كانت مدينة بابل مركز حضارة بلاد الرافدين قرابة ألفي سنة، وهي تقع على بُعد 100 كم جنوب العاصمة العراقية بغداد. لا نعرف الكثير عن تاريخ المدينة القديم، إذ تشير السجلات القديمة التي تعود إلى أكثر من 4000 سنة قبل الميلاد أن بابل مثلت مركزًا إداريًا إقليميًا، في حين كانت مدينة أور مركز الإمبراطورية.
تقول الباحثة غويندولين ليك في كتابها (البابليون): «لم تكن بابل مدينةً مستقلة». وفقًا للباحثة، ففي عام 1894 قبل الميلاد، بعد سقوط مركز الإمبراطورية في مدينة أور، أسقط مدينة بابل رجل يُسمى (سامو أبوم)، وهو من سلالة العموريين المتحدثين بالساميَّة، ويعود أصلهم إلى سوريا حاليًا. جعل سامو أبوم بابل مملكةً صغيرة تتألف من المدينة والمناطق المحيطة بها، وبقيت بابل على هذا الوضع حتى وصول حمورابي إلى الحكم بعد ستة أجيال، وهو الحاكم الذي حوَّل بابل من مملكة صغيرة إلى إمبراطورية عظيمة.
إمبراطورية حمورابي:
آثر حمورابي الحذر والصبر قبل بدء التوسع، بسبب موقع مملكته بين مملكتين كبيرتين هما لارسا وأشور. توضح ليك: «ركز حمورابي على توطيد دعائم مملكته اقتصاديًا، وذلك ببناء القنوات وتقوية الحصون».
عند موت ملك أشور وفراغ السلطة بعده، استطاع حمورابي أن يبدأ التوسع، وبعد سلسلة من الحملات هزم (ريم سين) حاكم لارسا الذي ظل في الحكم نحو 60 سنة. وتقول ليك: «نتج عن هذا الانتصار ضم المدن: أور وأوروك وإسين ولارسا، إلى حكم حمورابي». ووسعت حملات أخرى ضد أشور وماري إمبراطورية حمورابي.
لا يعرف علماء الآثار الكثير عن شكل مدينة بابل في عصر حمورابي. في ورقة منشورة في كتاب العالم البابلي، تقول الباحثة هارييت كروفورد: «للأسف لم نتمكن من التوصل إلى أكثر بقايا مدينة حمورابي، لأن ارتفاع مستوى المياه لم يسمح باستكشافها».
تشكل بقايا النصوص والكتابات المصدر الأكبر للمعلومات بسبب ندرة البقايا الأثرية. عُدَّ حمورابي إلهًا، وكان الأهل يسمون أبناءهم أسماء تعني (حمورابي هو نجدتي) أو (حمورابي هو إلهي)، وهو ما يتضح أيضًا في شريعة حمورابي.
شريعة حمورابي:
يتميز قانون حمورابي -الموجود حاليًا في متحف اللوفر- بانتهاج مبدأ (العين بالعين) في سن القوانين، وهو يصوغ العلاقة بين حمورابي والآلهة والشعب، ويعُد أن الآلهة قد أرسلته ليحكم مملكته. نقرأ في مقدمة القانون: «ثم نادى الإلهان أنو وبيل اسمي، حمورابي الأمير العظيم الذي يخاف الإله، ليحكم الأرض بالصلاح والاستقامة ويقهر الأشرار، ومن الآن يجب على القوي ألا يؤذي الضعيف».
ادعى حمورابي التعاطف والشفقة لكن قانونه كان قاسيًا، إذ استخدم عقوبة الإعدام كثيرًا حتى مع جرائم مثل السرقة، وتضمنت عقوبات أخرى تقطيع أجزاء من الجسد، ما يختلف عن شريعة سابقة وضعها حاكم أور قبل عدة قرون، كثر فيها فرض الغرامات على حساب الإعدام.
واجهت حمورابي مشكلة العبودية الناتجة عن الدَيْن، واضطر إلى إلغاء الديون أحيانًا، ما يشير إلى وجود أعباء مادية ضخمة بسبب تدهور الزراعة والفائدة العالية على رأس المال.
لم يعدل قانون حمورابي بين النساء والرجال، إذ نقرأ في أحد القوانين: «إذا اتهم أحدهم امرأة رجل آخر بالتزاوج مع رجل غير زوجها ولم يُقبض عليها، يجب عليها أن ترمي نفسها في النهر من أجل كرامة زوجها». مع ذلك وُجدت قواعد تحمي المرأة التي فُرض عليها العيش مع رجل آخر بعد أن توفي زوجها في الحرب، إضافةً إلى قوانين تقر حصول الأرملة على إرث زوجها المتوفى، وحصول المرأة غير المتزوجة على الدعم المادي من إخوتها بعد وفاة والدها.
نهاية حكم حمورابي وبداية حكم الكاشيين:
انهارت مملكة حمورابي بعد وفاته، سنة 1595 قبل الميلاد، أسقط الحاكم الحيثي مرسيلي الأول بابل منهيًا حكم سلالة حمورابي. تشير الباحثة سوزان باولس في بحث منشور سنة 2011 أنه من أجل الإمعان في إهانة البابليين، استولى الحيثيون على تمثال مردوخ الذي كان من أهم آلهتهم. وفي خضم الفوضى التي تلت ذلك، وصل الكاشيون إلى السلطة، وتميزوا بامتلاكهم الخيول ما منحهم مزيةً عسكرية. بذل الكاشيون وسعهم ليكسبوا ود أهل بابل.
تقول سوزان بولس: «أعاد الكاشيون تمثال مردوخ الذي سرقه الحيثيون، وسمحوا لأتباعه بالعودة إلى بابل، وأحيوا معابد الآلهة البابلية إذ لم يكن لآلهتهم تأثير على الشعب». حافظ الحكم الكاشي على الأمان والاستقرار والسلام في بابل مدة 500 عام، وأصبحت الكتابة البابلية أكثر مهنية وتفردًا في تلك الفترة، واستُخدمت على نطاق أوسع عبر الشرق الأوسط.
تقول ليك: «أصبحت البابلية لغةً مشتركة في جميع أنحاء الشرق الأدنى من القرن الخامس عشر حتى نهاية القرن الثالث عشر قبل الميلاد». ووُجدت الأعمال البابلية في تركيا وسوريا والشام ومصر إضافةً إلى بلاد الرافدين، وأصبح الكتبة البابليون مطلوبين بشدة في بلاط الدول الأجنبية.
الحروب مع أشور وعيلام:
في الفترة بين 1200 و600 قبل الميلاد، شهدت بابل الكثير من الحروب. في سنة 1200 قبل الميلاد، تعرضت منطقة شرق المتوسط لموجات نزوح (شعوب البحر) بسبب تدهور الزراعة والظروف البيئية، وانتشرت هذه الشعوب في الشرق الأوسط في تركيا والشام، وساهمت في المشكلات التي أدت إلى انقسام مصر.
عانت بابل أيضًا مشكلات وكوارث، إذ أدت الحرب مع أشور إلى أسر ملك بابلي وإرساله مُكبلًا بالسلاسل، وأدت حرب أخرى مع عيلام (جنوب إيران حاليًا) إلى سرقة تمثال الإله مردوخ مجددًا. في ظل هذه الظروف الصعبة أتى الحاكم البابلي الجديد نبوخذ نصر الأول (1105- 1126) لينقذ بابل، إذ هزم عيلام واسترجع التمثال. ونتيجة لنجاح نبوخذ نصر الأول في الحكم تزايدت أهمية مهرجان العام الجديد.
تشرح ليك مهرجان العام الجديد: «تضمن هذا الطقس اجتماع كل الآلهة البابليين وقراءة ملحمة الخلق وتوطيد الإله مردوخ للحُكم، ويعطى ذلك الناس حافزًا جديدًا مع أنه لم يكن احتفالًا حديثًا في ذلك الوقت» .
