مادة اصطناعية مكونة من مليار مغناطيس نانويّ تظهر امكانية نادرة لتغيير اطوارها عند درجات الحرارة المتقلبة. ومثلما ان للماء ثلاث حالات الغازية والسائلة والصلبة، فان هذه المادة المغناطيسية تظهر تحول الاطوار الفيزيائية عند تبريدها تدريجيا الى ما يقارب درجة الانجماد. وقالت الباحثة وراء هذه المادة الجديدة لورا هايدرمان Laura Heyderman من معهد بول شيرر Paul Scherrer Institute في سويسرا في بيان صحفي: “نحن مندهشون ومتحمسون، فقط الانظمة المعقدة قادرة على عرض التحولات الطورية.”
وهذه المادة مصنفة على انها مواد صناعية مركبة Metamaterials* وهذا طبعاً لان لديها خصائص ليست موجودة في الطبيعة، وان البنية المعقدة للمغناطيس النانويّ تمتلك امكانية توفير وسائل جديدة في نقل وتخزين المعلومات. طول كل مغناطيس هو 63 نانومتر* مكونة ما يشبه حبة الرز. وقد تم ترتيب مليون قطعة منها على جسم مستوٍ، وبذلك تكوّن نمط مشابه لخليه النحل, بمساحة 5X5 ملم.
قام فريق البحث اولاً برصد سلوك هذه المغانط عند درجة حرارة الغرفة و وجدوا بان اتجاهاتها كانت عشوائية بشكل كامل وليس هناك سبب وراء اتجاه الاقطاب الشمالية والجنوبية للمغانط. وتسمى في هذه الحالة بالطور الجليدي مضمحل الدوران بنسبة عالية (الطور الجليديI).
وعند تبريد هذه المادة بصورة بطيئة، وبعد مدة قصيرة، بدأت المغانط بالتفاعل مع بعضها البعض، واظهرت اتجاهاتها بانها اصبحت متأثرة بالمغانط المجاورة. وتسمى هذه الحالة بالطور المنتظم المشحون (الطور الجليديII). وعند تبريدها اكثر، فان الترتيب المغناطيسي خضع لتغير اخر اذ انه اصبح مجمداً تقريباً مثل الماء تماماً, وتسمى هذه الحالة الاطوار المنتظمة والمشحونة طويلة المدى .LRO phase وتقول هايدرمانHeyderman : “كنا مندهشين بحقيقة ان مادتنا الصناعية اظهرت هذه الظاهرة اليومية من التحول الطوري.”
والفائدة الرئيسة لهذه المادة المصنعة هي أنه طالما ان البُنى الذرية المعقدة للمواد الطبيعية يستحيل إعادة ترتيبها بدقة عالية على مستوى كبير، فان هذه المواد المغناطيسية يمكن تشكيلها بسهولة تامة وذلك لانها مصنوعة بالكامل من المغانط. وهذا يسمح للباحثين ليس فقط من تغيير شكل وحجم المغانط في عمليات التصنيع المستقبلية لهذه المادة ، بل وكذلك ترتيبها على شكل خلية النحل، مما يمكّن الباحثين من التحقق في امكانية وجود اطوار اخرى للمادة.
وتقول هايدرمان: “اجمل ما في الامر، ان الاطوار الانتقالية المصممة قادرة على جعل المواد المصنعة متكيفة وخصوصاً للاحتياجات المختلفة في المستقبل.” ومن المتأمل ان مادة كهذه يمكن ان تمتلك تطبيقات للمستقبل في نقل البيانات وخزنها. وبينما يعمل الباحثون على نوع مختلف من الاجهزة المغناطيسية، فان المغانط عندما تتفاعل مع بعضها بصورة ضعيفة فانها يمكن ان تستخدم كذاكرة لتخزين المعلومات على هيئة “بت”، وعندما تتفاعل مع بعضها بصورة قوية فان هذا يسمح لها بنقل المعلومات عن طريق ديناميك الكم. وهناك تطبيق اخر محتمل لهذه المادة وهو في اجهزة الاستشعار التي تقوم بقياس المجال المغناطيسي.