ربما تكون مدخنًا، وربما تكون قد تلكّأت طويلًا في الإقلاع عن التدخين.
وربما ستساعدك نتائج الدراسة التالية والتي نشرتها (المجلة الطبية البريطانية) على اتخاذ قرارك النهائي.
حيث خلص باحثون إحصائيون بدعمٍ من مركز أبحاث السرطان في بريطانيا بأن تدخين سيجارةٍ واحدةٍ يوميًا يحمل نصف خطر الإصابة أمراض القلب التاجية أو بالسكتة الدماغية التي يسببها تدخين عشرين سيجارةٍ يوميًا.
جاء هذا التحذير بعد مراجعة الباحثين لدراساتٍ طبيةٍ منذ ستين عامٍ للآن وهُم يقرّون بأنّ نتائج دراستهم تحملُ مفاجأةً للمدخنين المُقلّين.
حيث كان اهتمام الباحثين منصبًّا على تحديد المخاطر الصحية التي يسببها تدخين عددٍ قليلٍ من السجائر بالنسبة للمدخنين الذين يحاولون تخفيض عدد ما يدخنونه من السجائر دون التطلّع إلى الإقلاع التام عن عادة التدخين، وذلك للظن الخاطئ بأنّ خمس سجائر أو أقل يومياً لا تسبب الكثير من الضرر للصحة.
وقد أظهرت نتائج الأبحاث السابقة
بأنّ خطر الإصابة بسرطان الرئة خاضعٌ للتطوّر الخطّي نوعًا ما: حيث يزداد خطر المرض تناسبيًا مع ارتفاع عدد السجائر المُستهلَكة.
ومع هذا تُثبتُ الأبحاث الحديثة على التدخين وأمراض القلب والأوعية الدموية بأن العلاقة بين المرض واستهلاك السجائر ذات طبيعةٍ لوغاريتميّة: حيث تقفزُ مخاطر الإصابة بالمرض بشكلٍ ملموسٍ بعد أيّ تدخينٍ مضطردٍ، ثم تميلُ للثبات.
ورغم توافر هذه المعلومات، فإن عامة الناس، بل وحتى المتخصصين في الطب، يبدون غافلين عن مخاطر التدخين بكمياتٍ قليلة.
وفي سبيل تعزيز نتائج أبحاثهم ونشرها على نطاقٍ أوسع قام الباحثون بتحليل نتائج 141 دراسةٍ تابعت بشكلٍ دقيق وعبر فتراتٍ زمنيةٍ طويلة الأوضاع الصحية لمدخنين بشتى درجاتهم، بالإضافة إلى مجموعة الضبط control group من غير المدخنين.
النتيجة ذات الأهمية كانت
الفرق في (المخاطر النسبية المتزايدة) بين عادة تدخين سيجارة واحدة يوميًا لسنواتٍ متعددة وتدخين علبة سجائر يوميًا. بشكلٍ أساسي، إذا كان تدخين 20 سيجارةً يؤدي لاحتمالِ زيادة أمراض القلب بنسبة 127%، فماذا ستكون النسبة المئوية لهذا الخطر المتحصّلة من تدخين سيجارةٍ واحدة؟
بعد القيام بعدة حساباتٍ (أخذت بعين الاعتبار العوامل المؤثرة كالسنّ، وضغط الدم، وأي إصاباتٍ بمرض السكر) اكتشف الباحثون بأن نسبة الفرق في خطر الإصابة بمرض القلب التاجي (نقص التروية) كانت 53% لدى الرجال و38% لدى النساء، وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية كانت 64% للرجال و36% للنساء.
من أجل هذا، لو أن الاعتقاد الشائع والمطَمئِن بأنّ الفرق بين تدخين سيجارة واحدة مقابل 20 كان فِعلًا يتصاعد بشكلٍ خطّيّ، كان يجب أنْ تكون نسبة الفرق في مخاطر الإصابة بالأمراض السابقة مجرّد 5%.
وهكذا يشدّد الباحثون على أنّه >>لا يوجدُ مستوىً آمنٌ يمنع من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ولهذا يتوجّب على المدخنين أن يهدِفوا إلى الإقلاع التام عن التدخين بدلًا من تسلية النفس بفكرة تقليل عدد السجائر التي يستهلكونها<<.
وللأمانة العلمية
يجب ذِكرُ أنّ إحدى القيود الرئيسية لهذه الدراسة هي التعميمات بخصوص استهلاكِ السجائر لدى المشتركين في الدراسة. فقد حددت نسبة الاستهلاك ما بين 1-5 أو 6-10، وهذا ما قد يؤدي إلى نسبةٍ من عدم التناسق مع الدراسات الأخرى. والمشكلة الأخرى، والتي لا تختص بهذه الدراسة فحسب بل جميع الدراسات، هي وجود هامشٍ للخطأ في مراجعة دراساتٍ تتخذ منهجيات بحثية متنوّعة.
في النهاية
لو تركنا قضايا منهجية البحث جانبًا، فإن هذه الورقة البحثية الموسّعة تقدّم لنا مرجعًا مفيدًا في مجالات الطبّ، ودفعةً إيجابيةً للمدخنين المذبذبين بين التدخين وتركه.
ونرجو ألّا تُتخذ هذه الدراسة ذريعةً للاستسلام والبدء بتدخين علبةٍ سجائر كاملةٍ يومياً!
- ترجمة: رامي أبو زرد
- تدقيق: قيس شعبية
- تحرير: بشار الحجي
- المصدر