في القرون اللاحقة استمرت بابل بالكفاح، إذ غزا الأشوريون المدينة مجددًا، وخضعت لحكمهم في الفترة الممتدة من 729 إلى 627 قبل الميلاد. وفي أثناء التمرد الذي شهده عام 689 قبل الميلاد، عانت بابل استيلاء الأشوريين على تماثيل الآلهة وتدميرها. تطلب تحرير المدينة إسقاط (نينوي) عاصمة الأشوريين سنة 612 قبل الميلاد، في حرب قادها ملك اسمه (نابو بولاصار) متحالفًا مع شعب الميديين، وبجهود هذا الملك انبثق عصر ذهبي جديد لبابل.
بحلول عام 605 قبل الميلاد، استولى على الحكم الملك نبوخذ نصر الثاني، المذكور في الكتاب المقدس، وعمل على بناء الإمبراطورية.
بابل في ظل حكم نبوخذ نصر الثاني:
عبر الفتوحات العسكرية، وصل نبوخذ نصر إلى السلطة ليحكم إمبراطوريةً امتدت من الخليج الفارسي إلى حدود مصر. أسقط نبوخذ نصر القدس (أورشليم) مرتين، الأولى عام 597 قبل الميلاد والثانية عام 587 قبل الميلاد، ما أدى إلى تدمير هيكل سليمان وإجلاء الكثير من اليهود إلى بابل والاستيلاء على تابوت العهد.
عمل نبوخذ نصر الثاني على تجديد المدينة وبنائها، وكان يحيط بها سوران أحدهما داخلي والآخر خارجي. يقول البروفيسور أندرو جورج في كتاب (بابل): «كان للدين دور مفتاحي، إذ احتوى قلب المدينة على 14 هيكلًا، وتوزع 29 آخرون في بقية المناطق، إضافةً إلى مئات المعابد والمزارات». أحد أكبر المزارات هو مزار إيزاغل المُكرس للإله مردوخ، ويقع جنوب زقورة كبيرة (الزقورات هي معابد هرمية مرتفعة بُنيت على شكل مدرجات)، يبلغ طول هذا المزار 85 مترًا وعرضه 80 مترًا وله بوابة بطول 10 أمتار. اهتم نبوخذ نصر بغرف العبادة، إذ احتوت الذهب والفضة والمجوهرات.
القصور:
احتوت مدينة بابل في حكم نبوخذ نصر على 3 قصور رئيسية، القصر الجنوبي وصل طوله إلى 300 متر وعرضه 200 متر، وتضمن غرفة العرش التي تحوي لوحةً قرميدية مصقولة تصور سعفات النخيل ونقوش وردية وسوداء، أما البلاط فقد دُهن باللونين الأصفر والأزرق، وهو أمر شائع في الأبنية المهمة في بابل في أثناء حكم نبوخذ نصر الثاني. كان للملك أيضًا قصر شمال المدينة (لم يُنقَب عنه بالكامل بعد)، وقصر صيفي على الجانب الشمالي للسور الخارجي. يقول جورج: «خُصِصَ هذا القصر للصيف عندما يكون الطقس حارًا».
بوابة عشتار:
بناها نبوخذ نصر الثاني وسُمِيَت باسم الإلهة عشتار إلهة الحب والحرب. بُنيَت بوابة عشتار بوصفها مدخلًا شعائريًا إلى السور الداخلي لبابل وتؤدي إلى مزار إيزاغيل والزقورة. كان باستطاعة من يمر عبرها في العصور القديمة رؤية قطع الطوب المطلية بالأصفر والأزرق، المنقوشة عليها صور لتنانين وثيران. أُعيد ترميم البوابة ودمج المواد الباقية من البوابة الأصلية، وهي حاليًا موجودة في متحف بيرغامون في برلين.
تألفت بوابة عشتار المذهلة من بوابة أولى في السور الخارجي والبوابة الرئيسية في سور المدينة الداخلي الأكبر، وزُيِن الممر البالغ طوله نحو 50 مترًا بما لا يقل عن 575 رسمًا لحيوانات مختلفة، ونُقشت أيضًا صور التنانين والثيران التي تمثل الحيوانات المقدسة عند إله الطقس أداد والإله الإمبراطوري مردوخ، وذلك وفقًا لما كتبه الباحث واكيم مارزاهن في كتاب (بابل). ويضيف مارزاهن أيضًا أن طريق المواكب مر عبر بوابة عشتار ونُقشت فيه لمسافة 180 مترًا رسوم لأسود تفتح أفواهها كاشفة عن أنيابها.
