قام الرئيس جو بايدن برحلة إلى الشرق الأوسط في 13 يوليو 2022 وكان برنامج إيران النووي موضوعًا رئيسيًا للنقاش في رحلته، تُعد إيران منتجة لليورانيوم الذي يمكن استخدمه في صنع الأسلحة النووية وهو الجزء الأكثر تحديًا.

طُلب من الأستاذ غاري سامور الذي عمل في مجال الحد من الأسلحة النووية ومنع انتشارها في الحكومة الأميركية لأكثر من 20 عامًا شرح معنى تخصيب اليورانيوم وسبب مساعي إيران في ذلك وأين تقف جهودها الآن.

ماذا يعني تخصيب اليورانيوم؟

يحتوي اليورانيوم الطبيعي على نظيرين تتساوى ذراتهما في عدد البروتونات نفسها، لكنها تشمل أعدادًا مختلفة من النيوترونات التي تشكل في اليورانيوم-238 نحو 99.3%، في حين تشكل 0.7% فقط في اليورانيوم-235 الذي يستخدم في توليد الطاقة النووية للأغراض السلمية، أو في التفجيرات النووية للأغراض العسكرية. يُعد التخصيب عملية فصل وزيادة تركيز اليورانيوم-235 إلى مستويات أعلى من اليورانيوم الطبيعي، إذ تُستخدم المستويات المنخفضة من اليورانيوم-235 المخصب بنسبة 5% في وقود المفاعلات النووية، بينما تُستخدم المستويات الأعلى من التخصيب التي تصل إلى 90% من اليورانيوم-235 في إنتاج الأسلحة النووية.

لماذا تُعد مستويات التخصيب الأعلى مهمة؟

كلما ارتفع مستوى التخصيب قلّت كمية المواد النووية اللازمة لإنتاج سلاح نووي، تحدد الوكالة الدولية للطاقة الذرية كمية 25 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 90% على أنها كمية كبيرة تكفي لصنع سلاح نووي بسيط، ويمكن أيضًا استخدام كميات أكبر من اليورانيوم منخفض التخصيب لتحقيق الهدف نفسه، فمثلًا، استخدمت القنبلة الذرية ليتل بوي التي أسقطتها الولايات المتحدة على هيروشيما باليابان عام 1945 نحو 64 كيلوغرامًا من اليورانيوم مخصبًا بمعدل 80% من اليورانيوم-235.

في تصميم الأسلحة النووية إن الكميات الأصغر من المواد النووية عالية التخصيب مرغوبة أكثر، لأنها تقلل من حجم ووزن السلاح النووي وتجعل توصيله أسهل؛ لذلك، فإن الأسلحة النووية الحديثة القائمة على اليورانيوم تستخدم عادةً اليورانيوم المخصب بنسبة 90% إلى 93% من اليورانيوم-235.

ما الذي حققته إيران قبل الاتفاق النووي لعام 2015؟

وضع الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والولايات المتحدة والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا وألمانيا بعض القيود على برنامج إيران النووي مقابل تخفيف عدد من العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على إيران، عندما تُبنيت الصفقة، كانت إيران قد أتقنت التكنولوجيا الأساسية لتخصيب اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي الغازية وهي أسطوانات تُدوّر اليورانيوم في شكل غاز بسرعات عالية جدًا لفصل نظير اليورانيوم-238 الأثقل عن نظير اليورانيوم-235 الأخف، وتُشغّل في منشأتي التخصيب الرئيسيتين نطنز وفوردو نحو 18000 جهاز طرد مركزي من الجيل الأول آي آر-1، وقرابة 1000 جهاز طرد مركزي من الجيل الثاني آي آر-2، تراكم لديها مخزون يقارب 7000 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة أقل من 5% ونحو 200 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%.

بناءً على هذه القدرات، قُدّر وقت الاختراق الإيراني لإنتاج نحو 25 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 90% -الذي يكفي لسلاح نووي واحد- على أنه شهر أو شهرين، لا يُقصد من وقت الاختراق الإشارة إلى أن إيران ستقرر بالضرورة إنتاج يورانيوم صالح للاستخدام في صنع الأسلحة في هذه المنشآت التي فُحصت؛ لأن خطر الكشف ورد الفعل الدولي السلبي المحتمل مرتفع جدًا.

كيف قيّد الاتفاق النووي أنشطة إيران؟

وضع الاتفاق النووي لعام 2015 قيودًا مادية على برنامج التخصيب الإيراني لمدة تتراوح من 10 إلى 15 عامًا، بما في ذلك عدد وأنواع أجهزة الطرد المركزي التي يمكن لإيران تشغيلها، وحجم مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب ومستوى التخصيب الأقصى، وحدد الاتفاق عدم تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو مدة 15 عامًا، وأن يقتصر مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب على 300 كيلوغرام بحد تخصيب يبلغ 3.67%، ولن يزيد عدد أجهزة الطرد المركزي على 6000 جهاز من الجيل الأول مدة 10 سنوات في منشأة نطنز.

ولتلبية هذه القيود والحدود، شحنت إيران إلى روسيا معظم مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب ومخزونها بالكامل من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، وفُككت معظم أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول للتخزين داخل إيران وجميع أجهزة الطرد المركزي من الجيل الثاني الأكثر تقدمًا.

وفقًا لهذه القيود، مُدّد وقت الاختراق الإيراني إلى نحو عام بعد أن كان شهر أو شهرين، وبعد العام العاشر من الصفقة، سُمح لإيران بالبدء في استبدال أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول في منشأة نطنز بأجهزة أكثر تقدمًا لمواصلة البحث والتطوير خلال العقد الأول من الصفقة، نظرًا إلى ذلك تقلص وقت الاختراق الإيراني إلى نحو بضعة أشهر بحلول العام الخامس عشر من الصفقة، وجزء من الاتفاق وافقت إيران على تعزيز عمليات التفتيش والمراقبة الدولية لمنشآتها النووية.

ماذا فعلت إيران منذ انسحاب الولايات المتحدة برئاسة ترامب من الاتفاق النووي في 2018؟

منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، تجاوزت إيران تدريجيًا حدود الاتفاقية، إذ زاد مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 5% واستأنفت التخصيب بنسبة 20% من اليورانيوم، وبدأت التخصيب بنسبة 60% من اليورانيوم، واستأنفت التخصيب في فوردو وتصنيع وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في كل من المنشأتين النوويتين نطنز وفوردو، وبدأت تقييد المراقبة الدولية لمنشآتها النووية، إذ أعلنت في يونيو 2022 أنها ستفصل كاميرات المراقبة المثبتة بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 لمراقبة منشآتها النووية.

قدّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لديها نحو 1000 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 5%، ونحو 240 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% و40 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%؛ نتيجةً لهذا المخزون المتزايد من اليورانيوم المخصب واستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، قُلّل وقت الاختراق المقدر إلى بضعة أسابيع.

مع ذلك لم تقرر إيران حتى الآن البدء في إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 90% المستخدم في صناعة الأسلحة النووية رغم قدرتها تقنيًا على القيام بذلك.

تتصرف إيران بحذر؛ لأن قادتها قلقون من أن يؤدي إنتاج اليورانيوم المستخدم في صناعة الأسلحة إلى رد فعل دولي قوي قد يتدرج من عقوبات إضافية إلى هجوم عسكري.

اقرأ أيضًا:

كيفية تخصيب اليورانيوم

لم لا يستعمل الثوريوم بديلًا لليورانيوم في المفاعلات النووية؟

ترجمة: تسنيم فندقلي

تدقيق: تسبيح علي

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر