تحمل أجهزة الكمبيوتر الكمومية وعدًا بإحداث ثورة في العديد من جوانب العلوم المختلفة، فهي قادرة على معالجة مشكلات لا يستطيع حتى أقوى جهاز كمبيوتر خارق التعامل معها. المشكلة هي أن هذه الأجهزة الكمومية لا تزال قيد التطوير وليست جاهزة بعد لهذه الثورة، لكن هذا لا يعني أنها لا تتضمن تطبيقات ذات تأثير علمي، أحدها يتعلق بنهاية الكون.

قال المؤلف الرئيس البروفيسور زلاتكو بابيك: «مع أن الأجهزة الكمومية لا تزال قيد التطوير، فإن السؤال المهم هو إيجاد مشكلة مناسبة للدراسة عليها، وهو أمر صعب نوعًا ما بالنسبة إلى أجهزة الكمبيوتر الكلاسيكية، لكن في الوقت ذاته ليس صعبًا لدرجة أن الأجهزة لا تستطيع التوصل لأي نتيجة مفيدة، وإن لم تتطور بعد بالكامل».

تستخدم الأجهزة الكمومية وحدات البت الكمومية، التي تسمح للحسابات بالتوسع عن خيارات البتات الكلاسيكية 0 و1. استخدم بابيك ومجموعته جهازًا كميًا متطورًا يحتوي على 5564 وحدة بت لمحاكاة تحلل الفراغ الزائف أحادي البعد، وهو سيناريو محتمل لنهاية الكون.

في ميكانيكا الكم، فقط المجالات التي تكون في أدنى حالة ممكنة -الحالة الأساسية أو الفراغ الحقيقي- تكون مستقرة حقًا. قد تكون بقية المجالات مستقرة، ما يعني أنها تبدو مستقرة، لكنها قد تتحلل إلى الحالة المستقرة الحقيقية، ما يُعرف باسم تحلل الفراغ الزائف.

إذا لم يكن مجال هيغز في الكون، مثلًا، في حالته الفراغية الحقيقية، فقد يتحلل تلقائيًا. هذا من شأنه أن يخلق فقاعة كونية متوسعة من شأنها أن تغير الكون مع اتساعه، ما يجعل نسختنا من الواقع تختفي، أي سيختفي الكون بأكمله في النهاية.

قال بابيك: «إن أحد الأسئلة المهمة حول تحلل الفراغ هو كيف تحدث هذه العملية حقًا؟ إذا كنت قادرًا على تكبيرها ومشاهدتها مثل مقطع فيديو، فما الذي يحدث بالفعل؟ كان الهدف الرئيسي من هذه الورقة هو محاولة فهم الآلية الأساسية».

قارن بابيك العملية بالتأثير الممتع الذي يحدث في الماء شديد التبريد، الذي ربما شاهدناه في مقاطع الفيديو. تكون درجة حرارة الماء أقل من درجة التجمد، لكنها تظل سائلة ما دامت لا تتعرض لمؤثر خارجي. يؤدي سكبها أو ضربها إلى تشكلها ليصبح السائل صلبًا. الفراغ الزائف له بعض أوجه التشابه من حيث المبدأ، لكن المحاكاة كشفت أن نهاية الكون المفترضة أعقد بكثير.

قال بابيك: «أحد الأشياء التي لم نتوقعها حقًا هو أن هذه العملية أعقد مما اعتقده البعض بسذاجة أو ما ناقشه الناس في الأدبيات. تحصل هذه الفقاعات بأحجام مختلفة، وتؤثر أحجامها في كيفية تفاعلها معًا. تفسر عملية معقدة للغاية كيفية تطور هذه الفقاعات وتصادمها».

يخطط الفريق لدراسة نسخة ثنائية الأبعاد من النظام، ويأملون مع تقدم التكنولوجيا أن يتمكنوا من إنشاء نسخ ثلاثية الأبعاد أيضًا.

أوضح البروفيسور بابيك: «لدينا قدر كبير من الإثارة الآن بعد أن أصبح لدينا هذه التقنيات الجديدة، وتوجد فرصة حقيقية لأن نتمكن من الإجابة عن بعض هذه الأسئلة الصعبة للغاية في الفيزياء الأساسية باستخدام هذه التكنولوجيا. إن هذه المشكلة موجودة منذ ما يقرب من نصف قرن، ومن المعروف أنها مشكلة صعبة للغاية للإجابة عنها نظريًا، لكن مع هذه التقنيات الجديدة، قد تتاح لنا الفرصة!».

اقرأ أيضًا:

إنشاء أكبر محاكاة للكون على الإطلاق باستخدام كمبيوتر فائق

قد يكون انفجار عظيم مظلم هو مصدر المادة المظلمة في الكون

ترجمة: محمد الشرقاوي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر