أدى تفشي مرض الليستيريا في فلوريدا منذ يناير 2022 حتى الآن إلى حالة وفاة واحدة على الأقل ودخول 22 حالة إلى المستشفى، وأدى كذلك إلى سحب المثلجات من الأسواق بسبب تاريخ الصلاحية.
يصاب البشر بعدوى الليستريا من خلال تناول الأطعمة الملوثة بالتراب أو اللحوم غير المطبوخة جيدًا أو منتجات الألبان النيئة أو غير المبسترة، ويمكن أن تسبب الليستيريا تشنجات وغيبوبة وإجهاضًا وعيوبًا خلقية، وهي ثالث سبب رئيسي لوفيات التسمم الغذائي في الولايات المتحدة.
إن تجنب مخاطر الطعام غير المرئية -مثل البكتيريا والأوالي- هو السبب الذي يجعل الناس يتفحصون تاريخ الصلاحية على عبوات الطعام، وغالبًا ما تكون التواريخ محددة بالشهر والسنة ويسبقها أحد هذه العبارات : «من الأفضل استخدامها قبل…»، أو «تستخدم لغاية…»، أو «من الأفضل استخدامه قبل حلول…»، أو «طازج حتى…»، أو عبارة «أنتج في…».
يعتقد الناس أن هذه العبارات تبين تاريخ الصلاحية، أو التاريخ الذي يجب أن يتلف به الطعام، لكن التواريخ ليس لها علاقة تذكر بانتهاء صلاحية الطعام أو بأن تناوله أصبح أقل أمانًا.
يقول جيل روبرتس أستاذ الصحة العالمية في جامعة جنوب فلوريدا: «أنا عالم ميكروبيولوجي وباحث في الصحة العامة، وقد استخدمت علم الأوبئة الجزيئي لدراسة انتشار البكتيريا في الطعام، يُسهّل تأريخ المنتجات الغذائية على الناس التمييز بين الأطعمة التي يمكنهم تناولها بأمان وتلك التي يمكن أن تكون خطرة».
مصادر القلق:
ذكرت وزارة الزراعة الأمريكية أنه في عام 2020 أنفقت الأسرة الأمريكية متوسطة الدخل 12٪ من دخلها على الغذاء، لكن الكثير من الطعام كان يُتخلص منه على الرغم من كونه أمنًا تمامًا للأكل.
وأفاد مركز البحوث الاقتصادية التابع لوزارة الزراعة الأمريكية أن ما يقارب 31 ٪ من جميع الأطعمة المتاحة لا تُستهلك أبدًا. وأسعار الأغذية المرتفعة تجعل مشكلة الهدر مثيرة للقلق.
قد يكون النظام الحالي لوضع تاريخ الصلاحية على الملصقات الغذائية مسؤولًا عن الكثير من الأطعمة المهدورة، فقد أفادت إدارة الغذاء والدواء أن قلق المستهلك من انتهاء صلاحية المنتجات الغذائية من المحتمل أن يكون مسؤولاً عن حوالي 20٪ من الطعام المهدور في المنزل، وبتكلفة تقدر بنحو 161 مليار دولار أمريكي سنويًا.
من المنطقي الاعتقاد أن ملصقات تاريخ الصلاحية موجودة لأسباب تتعلق بالسلامة، لا سيما وأن الحكومة الفيدرالية تفرض قواعد لتضمين القيم الغذائية والمكونات على ملصقات الأطعمة، فقد صدر هذا القانون في عام 1938 عن هيئة الغذاء والدواء ومستحضرات التجميل وعُدّل باستمرار منذ ذلك الحين، ويهدف القانون من وجود الملصقات الغذائية إلى إعلام المستهلكين بالقيم الغذائية ومكونات الأطعمة المعبأة، بما في ذلك كمية الملح والسكر والدهون التي تحتويها.
مع ذلك، فإن ملصقات تاريخ الصلاحية الموجود على عبوات الطعام لا تُنظم من قبل إدارة الغذاء والدواء، بل من قبل منتجي المواد الغذائية، وقد لا تكون مبنية وفق علم سلامة الغذاء. على سبيل المثال، قد يقوم منتجو الطعام بإجراء دراسة للمستهلكين في مجموعة محددة لاختيار التاريخ الذي سيوضع على المنتج، بعد ستة أشهر مثلاً من إنتاج المنتج لأن 60٪ من هذه المجموعة لم تعد تستحسن مذاق المنتج، وبذلك قد تقلّد الشركات الصغيرة المصنعة لطعام مشابه وتضع التاريخ نفسه على منتجها.
اقترحت إحدى المجموعات الصناعية -معهد تسويق الأغذية و رابطة مصنعي الغذاء- أن يقوم أعضاؤها بوضع علامة على الطعام: «من الأفضل أن يتم استخدامه قبل تاريخ…» للإشارة إلى المدة التي يكون فيها الطعام آمنًا للأكل، و «تستخدم لغاية…» للإشارة إلى متى يصبح الطعام غير آمن، لكن استخدام هذه العبارات الدقيقة أمر اختياري. وعلى الرغم من أن الدافع وراء التوصية هو الرغبة في تقليل هدر الطعام، إلا أنه لم يتضح بعد ما إذا كان لهذا التغيير الموصى به أي تأثير.
أوصت دراسة متصلة أجراها قسم قانون وسياسة الغذاء بجامعة هارفارد ومجلس حماية الموارد الوطنية بإلغاء التواريخ التي تستهدف المستهلكين، مشيرة إلى إمكانية حدوث خوف وإهدار لديهم.
بدلاً من ذلك تشير الدراسة إلى أن المصنعين والموزعين يستخدمون تواريخ “الإنتاج” أو “التعبئة”، إلى جانب تواريخ “البيع حسب” التي تستهدف محلات السوبر ماركت وتجار التجزئة الآخرين، وتدل التواريخ بالنسبة لتجار التجزئة إلى مقدار الوقت الذي سيظل فيه المنتج بجودة عالية.
تعتبر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن بعض المنتجات هي “أطعمة قد تكون خطرة” إذا كانت لها خصائص تسمح للميكروبات بالنمو، وتشمل هذه الخصائص الرطوبة ووفرة العناصر الغذائية التي تغذي الميكروبات. تشمل هذه الأطعمة الدجاج والحليب وشرائح الطماطم، وكلها مرتبطة بتفشي الأمراض المنقولة بالغذاء، لكن لا يوجد فرق في نظرة المستهلك حالياً ما بين تاريخ الصلاحية المستخدم على عبوات هذه الأطعمة وذلك المستخدم في المواد الغذائية الأكثر أمانًا.
الفحوصات العلمية المطبقة على الأغذية:
حليب الأطفال هو المنتج الغذائي الوحيد الذي يتم تحديد تاريخ الصلاحية عليه علميًا من قبل الحكومة، إذ يُختبر بشكل روتيني في المعامل بحثًا عن التلوث، لكن حليب الأطفال يخضع أيضًا لاختبارات التغذية لتحديد المدة التي تستغرقها العناصر الغذائية -وخاصة البروتين- لتتخرّب، وذلك لمنع حدوث سوء التغذية عند الأطفال. يشير التاريخ بعد «يستخدم لغاية…» على حليب الأطفال إلى الوقت الذي يصبح فيه الحليب غير مغذٍ.
من السهل نسبيًا قياس العناصر الغذائية الموجودة في الأطعمة، وتقوم إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بذلك بانتظام وتصدر تحذيرات لمنتجي الأغذية عندما لا تتطابق محتويات المغذيات المدرجة في ملصقاتهم مع ما وجدته مختبراتها.
تعد الدراسات الميكروبية -مثل الدراسات التي يعمل عليها باحثو سلامة الأغذية- نهجًا علميًا يفيد في وضع عبارات تحدد تاريخ انتهاء صلاحية الأطعمة، قد تتضمن الدراسة الميكروبية ترك الطعام يفسد وقياس كمية البكتيريا التي تنمو فيه بمرور الوقت.
يُجري العلماء أيضًا نوعًا آخر من الدراسات الميكروبية برصد المدة التي تستغرقها الميكروبات مثل الليستريا لتصل إلى مستويات خطيرة بعد إضافة الميكروبات إلى الطعام قصدًت لمراقبة ما تفعله، مع ملاحظة تفاصيل مثل كمية البكتيريا التي تنمو بمرور الوقت والكمية الكافية التي تسبب المرض.
الفحوصات التي يستطيع أن يقوم بها المستهلكون:
يمكن أن يؤدي تحديد العمر الافتراضي للطعام باستخدام البيانات العلمية المتعلقة بمحتوياته من المغذيات وسلامته إلى تقليل الطعام المهدور بشكل كبير وتوفير المال، خصوصًا مع زيادة تكلفة الأغذية.
ولكن في حالة عدم وجود نظام موحد لتحديد تاريخ الصلاحية، يمكن الاعتماد على الحواس كالنظر والشم لاتخاذ قرار بالتخلص من الخبز المتعفن أو الجبن الأخضر أو كيس السلطة ذي الرائحة الكريهة. قد ينتبه الناس أيضًا إلى الأطعمة القابلة للتلف -مثل اللحوم الباردة- التي تنمو فيها الميكروبات بسهولة.
اقرأ أيضًا:
بعض الطرق المثبتة علميًا لمعرفة إذا ما انتهت صلاحية الطعام أم لا
التسمم الغذائي: الأسباب والأعراض والعلاج
ترجمة: ميس الفالوجي
تدقيق: بتول جنيد