يواجه رواد الفضاء مخاطر عديدة في رحلاتهم الفضائية، مثل انعدام الجاذبية والتعرض للإشعاع، فقد يؤدي انعدام الجاذبية إلى انخفاض كثافة العظام، في حين قد يسبب التعرض للإشعاع الإصابة بالسرطان، ومع ذلك، فإن هذه الآثار مزمنة.

أكبر خطر يواجه رواد الفضاء هو الحريق، فقد يكون من الصعب الهروب في مهمة طويلة إلى المريخ أو أي وجهة أخرى خارج مدار الأرض المنخفض. يدرس العلماء كيفية التصرف عند حدوث حريق على المركبات الفضائية لحماية رواد الفضاء.

يحقق العلماء، من مركز تكنولوجيا الفضاء التطبيقية والميكروغرافي (ZARM) في جامعة بريمن، في مخاطر الحريق على متن المركبات الفضائية.

نشر العلماء دراسةً جديدة بعنوان تأثير تركيز الأكسجين والضغط وسرعة التدفق المعاكس على انتشار اللهب على طول صفائح PMMA الرقيقة، والمؤلف الرئيسي هو هانس-كريستوف ريس.

قال الدكتور فلوريان ماير، رئيس مجموعة أبحاث تكنولوجيا الاحتراق في ZARM: «الحريق على متن مركبة فضائية هو أحد أكثر السيناريوهات خطورة في المهمات الفضائية».

أضاف أيضًا: «توجد خيارات قليلة جدًا للوصول إلى مكان آمن أو الهروب من المركبة الفضائية، لذا من الضروري معرفة كيفية التصرف عند حدوث حرائق تحت هذه الظروف الخاصة».

منذ عام 2016، يدرس مركز ZARM كيفية اشتعال النار وانتشارها في ظروف انعدام الجاذبية، مثل تلك الموجودة في محطة الفضاء الدولية (ISS).

تشمل هذه الظروف أيضًا مستوى أكسجين مشابه للأرض، وتدوير الهواء القسري، وضغط محيطي مشابه لضغط الأرض. كانت وكالة ناسا تجري تجارب مماثلة، ونعلم الآن أن النار تشتعل على نحو مختلف في حالة انعدام الجاذبية مقارنةً بما هي عليه على الأرض.

في البداية، ستشتعل النار بلهب أصغر وتستغرق وقتًا أطول في الانتشار، وهذا يصب في مصلحة النار لأنه لن يُلاحظ بسهولة.

كما أن النار تحترق بسخونة أكثر في حالة انعدام الجاذبية، ما يعني أن بعض المواد التي قد لا تكون قابلة للاشتعال في ظروف الأرض العادية قد تحترق في المركبة الفضائية، مكونة مواد كيميائية سامة في هواء المركبة.

المركبات الفضائية المخصصة لمهام المريخ ستحتوي على بيئات مختلفة عن تلك في محطة الفضاء الدولية. سيكون الضغط الجوي المحيط أقل، ما يوفر فائدتين: هما جعل المركبة أخف وزنًا، والسماح أيضًا لرواد الفضاء بالتحضير للبعثات الخارجية بسرعة.

مع ذلك، فإن انخفاض الضغط الجوي يسبب تغييرًا حاسمًا آخر في بيئة المركبة الفضائية. يجب أن يكون محتوى الأكسجين أعلى لتلبية احتياجات تنفس رواد الفضاء.

في هذه الاختبارات الأخيرة، اختبر الفريق في ZARM النار في هذه الظروف المعدلة.

PMMA تعني بوليميثيل ميثاكريلات، وعادة ما يُطلق عليه اسم الأكريليك، مادة شائعة تُستخدم بدلًا من الزجاج لأنها خفيفة ومقاومة للكسر. لا تستخدم محطة الفضاء الدولية هذه المادة، ولكن يتم تطويرها لاستخدامها في المركبات الفضائية المستقبلية. تستخدم كبسولة أوريون الأكريليك المدموج بمواد أخرى للنوافذ، ومن المحتمل أن تستخدم المركبات الفضائية المستقبلية شيئًا مشابهًا.

في تجاربهم، أشعل الباحثون النار في رقائق الزجاج الأكريليكي وغيروا ثلاثة عوامل بيئية: الضغط الجوي، ومحتوى الأكسجين، وسرعة التدفق.

ستحتوي المركبات الفضائية المستقبلية التي تتمتع بضغط جوي أقل على مستويات أكسجين تصل إلى 35%، وهذا يعني زيادة هائلة في المخاطر التي يواجهها رواد الفضاء من الحرائق. تظهر النتائج أن النار قد تنتشر بسرعة تزيد بثلاث مرات مقارنةً بظروف الأرض.

أظهرت التجارب أن انخفاض الضغط الجوي يقلل من شدة الحريق، ومع ذلك، فإن زيادة محتوى الأكسجين لها تأثير أقوى. يبلغ مستوى الأكسجين في محطة الفضاء الدولية 21%، تمامًا كما هو على الأرض.

قال الدكتور فلوريان ماير، رئيس مجموعة أبحاث تكنولوجيا الاحتراق في ZARM: «تسلط نتائجنا الضوء على العوامل الحاسمة التي يجب أخذها في الاعتبار عند تطوير بروتوكولات السلامة من الحرائق لبعثات الفضاء».

نحن جميعًا نعلم أن زيادة تدفق الهواء تسهم في سرعة انتشار النار، ولهذا السبب ننفخ على اللهب الصغير لزيادة حجمه. يوفر تدفق الهواء المتزايد أكسجينًا أكثر، ما يزيد من الاحتراق، لذا فإن زيادة تدفق الهواء في جو غني بالأكسجين تخلق وضعًا خطيرًا لرواد الفضاء.

عن طريق فهم كيفية انتشار اللهب تحت ظروف جوية مختلفة، يمكننا تقليل مخاطر الحريق وتحسين سلامة الطاقم.

اقرأ أيضًا:

كيف تستخدم مطفأة الحريق بطريقة صحيحة؟

هل يمكن أن يتسبب استخدام الهاتف المحمول بحريق في محطات الوقود؟

ترجمة: أمير المريمي

تدقيق: هادية أحمد زكي

مراجعة: باسل حميدي

المصدر