أعلنت ثلاث من أكبر الشركات وأغناها في مجال التكنولوجيا في العالم- شركة ألفابيت (الشركة الأم لغوغل)، وشركة أمازون، وشركة تسلا- عن خطتهم في تجزئة أسهمهم، وتسبب الإعلان ذاته عن تجزئة الأسهم المقبلة في ارتفاع أسعار الأسهم. وارتفعت أسهم شركة ألفابيت 7.5٪ في الأول من فبراير عام 2022 بعد أن قالت إنها ستجزئ أسهمها.
إذن، ما الشيء الذي يجعل المستثمرين متحمسين عندما يتعلق الأمر بتجزئة الأسهم؟ وما الرسالة التي تحاول الشركة إيصالها بواسطة تجزئة أسهمها 2 مقابل 1 أو 3 مقابل 1 أو حتى 20 مقابل 1؟
ما عملية تجزئة الأسهم؟
يعد مفهوم تجزئة الأسهم من المصطلحات المالية سهلة الفهم على عكس العديد من المصطلحات الأخرى.
عنلية تجزئة الأسهم هي عندما تقرر الشركة تجزئة جميع أسهمها المتداولة وتقسيمها على رقم معين، قد يكون اثنين أو ثلاثة أو خمسة أو عشرين. ولا تتغير القيمة الإجمالية للأسهم، وإنما فقط رقم الأسهم المتداولة وسعرها المفرد.
فكر في الأمر على أنه إجراء تغيير. إذا كانت لديك ورقة نقدية بقيمة 20 دولار وصرفتها إلى ورقتين نقديتين بقيمة 10 دولار، فالقيمة الإجمالية لم تتغير، بل بقيت 20 دولار، ولكن لديك الآن ضعف الورقة النقدية، وكل واحدة تعادل نصف قيمة الورقة النقدية الأصلية. ولنقل الآن إنك جزأت ورقة العشرين دولار إلى عشرين ورقة مفردة، أي 20 مقابل 1، فالقيمة الإجمالية ما تزال 20 دولار، ولكن كل ورقة نقدية تعادل واحدًا إلى عشرين من الورقة الأصلية.
تعمل تجزئة الأسهم بالطريقة ذاتها. ولنقل إن الشركة XYZ لديها ألف سهم مطروح للتداول، وكل تداول بسعر 1000 دولار للسهم الواحد.
هذا يعني أن الشركة XYZ لديها رأس مالي سوقي يعادل مليون دولار. وإذا جزأت الشركة نفسها السهم إلى سهمين، فالإجمالي الآن أصبح 2000 سهم مطروح للتداول بسعر 500 دولار للسهم الواحد.
لا تغير تجزئة السهم من القيمة السوقية للشركة كما يقول ديريك كلوك -أستاذ المالية في جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا- بل تغير ببساطة عدد الأسهم المتداولة.
تبقى القيمة الإجمالية للشركة XYZ مليون دولار حتى بعد تجزئة الأسهم (2000 سهم x 500 دولار)، ولكن يوجد ضعف عدد الأسهم الموجودة في التداول. وإذا امتلكت عشرة أسهم في الشركة XYZ بقيمة 10,000 دولار، فبعد تجزئة السهم إلى سهمين، ستملك عشرين سهمًا بقيمة تعادل 10,000 دولار؛ وذلك لأن سعر السهم يتجزأ أيضًا، فبدلًا من كونه 1000 دولار للسهم يصبح 500 دولار للسهم الواحد، ولا يوجد في الواقع أي تغيير في القيمة الاقتصادية.
لماذا تلجأ الشركات إلى تجزئة أسهمها؟
عمدت الشركات تاريخيًا إلى تجزئة أسهمها عندما تصبح أسعار الأسهم عالية، ولكن أليست أسعار الأسهم المرتفعة شيئًا جيدًا ما دام الطلب مرتفعًا عليها؟
الإجابة: نعم ولا.
يعد ارتفاع سعر الأسهم مؤشرًا لثقة المستثمر بمستقبل ربحية الشركة، ولكن إذا ارتفع سعر السهم، عندها يخسر المستثمرون الاعتياديون السوق.
تخيلوا الأمر كما يلي: يمكن أن يقتني عدد أكبر من الناس منتجًا ما إذا كانت تكلفته 30 دولارًا عوضًا عن 300 دولار. فإذا رغبت شركة في جذب عدد أكثر من المستثمرين خصوصًا الجدد منهم، فعليها جعل سعر السهم ضمن «الحد المعقول» كما يقول كلوك. ويعد مبلغ 50 دولارًا للسهم في شركة جديدة واعدة أقل مخاطرة من مبلغ 500 دولار للسهم بالنسبة لمستثمر بأموال محدودة.
هذا أحد الأسباب التي أعطتها أمازون عندما أعلنت عن تجزئة السهم إلى عشرين في التاسع من مارس؛ «لجعل سعر السهم متاحًا للأشخاص الذين يتطلعون إلى الاستثمار في الشركة».
