وفقًا لدراسة جديدة، في نحو أكثر من 1000 نظام نجمي تستطيع الكائنات الفضائية -إن وُجِدت على سطحها- أن تُراقبنا من بعيد. تقع هذه الأنظمة النجمية البالغ عددها تحديدًا 1004 نظام على خط رؤية مباشر لكوكبنا، وهي قريبة لدرجة إمكانية استكشاف ليس كوكب الأرض فحسب، بل الآثار الكيميائية للحياة على الأرض أيضًا.
اكتشف الفلكيون خلال العقد الأخير كواكب خارجية تدور حول نجوم بعيدة بطريقة بسيطة: أبقِ عينيك على نجم معين وانتظر حتى يخفت لمعانه فجأة. يشير هذا الخفوت إلى مرور كوكب بين النجم والتلسكوب.
قد يكشف تحليل التغيُّر في سلوك الضوء لحظة الخفوت عن المكونات الكيميائية للغلاف الجوي للكوكب، لكن هذه الطريقة تصلح فقط في حالة الكواكب التي تقودها مداراتها بين النجم المُضيف لها والأرض.
في دراسة جديدة، استخدم الباحثون القاعدة نفسها لكن بطريقة معكوسة، إذ تساءلوا: أي من النجوم القريبة قد تصطف بطريقة مُناسبة حتى يرى سكانها مرور الأرض أمام الشمس؟ وهل تستطيع الكائنات الحية في تلك الأنظمة النجمية -إن وُجدت- أن تكتشف إشاراتنا، نحن الكائنات الحية الأرضية؟
الجواب هو نعم، واتضح ذلك في عدد كبير من النجوم القريبة. قالت ليزا كالتينيجر عالمة الفلك في جامعة كورنيل، المؤلفة الرئيسية للورقة البحثية: «إن كان هناك مستكشفون في تلك النجوم، فسيتمكنون من رصد إشارات المجال الحيوي للغلاف الجوي للأرض».
اتضح أن وجود الكواكب شائع في الفضاء، فمنذ أكد الباحثون اكتشاف كوكب في أثناء عبوره أمام نجمه المُضيف سنة 1992، اكتشف الباحثون أكثر من 4292 كوكبًا خارج منظومتنا الشمسية، تدور حول 3185 نجمًا، بفضل القمر الخاص باستكشاف الكواكب الخارجية العابرة للنجوم.
قد يستطيع تلسكوب جيمس ويب الفضائي -المقرر إطلاقه قريبًا خلال العقد الحالي- دراسة العديد من هذه الكواكب الخارجية بتفصيل أدق، إذ يمتلك القدرة على اكتشاف غازات مثل الميثان أو الأكسجين في غلافها الجوي، التي تُعد علامات على وجود حياة على سطحها.
فماذا لو امتلكت الكائنات الفضائية تلسكوبًا مُشابهًا لتلسكوب جيمس ويب الفضائي؟
في نطاق 326 سنة ضوئية، ستمتلك 1004 من هذه الأنظمة النجمية الأفضلية لرصد الأرض من بُعد، وسيرصد 508 من هذه الأنظمة الأرض بزاوية تسمح بالحصول على بيانات رصدية مدةً لا تقل عن 10 ساعات متواصلة في كل مرة لمرور الأرض بين الراصد والشمس، وتلك ظروف مثالية لرصد كوكبنا الصخري الصغير ودراسة علامات وجود الحياة في غلافه الجوي.
قال جوشوا بيبر عالم الفيزياء الفلكية في جامعة ليهاي، المؤلف المساعد للورقة البحثية: «عدد قليل فقط من هذه الكواكب الخارجية قد يصطف عشوائيًا ليلائم مجال رؤيتنا من الأرض، فنتمكن من مشاهدتها لحظة العبور البصري. لكن الأنظمة النجمية الألف المجاورة لشمسنا، المذكورة في ورقتنا البحثية، جميعها تستطيع رؤية العبور البصري للأرض أمام الشمس».
نحو 5% من هذه الأنظمة النجمية البالغ عددها 1004 نظام، صغيرة العمر جدًا لتتطور عليها أي حياة ذكية، حتى حال وجود كوكب يحتوي على ظروف ملائمة للحياة.
لكن الـ 95% المتبقية من الأنظمة النجمية تنتمي لتصنيفات نجمية ربما تستمر فيها الحياة مليارات السنين. وفقًا لتجربة الحياة على الأرض، فهذه الفترة كافية لتطور الحياة الذكية، إذا افترضنا ملائمة الظروف لنشأة مثل هذه الحياة.
معظم النجوم في هذه القائمة تقع في أقصى نطاق 326 سنة ضوئية، لأن النطاق الذي يظهر فيه عبور الأرض يضيق كلما اقترب من نظامنا الشمسي.
النجم الأقرب لنا في القائمة يبعد نحو 28 سنة ضوئية فقط. وهناك العديد من النجوم القريبة الأخرى يسمح مسارها بدخول المنطقة التي ستمكنها من رصد الأرض خلال قرون، بعضها لامع في السماء بما يكفي ليُرى من الأرض. اثنان من الأنظمة النجمية في القائمة تمتلك كواكب خارجية.
ويوجد نجم أحمر قزم يُسمى نجم «تيغاردن» يبعد عن الأرض نحو 12 سنة ضوئية، يمتلك كواكب خارجية تدور حوله. لا يتمتع النجم حاليًا بزاوية نظر مناسبة لرصد الأرض، لكن بمعدل حركته الحالية سيدخل المنطقة التي تسمح له باستكشاف الأرض بحلول عام 2044.
كتب الباحثون أن الخطوة القادمة هي أن نركز على عمليات استكشاف الحياة الذكية في الأنظمة النجمية المذكورة في القائمة. وذكروا تحديدًا برنامج الاختراق السمعي، المُصمم للتواصل مع الحضارات المتطورة الغريبة.
اقرأ أيضًا:
10 أسباب تجعل استكشاف الفضاء مهمًا لك شخصيًا
كواكب خارجية أكثر ملاءمة للحياة من الأرض
ترجمة: رياض شهاب
تدقيق: روان أبوزيد
مراجعة: أكرم محيي الدين