إنها المرة الأولى على الإطلاق التي تنطلق فيها أول طائرة تجارية في العالم تُدار بالكهرباء. في رحلتها التجريبية الأولى يوم الثلاثاء 10/12/2019، أقلعت الطائرة من مدينة فانكوفر الكندية، مقدمةً الأمل في التخلص من الانبعاثات الملوثة الناتجة عن الطائرات يومًا ما.
قال روي جانزارسكيRoei Ganzarski ، المدير التنفيذي لمؤسسة magniX الهندسية بمدينة سياتل: «يثبت هذا أنه من الممكن أن تنجح الملاحة الجوية ذات النمط الكهربي الكامل».
الطائرة من تصميم magniX بالتعاون مع Harbour Air التي تقل نصف مليون مسافر سنويًّا بين منتجع تزلج فانكوفر والجزر المجاورة والتجمعات السياحية.
قال جانزارسكي: «سيؤدي استخدام التقنية الجديدة إلى توفير واضح في تكاليف شركات الخطوط الجوية، إضافةً إلى تقليل الانبعاثات، ما يشير إلى بداية عصر الملاحة الجوية الكهربية».
تُعَد الملاحة الجوية المدنية من أكثر مصادر انبعاثات الكربون تزايدًا، نتيجةً للإقبال المتزايد على الرحلات الجوية، ولبطء التقدم في تكنولوجيا الطائرات.
وفقًا لوكالة البيئة الأوروبية، تتجاوز الانبعاثات الناتجة عن الطائرات (التي تبلغ 285 غرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر من الطيران) جميع الانبعاثات الصادرة عن وسائل النقل الأخرى، وتساهم هذه الانبعاثات في الاحتباس الحراري والتغير المناخي، ما يسهم في حالات الجفاف الشديدة، والعواصف المدمرة، وارتفاع منسوب البحر.
الطائرة المستخدمة هي في الأساس طائرة بحرية من طرازDHC-2 de Havilland Beaver، تتسع لستة ركاب، لكن أعادت Harbour Air تجهيزها بإضافة محرك كهربي.
حلَّق جريج مكدوجال Greg McDougall -المدير التنفيذي لـHarbour Air- بالطائرة في الصباح الباكر، في جولة قصيرة على طول نهر فريزر، بالقرب من مطار فانكوفر الدولي، وشاهده نحو مئة شخص.
الطيران صديق البيئة
استغرقت الرحلة الجوية -وفقًا للصحافة- أقل من 15 دقيقة.
وصرح مكدوجال: «هدفنا فعليًا هو تشغيل أسطول جوي كامل بالكهرباء، لا يوجد ما يمنع ذلك، وسيحقق ميزات كثيرة، فإضافةً إلى كفاءة الوقود، ستوفر الشركة الملايين من تكاليف الصيانة، إذ تتطلب المحركات الكهربية صيانةً أقل كثيرًا».
لكن ستُضطر Harbour Air إلى الانتظار عامين على الأقل قبل البدء بتجهيز أسطولها الجوي، الذي سيزيد عن 40 طائرة بحرية كهربية، إذ يجب أن تخضع الطائرة الكهربية للمزيد من التجريب لإثبات الكفاءة والأمان، إضافةً إلى اعتماد المحرك الكهربي رسميًا.
صرح وزير النقل الكندي Marc Garneau قبيل الرحلة أنه يتمنى نجاح التجربة، إذ تُعَد خطوةً رائعة نحو الطيران صديق البيئة.
لكن تمثل طاقة البطارية تحديًا، وفقًا لجانزارسكي، فإن الطائرة المستخدمة في التجربة الأخيرة تستطيع التحليق مسافة 160 كيلومترًا فقط، قبل أن تفرغ طاقة بطارية الليثيوم، وهذه ليست مسافةً كبيرة، لكنها ستفي بالغرض في أغلب رحلات Harbour Air.
لكن يتوقع جانزارسكي أن البطاريات والمحركات الكهربائية ستتطور لتجري رحلات أطول، ويرى أن المدى المتحقق حتى الآن قد لا يعتبر كافيًا، لكنه جيد باعتباره بدايةً لثورة في المجال.
وبينما ننتظر ذلك، يمكن للرحلات الجوية الكهربية القصيرة والأرخص والأفضل للبيئة، أن تغير الطريقة التي يتواصل بها الناس، أو حتى التي يذهبون بها إلى أماكن عملهم، فإذا كان الناس لا يمانعون قيادة السيارة مدة ساعة يوميًّا للذهاب إلى العمل، فلم لا يستبدلون بذلك رحلة جوية لا تستغرق أكثر من 15 دقيقة؟
اقرأ أيضًا:
ماذا يحدث للطائرات بعد خروجها من الخدمة؟
لماذا يصعب على الطائرات أن تقلع أو تهبط عند درجات الحرارة المرتفعة؟
ما الفرق بين البنزين ووقود الطائرات؟
ترجمة: م. دلال الشماع
تدقيق: أكرم محيي الدين
مراجعة: صالح عثمان