إذا كنت قد استيقظت فيما مضى من الأيام من حلم حيّ لتجد نفسك غير قادر على تذكّر التفاصيل بحلول نهاية وقت الإفطار، فأنت لست وحدك.
ينسى الناس معظم الأحلام التي تراودهم، مع أنهم قد يستطيعون تدريب أنفسهم على تذكر المزيد من تفاصيل الأحلام التي يروها.
تحدث الأحلام في الغالب (مع عدم وجود وقت قاطع لحدوثها) في أثناء مرحلة حركة العين السريعة (REM).
يبدو في أثناء مرحلة النوم هذه نشاط الدماغ هو النشاط نفسه عند الاستيقاظ، لكن مع بعض الاختلافات المهمة للغاية.
تقول الباحثة ديردري باريت، الباحثة في الأحلام في كلية الطب بجامعة هارفارد، ومؤلفة كتاب لجنة النوم (مطبعة Oneiroi، 2001): «في أثناء النوم، تكون مناطق الدماغ -التي تنقل الذكريات المؤقتة إلى الذاكرة طويلة الأمد- غير نشطة نسبيًا كما هو الحال في الذاكرة طويلة الأمد نفسها»، وتضيف: «قد يكون إلغاء التنشيط هذا تأثيرًا جانبيًا لدور (REM) في تقوية الذاكرة» وفقًا لدراسة أُجريت عام 2019 على الفئران نُشرت في مجلة The Journal Science.
تنشط مناطق الذاكرة قصيرة الأمد في أثناء مرحلة حركات العين السريعة من النوم (REM)، لكنها تُخزّن فقط الذكريات مدة 30 ثانية تقريبًا.
تقول باريت: «يجب أن يستيقظ الشخص في مرحلة النوم (REM)، عمومًا، حتى يسترجع الأحلام».
على النقيض إذا انتقل الشخص إلى المرحلة التالية من النوم دون تراجع، لن تدخل هذه الأحلام إلى الذاكرة طويلة الأمد، إذ تحدث مرحلة النوم (REM) كل 90 دقيقة، وتعاد طوال الليل.
تقول الباحثة: «إن مرحلة النوم (REM) من الليل هي عادةً بضع دقائق فقط، ولكن بحلول نهاية ليلة نوم مدتها ثماني ساعات، يكون الشخص قد أتم مرحلة (REM) مدة 20 دقيقة جيدة».
لهذا السبب يكون أقوى ارتباط بين أي ظرف في الحياة وذاكرة الأحلام هو عدد ساعات النوم. فإذا كان الشخص ينام ست ساعات فقط، فإنه يحصل على أقل من نصف وقت الحلم في ليلة مدتها ثماني ساعات، هذه الساعات الأخيرة من النوم هي الأكثر أهمية للحلم. ويكون الناس أكثر قدرة على تذكر الحلم الأخير في الليل، وهو أول حلم يسبق الاستيقاظ.
تقول الباحثة: «توجد عوامل أخرى تساهم أيضًا في تحديد: هل يمكن تذكر المغامرات الليلية الرائعة أم لا؟»
تكون النساء قادرة على تذكر القليل من الأحلام أكثر من الرجال، في المتوسط، وفق تحليل أُجري عام 2008 لدراسات الأحلام المتعددة.
أظهرت دراسات متعددة أن الشباب يتذكرون الأحلام أكثر من كبار السن. وتقول الباحثة إن ذاكرة الأحلام تزداد لدى الأطفال بدءًا من العمر الذي يمكنهم فيه التواصل والحديث عن تلك الأحلام، وتستقر عند أوائل عمر المراهقة حتى أوائل العشرينات، ثم تنخفض تدريجيًا عند البالغين وعلى مدى بقية حياتهم.
مع ذلك، هناك اختلافات فردية كبيرة في ذاكرة الأحلام، فبعض الناس لا يتذكرون أحلامهم أبدًا تقريبًا، وبعضهم يتذكرون عدة أحلام بانتظام كل ليلة، إذ تقول باريت: «إن الأشخاص الأكثر انطوائية وتركيزًا على داخلهم يتذكرون المزيد من الأحلام، في حين أن أولئك الذين هم أكثر انفتاحًا وتوجهًا نحو العمل يتذكرون عددًا أقل من الأحلام».