وفي كل ربيع يسافر الملك وحاشيته وكهنته عبر طريق المواكب إلى معبد أكيتو للاحتفال بمهرجان السنة الجديدة.
تقول جولي بيدميد، الأستاذ في جامعة شابمان في كتابها (مهرجان أكيتو: الاستمرارية الدينية والتشريع الملكي في بلاد الرافدين): «يبدأ الموكب المذهل للآلهة وهم يلبسون أجمل ملابسهم الموسمية، معتلين عرباتهم المرصعة بالجواهر من كاسي كيلا البوابة الرئيسية لمزار إيزاغيل (وهو معبد مكرس للإله مردوخ) ويواصل شمالًا على طول طريق مردوخ عبر بوابة عشتار».
برج بابل:
في وصف برج بابل، يقول الكاتب اليوناني هيرودوتس (عاش في القرن الخامس قبل الميلاد): «برج راسخ بطول 200 متر، يرتفع منه برج ثان، ومن البرج الثاني يرتفع برج ثالث وهكذا، حتى يصل إلى ثمانية أبراج. يوجد في البرج الأخير مزار عظيم وأريكة كبيرة مُغطاة وطاولة ذهبية بالقرب منها، ولا يوجد أية صورة في المزار، ولا يبقى أي إنسان فيه ليلًا، باستثناء امرأة اختارها الإله من بين جميع النساء، وذلك وفقًا للكلدانيين الذين هم كهنة هذا الإله».
من المحتمل أن هيرودوتس قد بالغ في حجم البرج، إذ يعتقد بعض الباحثين أن البرج ارتفع إلى سبعة مستويات لا ثمانية. واعتقد هيرودوتس أيضًا أن البرج كُرِّسَ للإله بيل، لا الإله مردوخ. مع ذلك فإن بناء البرج كان إنجازًا مذهلًا ويُعتقَد أنه ألهم قصة برج بابل المذكورة في الإنجيل.
نقرأ القصة في سفر التكوين:
«الآن كل العالم يتكلم لغةً واحدة. وعندما يتحرك الناس شرقًا، يجدون سهلاً في شنعار ويستوطنون هناك. هلموا نصنع بعض الطوب ونسويه جيدًا» «استخدموا الطوب بدلًا من الحجارة والقطران ليصنعوا الملاط، ثم قالوا: هيا نبني لأنفسنا برجًا يصل إلى السماء، وبذلك نصنع اسمًا لنا، وإلا سنبقى مشتتين في كل بقاع الأرض»
«نزل الإله ليرى المدينة والبرج الذي يبنونه وقال: إذا بدأ هؤلاء الناس الذي يتكلمون لغةً واحدة ببناء مثل هذا البرج، فلا شيء يخططون له سيكون مستحيلًا أمامهم. هيا لننزل ونفرق لغتهم وبذلك لن يفهم بعضهم بعضًا»
«وبذلك شتتهم الإله في جميع أنحاء الأرض وتوقفوا عن بناء المدينة، ولهذا السبب كانت تُسَمى بابل لأن الإله خلط لغة العالم. من هنا بعثرهم الرب في جميع أنحاء المعمورة».
سنة 2011، عُرِضَ شاهد عليه صورة للملك نبوخذ نصر الثاني واقفًا بجانب الزقورة، وسُميَ شاهد برج بابل.
الحدائق المُعلقة:
لا يعرف الباحثون مكان الحدائق المُعلقة في بابل أو حتى إن كانت وُجِدَت أصلًا، لكن الكُتاب القدماء وصفوا الحدائق المعلقة بالتفصيل. وتُعَد إحدى عجائب العالم السبع.