يبدو أنها عملية فعالة، فعندما طرحت شركة أبل تجزئة السهم، أربعة أجزاء للسهم الواحد في عام 2020، تدافع مستثمرو التجزئة لشراء الأسهم، ولا يعد مستثمرو التجزئة محترفين، أي أنهم أشخاص عاديون. واشترى مستثمرو التجزئة ما يقارب مليار دولار من أسهم أسبوعيًا عوضًا عن 150 مليون دولار في الأسبوع بعدما جزأت شركة أبل سعر السهم إلى أربعة أجزاء.
تجزئة الأسهم مؤشر سايكولوجي
بحسب كلوك، فإن الأساس المنطقي التقليدي لقيام الشركات بتجزئة الأسهم قد عفى عليه الزمن. وتم تداول الأسهم في الماضي بواسطة شركات وساطة في حزم مكونة من 100 سهم، وجعل سعر السهم المرتفع الحصول عليه بعيد المنال ما عدا المقتدرين والشركات الاستثمارية.
لكن يقول كلوك إن مشهد الاستثمار قد تغير تمامًا مع التداول بالإنترنت، إذ يستطيع أي شخص بيع الأسهم وشراءها بتكاليف منخفضة.
ليس فقط مستثمرو التجزئة من يستطيعون شراء الأسهم الفردية (بدلًا من حزمة من 100 سهم)، بل يسمح كذلك للوسطاء الذين يقدمون خدماتهم عبر الإنترنت. ويستطيع الوسطاء مثل: شواب، وفيديليتي، وروبين هوود بيع الأسهم على شكل «شرائح»، وما هي إلا جزء من السهم.
في روبين هوود، مثلًا، يمكنك شراء «حصة كسرية من الأسهم»، وهي جزء من المليون من الحصة، ما يجعل الاستثمار متاحًا عند كل سعر للسهم.
لذا، إذا كان خفض أسعار الأسهم إلى أقل من النطاق الملائم لا يمثل حافزًا، فلماذا ما زالت الشركات -مثل: ألفابيت، وأمازون، وتسلا- تلجأ إلى تجزئة الأسهم؟
يقول كلوك: «يعد إعلان تجزئة الأسهم في المقام الأول طريقة لإرسال إشارة إيجابية من الشركة إلى السوق أنه من المتوقع استمرار ارتفاع أسعار الأسهم».
ويضيف: «في رأيي، يعد قرار تجزئة الأسهم قرارًا نفسيًا بالكامل مقابل أي نوع من الأسس المنطقية المالية الحقيقية خلفه».
ماذا تعني تجزئة الأسهم للمستثمر العادي؟
يكون السؤال كما يلي، ماذا يفترض أن يفعل المستثمر العادي من تلك «الإشارة» الإيجابية المفترضة؟
في حال كانت لديك أسهم على وشك أن تتجزأ، فهل تحتفظ بها؟ وهل التجزئة تشير حقًا إلى أن حالة الشركة المالية جيدة، ويجب الاستثمار فيها أو لا؟
لا تُنبئ عملية تجزئة الأسهم عن شيء ملموس عن مكاسب الشركة ومدى ربحيتها وفقًا لشرح كلوك؛ لأن هذا النوع من المعلومات يصدر في تقارير ربع سنوية عن المكاسب، إلا أن تجزئة الأسهم ك علامة وثيقة على أن الأشخاص داخل الشركة -الذين يفترض أن يعرفوا أفضل من أي أحد آخر عن أداء الشركة المستقبلي- يعتقدون أن الأمور ستكون على ما يرام.
ما دامت العائدات متعلقة بالاستثمار، فإن «الإشارة الإيجابية» لتجزئة الأسهم تبدو صحيحة. أجرت ناسداك بحثًا في عام 2019 نظر في جميع عمليات تجزئة الأسهم الرئيسية من عام 2012 حتى 2018. ووجدت أن مجرد الإعلان عن تجزئة الأسهم أدى إلى تعزيز قيمة السهم بمعدل وسطي 2.5٪، وتفوقت الأسهم المجزأة على باقي الأسهم في السوق بمعدل 5٪ بعد سنة واحدة.
تشير البيانات إلى أن سعر السهم سيخضع على الأغلب لتغير مفاجئ، فإذا كنت ممن لديهم مسبقًا أسهم على وشك أن تتجزأ، وإذا كنت ترغب في الاستثمار في أسهم مجزئة، فهناك دليل قوي على أن الاستثمار سيعطي نتائج جيدة.
مجددًا، لا يوجد في الاستثمار شيء مضمون، لذلك استشر مستشارًا ماليًا قبل اتخاذ أي إجراء.
اقرأ أيضًا:
أخطاء تداول الأسهم الناتجة عن التضخم
ترجمة: يوسف حمد
تدقيق: هادية أحمد زكي