تكمل الباحثة: «إن الخيال وقابلية التنويم المغناطيسي يرتبطان أيضًا بتذكر الأحلام، كما هو الحال مع بعض مقاييس الإبداع، مع أن الإبداع أمر صعب لأن جميع مقاييس الإبداع لا تتوافق مع بعضها، ولا ننسى تنوع الأحلام».
وفقًا لدراسة أُجريت عام 2017، يبدو أن تذكر الأحلام والاهتمام بها مرتبط بالانفتاح على التجربة، وهي سمة شخصية تتميز بالرغبة في تجربة أشياء جديدة واستكشاف أفكار غير عادية.
تشير بعض الدراسات التي بحثت في الأحلام الواضحة، وهي أحلام حية يتذكرها الحالم جيدًا ويشعر بالقدرة على التحكم فيها، إلى أن بعض مناطق الدماغ المرتبطة بالانتباه تكون نشطة أكثر لدى الأشخاص الذين يتذكرون المزيد من الأحلام، ما يشير إلى أن الاختلافات العصبية الأساسية قد تؤدي دورًا مهمًا في ذلك.
تقول باريت: «بعض الناس لا يعطون القدر نفسه من الاهتمام لأحلامهم في أثناء حدوثها مثل الآخرين، وذلك يتعلق بعمل الدماغ».
يمكن تدريب العقل على تذكر المزيد من الأحلام، مع أن ليزلي إليس، وهي مستشارة سريرية في كولومبيا البريطانية، تنصح العملاء الذين يرغبون في تذكر أحلامهم باستغراق لحظة عندما يستيقظون، قبل أن يحركوا أجسادهم، للتفكير فيما كانوا يحلمون به والتذكر قدر الإمكان. فهذا ينقل الحلم من الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد. وتنصح أيضًا بكتابة الأحلام على الفور، ثم سحصل الشخص عليها مخزنة هناك، هذه الأحلام تضيع بعيدًا إلّا إذا سُجّلت عمدًا عند معظم الناس.
تقول إليس: «تُعد الأحلام غالبًا غير منطقية في الثقافة الغربية، وربما لا تكون الروايات عنها منطقية كثيرًا، إلّا أنها تشير غالبًا إلى المشاعر التي يتعامل معها الناس في حياتهم اليقظة».
تضيف إليس أيضًا: «نحن نحلم بالأشياء التي لا نرغب في النظر إليها، وخلال النهار يمكننا قمع الكثير من ذلك، ولكن الأحلام سوف تجلب تلك الأشياء إلى السطح».
في كثير من الأحيان، وفقط عند التفكير في الأحلام، قد تتجلى بصورة كاملة في حياة اليقظة.
تقول باريت: «إن أخذ فصل دراسي عن الأحلام، أو قراءة كتاب عنها، أو حتى التفكير أكثر فيها، له تأثير قصير المدى لتذكر الأحلام لدى الأشخاص».
تقول إليس: «إن محاولة تذكر الأحلام أو حتى وجود الكثير من الإشارات عنها يزيد من تذكر الأحلام مؤقتًا». ويمكن أن يفعل الشخص ذلك عمدًا، ولكنه أيضًا ينجح بصورة غير مباشرة إذا كان شخص ما يتحدث أمامه كثيرًا عن الأحلام، أو حتى بقراءة مقال في المجلة اليومية عن الأحلام.
بمعنى آخر، إذا كنت قد وصلت إلى نهاية هذه المقالة، فقد تحلم بأحلام سعيدة الليلة!
اقرأ أيضًا:
لماذا ننسى الأحلام عندما نستيقظ في الصباح؟
ربما تساعدنا الأحلام السيئة في مواجهة المخاوف في الحياة الحقيقية
ترجمة: زينب عبد الكريم
تدقيق: غفران التميمي
مراجعة: هادية أحمد زكي