودة عندما يتعلق الأمر بالاستجابة لنداء الطبيعة، فالتبول داخل بدلة رائد الفضاء أمر غير مريح وغير صحي إضافة إلى أنه مضيعة للوقت. ومع إمكانية إعادة تدوير مياه الصرف الصحي على متن محطة الفضاء الدولية (ISS)، فإن البول الناتج عن السير في الفضاء غير قابل لإعادة التدوير بنفس الطريقة.

قد يحمل الخيال العلمي الحل لهذه المشكلة، على الأقل هذا ما يعتقده الباحثون في جامعة كورنيل.

في سلسلة الكتب والأفلام الشهيرة Dune، يرتدي الأفراد في صحارى كوكب أراكيس بدلات تحفظ الماء، مصممة لامتصاص العرق والبول وتنقيتهما، وباستخدام ترشيح الشوائب، يتمكن مرتدوها من البقاء رطبين في البيئة القاسية والجافة. بقيت هذه الفكرة جزءًا من الخيال الشعبي طوال عقود، لكنها قد تصبح قريبًا حقيقةً واقعية، فقد صُمِّم نموذجٌ أولي جديد لنظام ترشيح يجمع البول لبدلات الفضاء.

وبحسب بيان وضحته صوفيا إتلين بوصفها أحد أعضاء فريق البحث في كلية طب وايل كورنيل وجامعة كورنيل والمؤلفة الأولى للدراسة: «يشمل التصميم قثطرة خارجية تعتمد على نظام تفريغ يؤدي إلى وحدة تناضح عكسي مدمجة تعمل في الاتجاهين، ما يوفر إمدادًا مستمرًا من المياه الصالحة للشرب مع آليات أمان متعددة لضمان رفاهية رواد الفضاء».

إضافة إلى ذلك يُعد التوقيت مهمًا أيضًا، ففي عامي 2025 و2026 تخطط ناسا لإطلاق مهمة Artemis 2 التي ستدور حول القمر ومهمة Artemis 3 التي ستهبط على قطبه الجنوبي. ومن المتوقع أن تنطلق مهمات مأهولة أخرى إلى المريخ بحلول أوائل الثلاثينيات، ولكن بالنظر إلى الخيارات الحالية، سيواجه هؤلاء الرواد وضعًا غير مريح عندما يسيرون في الفضاء.

كثيرًا ما شكا رواد الفضاء من نقص الراحة والنظافة في خيارات الحمام الحالية، فالملابس الداخلية فائقة الامتصاص (MAG) التي يستخدمونها حاليًا طوِّرت في أواخر السبعينيات، وهي في الأساس حفاضات متعددة الطبقات مصنوعة من بوليمرات فائقة الامتصاص.

وقد أضافت إتلين أيضًا: «توجد تقارير تشير إلى أن المياه قد تسربت وتسببت في مشكلات صحية مثل التهابات المسالك البولية والاضطرابات المعوية. إضافة إلى ذلك، يمتلك رواد الفضاء حاليًا لترًا واحدًا فقط من الماء في أكياس الشرب الموجودة في البدلة. وهذا غير كافٍ للسير في الفضاء المخطط له على القمر، الذي قد يستمر عشر ساعات، وقد يصل إلى 24 ساعة في حالة الطوارئ».

وطلب رواد الفضاء تقليل الوقت اللازم لملء أكياس الشرب وإزالة الغازات منها داخل البدلة، وإضافة إمداد منفصل من مشروب طاقة لا يحتوي على الكافيين. هذه الاعتراضات والطلبات سمحت لإتلين وزملائها بتصميم جهاز لجمع البول يتضمن ملابس داخلية متعددة الطبقات مصنوعة من نسيج مرن.

هذا الجهاز متصل بكأس جمع مع خيارات لأعضاء تناسلية مختلفة، وهو مصنوع من السيليكون المصبوب. يُبطَّن الوجه الداخلي للكأس بألياف دقيقة من البوليستر أو مزيج من النايلون والسبانديكس الذي يسحب البول بعيدًا عن الجسم باتجاه الكأس. ثم تُشفط النفايات بواسطة مضخة تفريغ، وتُفعَّل بواسطة علامة RFID التي تتفاعل مع الرطوبة.

وعند جمع البول، يُحوَّل إلى نظام ترشيح البول الذي يعيد تدويره. هذا النظام لديه كفاءة بنسبة 87% ويعمل عبر نظام ترشيح تناضحي عكسي متكامل من خطوتين. يستخدم تدرج تركيز يزيل الماء من النفايات ومضخة تفصل هذا الماء عن الملح، ثم يُمد الماء النقي الآن بالإلكتروليتات ويُضخ إلى كيس الشرب في البدلة.

واللافت أن بدلة رائد الفضاء هذه تستطيع جمع 500 مل من البول وتنقيته في خمس دقائق فقط.

نظام الحقيبة الخلفية خفيف ومضغوط، يزن نحو 8 كيلوغرامات، ويحتوي أيضًا على مضخات تحكم مدمجة وأجهزة استشعار وشاشة عرض بلورية سائلة. الآن وقد أُنشِئ النموذج الأولي، يمكن اختبار التصميم في ظروف محاكاة مختلفة.

واختتم الدكتور كريستوفر إي ماسون، أستاذ في نفس المعهد الذي تعمل فيه إتلين والمؤلف الرئيسي للدراسة: «بالوسع اختبار نظام بدلة رائد الفضاء هذه في ظروف محاكاة الجاذبية الصغرى، فالجاذبية الصغرى هي العامل الفضائي الأساسي الذي تجب مراعاته. ستضمن هذه الاختبارات وظيفة النظام وسلامته قبل أن يُنشر في مهمات الفضاء الفعلية».

اقرأ أيضًا:

كيف تصبح رائد فضاء؟

كم من الوقت تسمح بذلة الفضاء لرائد الفضاء بالبقاء على قيد الحياة في الفضاء المفتوح؟

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: تمام طعمة

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر