في حين أن الانفصال العاطفي في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية كثيرًا ما يرافقه الكثير من الدموع وتناول الآيس كريم وقصات شعر شنيعة، ولكن الأمور في الواقع أكثر التباسًا، إذ قد لا يكون الانفصال دائمًا سيئًا، بل إنه قد يجعل بعض الأشخاص يشعرون بتحسن، لكن ما سبب ذلك؟

التفسير الأوضح للشعور بالارتياح بعد انتهاء علاقة ما، هو أن المرء لم يكن يشعر بالسعادة فيها من الأساس.

تقول اختصاصية علم النفس تاكيشا رولاند جينكنز: «قد يكون الانفصال مفيدًا للصحة عند إنهاء علاقة مسيئة جسديًا ولفظيًا وعاطفيًا، أو مغادرة علاقة يشعر فيها المرء بأنه لا يستطيع أن يكون على طبيعته، أو علاقة تسبب الشعور بالتعب والتعاسة طوال الوقت».

عند الانخراط في علاقة تنطوي على التحكم القسري أو العنف أو أي نوع آخر من الإساءة، فإن مغادرتها والوصول إلى مكان آمن سيحفز العديد من المشاعر المعقدة، لكنها ستتضمن على الأرجح الشعور بالارتياح.

ينطبق المبدأ ذاته على الخيانة؛ فعندما يكتشف المرء أنه تعرض للخيانة من شريكه، سيحزن على انتهاء علاقتهما، ولكنه سيشعر في نهاية المطاف بأنه أفضل حالًا من دونه.

بصرف النظر عن قصات الشعر البشعة، فإن تألق ما بعد الانفصال ظاهرة حقيقية، مثلما بينت العديد من الفيديوهات على منصة تيك توك. قد يزيد انتهاء العلاقة الشعور بالتوتر بدرجة لا ندركها تمامًا إلى حين تجاوز الأمر، ولكن عندما ينزاح ذلك الثقل أخيرًا قد يترك وراءه شعورًا بالإصرار والرغبة في تجربة أشياء جديدة.

تقول رولاند جينكنز: «قد تسبب العلاقات الصعبة الإجهاد الجسدي والعاطفي، لذا قد يشعرنا الانفصال بالتجدد ويمنحنا وقت فراغ لممارسة هواياتنا المفضلة، أو مجرد الارتياح».

عندما يشعر المرء في أعماقه بأن العلاقة ليست ناجحة، فإن من المنطقي أن يشعر أيضًا بتحسن عند إنهائها، لكن ماذا لو كان هو الشريك الذي يتعرض للهجر؟ وماذا لو قرر الشريكان أن إنهاء علاقتهما هو أفضل سبيل للمضي قدمًا، حتى في حال لم توجد مشكلات بينهما؟

بعيدًا عن الانهيارات والمشاهد الكئيبة التي تظهر بعد الانفصال في الإعلام، فإن علم النفس يبين أن البشر أقدر على تجاوز الصد مما يظنون، ولا يوجد شك أن الصدمة الأولى عند التعرض للصد قد تكون مؤلمة جدًا وتتطلب بعض الوقت لتجاوزها، لكن يجدر بنا تذكر أن جميع المشاعر الناجمة عن الصد تمثل جزءًا مهمًا من ارتباطنا بالآخرين.

يوصي المعالجون النفسيون بالعديد من الاستراتيجيات التي تسهل تجاوز الشعور بالألم، إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة لدى بعض الناس.

تضمنت ورقة بحثية خمس دراسات تناولت الخصال التي تجعل المرء أقل قدرة على المضي قدمًا بعد انتهاء العلاقة، ووجد الباحثون رابطًا مع المفهوم النفسي للتعريف الذاتي، الذي يُسمى الصورة الذاتية.

يقول الباحثون: «عندما يحث الصد على تغير محسوس في الصورة الذاتية لدى المرء، فإن تأثيره قد يظل مستمرًا ولا يُرمم الضرر الناجم عنه تمامًا».

«نجد آلية جديدة يستمر بواسطتها تأثير الصد، وهي تكمن في استجابة بعض الناس للصد بالتشكيك في صورتهم الذاتية الحقيقية فيما بعد».

يعني ذلك أن الأشخاص الذين بطبيعتهم أقل ميلًا إلى التشكيك في صورتهم الذاتية عند تعرضهم إلى الصد من شريكهم العاطفي يتعافون منه على نحو أسرع، ويشير الباحثون إلى أن هذه الحقيقة قد تمثل نقطةً مهمة تنبغي مراعاتها في العلاج النفسي.

«تطرح هذه الدراسات أفكارًا حول كيفية تلاشي تأثير الصد، وكيفية مساعدة بعض الأشخاص على تجاوز الماضي».

لا بأس إذا شعر المرء بأنه ليس مستعدًا للتألق مباشرةً بعد انتهاء العلاقة، ولا بأس أيضًا إذا شعر بالارتياح بسبب انتهائها ولا يرغب في التكتم عن ذلك، إذ لا توجد مشاعر صحيحة أو خاطئة في هذه المواقف.

فضلًا عن ذلك، إذا كانت خطط بعض الأشخاص العودة مجددًا إلى المواعدة بعد الانفصال، يمكنهم الاطمئنان بأن العلاقات التعويضية لا تستحق بالضرورة السمعة السيئة التي يروجها الإعلام.

اقرأ أيضًا:

لماذا تتألم النساء عند الانفصال أكثر من الرجال؟

هذا ما يحدث لدماغك بعد الانفصال

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: ميرڤت الضاهر

المصدر