بقيمة 168.95 (مليار دولار أمريكي) من صناعات الحمية عالميًا، يتّضح أن العالم مهووس بفقدان الوزن.
ولكن ما هي الحمية الأفضل لفقدان الوزن والحفاظ على الصحة؟
واحدة من أكثر الحميات الواعدة والتي جذبت الاهتمام في الآونة الأخيرة هي الصيام المتقطّع، والتي اعتبرتها وسائل الاعلام معجزة خسارة الوزن.
ولكن وفقًا لدراسة حديثة، فإن الصوم المتقطّع ليس أكثر فعالية من اتباع حمية تقليدية عندما يتعلق الأمر بخسارة الوزن.
الصيام المتقطع هو أسلوب في تناول الطعام يركز حصّة الطعام اليومية في فترة زمنية محددة، ثم يصوم لبقية اليوم.
ومن أكثر إصدارات الصيام المتقطع شعبيًة هو (حمية ال 5:2).
هذا الإصدار يسمح بخمسة أيام من تناول الطعام دون قيود ويومين (غير متتاليين عادًة) من تناول الطعام ضمن حمية منخفضة السعرات الحرارية. ما يجعل هذه الحمية أكثر جذبًا هو أنها مرنة بحيث تلائم أسلوب حياتك.
وقد زادت الحماسة لهذا الأسلوب من الحمية بسبب الدراسات التي أجريت على الحيوانات وبيّنت أن الصيام يمكن أن يقلّل من خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وأنواع معينة من السرطان.
ومع ذلك، قليلة هي الدراسات التي راقبت تأثيرات الصيام المتقطّع على البشر لمدة تزيد عن الستة أشهر.
هكذا نوع من الدراسات يُعدّ صعبًا لأنه يعتمد على التزام الأشخاص بالحمية ناهيك عن التأثيرات الخارجية.
هذه الدراسة أجريت على مدى 50 أسبوعًا، ما يجعلها واحدة من أطول الدراسات التي تناولت الصيام المتقطّع حتى الآن.
وزّع الباحثون 150 مشاركًا على ثلاث مجموعات. اتبعت إحدى المجموعات حمية الصيام المتقطع 5:2 (مع يومين غير متتاليين أسبوعيًا يتم فيها تناول نحو 500 كيلو كالوري)، بينما خفّضت المجموعة الثانية كمية السعرات الحرارية اليومية بنسبة 20% تقريبًا.
أما المجموعة الثالثة فلم يتم تغيير نظامها الغذائي.
خلال الأسابيع الاثني عشر الأولى، عمل أخصائيو التغذية بعناية مع المشاركين لضمان التزامهم بالحمية الغذائية المخصصة.
بعد 12 أسبوعًا، تابع المشاركون اتباع الحمية دون أخصائيّ التغذية.
ثم قُيّمت آثار النظام الغذائي هذا بالاستفادة من التقييمات الصحية بعد 12 و24 و50 أسبوعًا.
قام الباحثون بدراسة وقياس وزن الجسم ودهونه وحساسية الأنسولين (مدى خطر الإصابة بالسكري وقابلية التحكم بغلوكوز الدم) والكوليسترول. كما قاموا بتحليل 82 جينة مرتبطة بالبدانة والأمراض الأيضية.
وكانت النتيجة للدراسة هي أن الصيام المتقطّع ونظام الحدّ من السعرات الحرارية اليومية أدى إلى فقدان الوزن وبشكل كبير مقارنة بالمجموعة الأخرى.
لكن الصيام المتقطّع لم يكن أكثر فعالية من النظام الغذائي التقليدي لفقدان الوزن.
كما أنه لم يحسّن علامات الصحة تحسينًا أكبر من حمية تقييد السعرات الحرارية اليومية.
كانت معدلات عدم الالتزام بالحميات منخفضة ومتماثلة في كل المجموعات، ما يدل على سهولة التزام المشاركين بها.
وأظهرت دراسات أخرى عن الصيام المتقطع نتائج مماثلة للنتائج السابقة.
أكدت هذه الدراسة بشكل واضح أن مبدأ فقدان الوزن مفهوم جدًا: يجب أن تقلّل من إجمالي السعرات الحرارية من أجل إنقاص وزنك أيًا كانت الطريقة.
