ما يزال أول جسم كوني معروف في نظامنا الشمسي، والمعروف باسم أوموموا؛ يتحدى التفسير العلمي. ورُفضت آخر التفسيرات حول المادة المصنوع منها هذا الجبل الكوني الطفيلي الذي يشبه السيجار في شكله.
ووصف الباحثون أومواموا في التفسيرات الحديثة، بأنه جبل جليدي كوني، ولكن يقول علماء الفيزياء الفلكية في هارفارد أن هذا مستحيل، ويشرحون السبب في ورقة بحثية جديدة نشرت في 5 نوفمبر في مجلة New Astronomy.
في أكتوبر 2017، عندما لمح علماء الفلك أول مرة اندفاع أومواموا خلال نظامنا الشمسي، كان يخرج منه بسرعة تقارب 57,000 ميل في الساعة، ما يعادل 92,000 كيلومتر في الساعة، ولا تدل سرعته الكبيرة على أنه نشأ في نظامنا الشمسي.
وعندما اجتاز الجسم المتزعزع ومسطح الشكل الشمس، تقلب، وتسارع بوتيرة لا يمكن تفسيرها بقوة سحب الجاذبية الشمسية. ولم يستطع علماء الفلك العثور على أي دليل ظاهر على قوة دافعة، مثل بخار الماء، أو غازات متسربة من الجسم دافعة إياه نحو الأمام.
العلماء غير متأكدين من ماهية الشيء الذي دفع أومواموا لزيارته المتسارعة نحو نظامنا الشمسي وخارجه، وهم لا يعرفون أيضًا مما هو مصنوع.
ولكن في مارس، قال آلان جاكسون وستيفن ديتش، عالما الفيزياء الفلكية في جامعة ولاية أريزونا؛ إنهم اكتشفوا ذلك. ونشر الفريق ورقتين بحثيتين، أعلنوا فيها أن أومواموا كان على الأرجح كتلة جليد كوني، انفصلت من كوكب يشبه بلوتو في مكان ما خارج نظامنا الشمسي، كما نُشر في Live Science سابقًا.
ويمكن لهذه النظرية أن تحل لغز المادة الدافعة الغامض، إذ عندما يقترب أومواموا من الشمس، سيُدفع الجسم نتيجة تبخر غاز النيتروجين، ويصبح غير مرئي للتلسكوبات.
ويعرف علماء الفلك أن الجليد الكوني موجود في نظامنا الشمسي، لأنهم وجدوه على كوكب بلوتو، لذلك فإنه من الطبيعي أن نشك في أن أجزاءً من الجليد الكوني تنفصل أحيانًا عن كواكب خارجية شبيهة ببلوتو.
لماذا لا يمكن أن يكون النيتروجين هو السبب؟
لا يوافق الجميع على هذا الاستنتاج.
قال أمير سراج عالم الفيزياء الفلكية في جامعة هارفارد، في إشارة منه إلى مقدار الخطأ ليظل التنبؤ واقعيًا: «في اللحظة التي رأيت فيها تلك الأوراق البحثية، عرفت أنه لا توجد آلية فيزيائية لتعمل تلك الافتراضات، ولا حتى ميزانية تغطي هامش الخطأ في هذه الافتراضات».
وفقًا لسراج وشريكه في التأليف، عالم الفيزياء الفلكية في هارفارد أفي لوب، يعد استنتاج جاكسون وديش أن أومواموا هو جبل جليدي كوني؛ ناقصًا، لأنه لا يوجد ما يكفي من النيتروجين في الكون لصنع جسم مثل أوموموا، وهو بطول ما بين 1300 و2600 قدم، أي 400 إلى 800 متر، وبعرض 115 إلى 548 قدمًا، أي بين 35 إلى 167 مترًا.