صُمّم النظام الغذائي 5:2 خصيصًا لتقليل كمية السعرات الحرارية الأسبوعية بطريقة شبيهة لحمية تقليل السعرات الحرارية اليومية، لذلك ليس مستغربًا ظهور نتائج متشابهة بين الحميتين.
كما بيّنت الدراسة أنه تم فقدان الوزن بشكل ملحوظ في مجموعة الصيام المتقطّع بعد 12 أسبوعًا، لكن تم رصد زيادة في الوزن (تقدّر بـ 2 كيلو غرام) بين ال 24و50 أسبوعًا.
هذا يشير إلى أن الصيام المتقطّع يمكن أن يساهم في انقاص الوزن على المدى القصير وقد لا يكون جيدًا لفقدان الوزن على المدى الطويل.
في بحثي الخاص هذا وجدت أن الأشخاص الذين يتبعون حمية منخفضة السعرات الحرارية (550 كيلو كالوري) ينخفض لديهم مستوى هرمون الجوع الجريلين (ghrelin) في اليوم التالي.
وبما أن التركيزات العالية من الجريلين (ghrelin) مرتبطة بالجوع، فإن تركيزات أقل منه بعد هكذا حمية تعني خفض الشهية ما سيساعد الأشخاص الذين يريدون فقدان الوزن على المدى القصير.
ومع ذلك، لم تتمكن هذه الدراسة من إظهار تحسّن صحي (مثال: حساسية الأنسولين) كالذي ظهر في الدراسة السابقة على الحيوانات. كما اتّبعت هذه الدراسة فترة أطول وصرامة أكبر في تقييد السعرات الحرارية لا تتضمّنها حمية ال 5:2 عادةً.
لكن واحدة من الدراسات التي أجريت على البشر أظهرت أن الالتزام بحمية ال 5:2 لمدة ثلاثة أشهر حسّن من مؤشر حساسية الأنسولين مقارنة بالحمية التي تعمل على تقييد السعرات الحرارية اليومية، شرط أن يكون يوما تخفيض السعرات الحرارية في الحمية متتاليين. يشير هذا إلى أن الالتزام بفترات أطول من الصيام المتقطّع قد يوفر فائدة أكبر.
لم يُعرف بعد ما إذا كان الصوم المتقطّع ناجحًا بعد 50 أسبوعًا. وعلى الرغم من انخفاض معدل عدم الالتزام بالحمية، أثبتت الدراسة أن الصيام ليس منيعًا أمام عدم الالتزام حاله كحال بقية الحميات الأخرى.
وهذا يعني، كمعظم الحميات الغذائية، لن تكون فعالة إلا إذا توفرت الإرادة القوية للاستمرار.
لا يزال هناك أسئلة حول الصيام المتقطّع، وتحديدًا ما إذا كانت جميع أنماطه فعالة بشكل مماثل. مثل: (نمط المحارب، يتم فيها تناول وجبة كبيرة واحدة فقط في المساء).
شكل آخر من أنماط الصيام المتقطّع والمعروف باسم (التغذية المقيدة زمنيًا أو الصيام الجزئي) وفيه لا يجب تناول الطعام إلا خلال فترة محددة إما 4 أو 6 أو 8 ساعات فقط، وهو نمط يحظى باهتمام كبير، ناهيك أن وقت الطعام مهم بقدر أهمية ما تأكله، حسب دراسة.
تجري الأبحاث لمعرفة أفضل وقت لتناول الطعام وطول هذه المدة ومدى تأثير ذلك على الصحة.
لا يوجد حل وحيد يناسب الجميع، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحمية الغذائية.
أظهرت هذه الدراسة أن الصيام المتقطّع ونظام تقييد السعرات الحرارية على نفس الدرجة من الفعالية في فقدان الوزن وتحسين الصحة الأيضية.
لذا إن أفضل نظام غذائي وأكثره نجاحًا غالبًا هو حمية تناسب نمط حياتك.
- ترجمة: عمر النبواني
- تدقيق: رزان حميدة
- تحرير: صهيب الأغبري
- المصدر