وقال سراج: «إن النيتروجين النقي نادر، وعُثر عليه فقط على بلوتو، إذ يشكل حوالي 0.5% من الكتلة الإجمالية، وحتى لو جُمع كل جليد النيتروجين من كل كوكب شبيه ببلوتو ومتوقع وجوده في الكون، لن يكون هناك ما يكفي من النيتروجين لصنع أوموموا».
حَسَب سراج ولويب أن كتلة الكواكب الخارجية الشبيهة ببلوتو اللازمة لصنع جبل جليدي من النيتروجين بحجم أومواموا ستتجاوز كتلة النجوم، ما يتطلب -بالحد الأدنى- أكثر من 60 ضعف كتلة كل نجم نحتاجه لصنع كل كواكب نظامنا الشمسي» وقال سراج: «ولكن هذا جنون، إنه محال».
صاغ سراج ولوب العديد من الافتراضات الحذرة والدقيقة في حساباتهم، وأضاف سراج: «يبدو الأمر مثل تجاهل التأثيرات الناجمة عن الأشعة الكونية، الجسيمات دون الذرية التي تتحرك بسرعة الضوء، باستمرار في الفضاء وتفني كل جسم تصطدم به، بما في ذلك أجسام كأومواموا. عند أخذ الأشعة الكونية في الاعتبار، حسب سراج أننا ربما نحتاج حوالي 1000 ضعف من الكتلة الإجمالية للنجوم في المجرة لتوليد كل الكواكب الخارجية الشبيهة ببلوتو لتشكيل أومواموا».
لكن جاكسون وديش قالا إن حساباتهما الدقيقة لعدد أجزاء النيتروجين التي تتحرك في الفضاء؛ ليس مبالغًا فيه ويتوافق مع الأبحاث السابقة التي تتنبأ بعدد الأجسام الشبيهة بأومواموا الموجودة في الفضاء.
قال ديش لمجلة Live Science في بريد إلكتروني: «لم يكتشف سراج ولوب أننا ارتكبنا خطأ، لذلك كان عليهم أن يقبلوا الأرقام أو النتائج التي توصلنا إليها.
لكنهم وبدلًا من ذلك، أجروا حساباتهم الخاصة بالطريقة التقريبية، وأجروا عددًا كبيرًا من التقديرات، وتوصلوا إلى أرقام مختلفة، قالوا أنها غير مبشرة».
قال جاكسون: «يعد وجود هامش خطأ واسع ضروريًا جدًا عندما يُقدر عدد الأشياء على مراقبة واحدة، كما في حالة أومواموا؛ ولم ير علماء الفلك شيئًا شبيهًا به من قبل».
وأضاف: «وفقًا لسراج ولوب فإن الكتلة اللازمة لتشكيل أومواموا عالية جدًا، لأنهم استخدموا تقديرًا عاليًا جدًا لعدد الأجسام الشبيهة بأومواموا في الفضاء».
وقال ديش: «إنهم يحاولون إثارة الجدل، في حين عدم وجوده». ووفقًا لسراج، لم يُكشف لغز أومواموا حتى الآن. وأضاف: «ربما يكون بعض الخبراء متشوقين للقفز نحو استنتاجات حول أومواموا، وطالما أنه لغز، فما تزال إمكانية الأصل الاصطناعي محتملةً، أي طالما أنها غير مُفسرة، فعلينا التفكير في كل الاحتمالات».
وأضاف: «إن هذا ما يجعل أومواموا رائعًا للغاية، وأنا لا أهتم حقًا بماهيته، إذ في كل وأي احتمالية أخرى هو جسم فيزيائي فلكي لم نعرفه من قبل، ولهذا السبب هو مثير».
اقرأ أيضًا:
عالم فلك من جامعة هارفارد لايزال يقول أن أومواموا – ‘Oumuamua قد يكون مسبارًا لكائنات فضائية!
الجسم الفضائي الغريب (أومواموا) قد يكون سفينة فضائية
ترجمة: حلا بوبو
تدقيق: حسام التهامي
مراجعة: آية فحماوي