كتب فيلو بيزنطيم (نحو سنة 250 قبل الميلاد) عن الحدائق: «سُمِيَت الحدائق بالمُعلقة لأن النباتات الموجودة فيها زُرِعَت على مستوىً مرتفع عن سطح الأرض وغُرِسَت الجذور في مدرجات مرتفعة، وهذه هي تقنية بنائها. وقد دعمت أعمدة حجرية الكتلة الكلية، إذ تحتل الأعمدة المنحوتة كامل المساحة السفلية».
كتب ديدوروسسيكلس (في القرن الأول قبل الميلاد) قصةً أخرى، هي أن ملكًا سوريًا بنى الحدائق ليرضي محظيته فارسية الأصل، إذ اشتاقت لمروج الجبال في بلادها فطلبت من الملك أن يستنسخ المنظر الطبيعي المميز لفارس على شكل حديقة مزروعة.
يشير الباحثون حاليًا إلى أن هيرودوتس الذي عاش قبل فيلو لم يأتِ على ذكر الحدائق المُعلقة، ولا توجد سجلات بابلية معروفة تشير إلى موقع الحدائق المعلقة.
الغزو والتدمير:
لم تستمر إمبراطورية نبوخذ نصر الثاني فترةً أطول من إمبراطورية حمورابي. في القرن السادس قبل الميلاد نشأت الإمبراطورية الأخمينية في فارس شرق بابل، وازدادت قوتها وبدأت تغزو غربًا حتى اليونان.
سقطت بابل على يد سايروس العظيم القائد الفارسي الأسطوري، وأٌخِذ نابوني دوس آخر ملوك بابل المستقلة إلى إيران ليقضي بقية حياته في المنفى. يدعي سايروس في كتابة منقوشة على أسطوانة موجودة حاليًا في المتحف البريطاني (تُسَمى أسطوانة سايروس) أن جيوشه لم تواجه أية مقاومة عندما استولى على بابل، إذ يقول: «ذهبت إلى بابل مبادرًا بالسلام وأسست حكمي داخل القصر وسط الاحتفالات والبهجة».
تقول كريستين كليبر المُحاضِرة في جامعة فريجي- أمستردام: «حتى لو حدث أي استقبال حماسي للفارسيين في بابل، فإنه بالتأكيد لم يدم طويلًا، ففي الفترة بين 528 و526 أصابت مجاعة مدينة بابل والمنطقة المحيطة بها بسبب دمار محصول الشعير. لا بد أن العمال الذين أعادوا بناء سور المدينة الداخلي في هاتين السنتين شعروا بأنهم في الجحيم».
توضح النصوص القديمة مشاعر السخط وعدم الرضى بين البابليين. لم تستقل بابل بعد ذلك أبدًا، إذ سقطت المدينة في العصور التالية تحت حكم مختلف الإمبراطوريات بما فيها إمبراطورية الإسكندر الأكبر الذي مات في بابل سنة 323 قبل الميلاد، والسلوقيين والبارثيين وحتى الرومان، وفي النهاية ستُدفَن المدينة تحت الرمال كغيرها من مدن بلاد الرافدين القديمة.
في الوقت الحاضر:
يقول الصحفي رويرت غالبريث في كتابه (العراق: شاهد عيان على الحرب- يوميات مصور صحفي): «أعاد صدام حسين بناء أكثر المدينة في ثمانينيات القرن العشرين لتشبه ما كانت عليه في عصر نبوخذ نصر سنة 600 قبل الميلاد». نقل غالبريث الأحداث من العراق إبان الغزو الأمريكي سنة 2003، وزار بابل مدةً قصيرة بعد الغزو الأمريكي للعراق، ويشير إلى أن المدينة القديمة تعرضت للنهب وقت الغزو.
يكتب غالبريث: «بنى صدام حسين قصرًا في بابل يلوح في أفق المدينة، وهو قلعة جميلة من الحجر الرملي منحوتة على الطراز العربي. لكنه لا يشبه المحيط وفي غير مكانه ومزخرف بشدة. يبدو أن صدام حاول تخليد اسمه في كتب التاريخ ببناء نصب تذكاري له يطل على المدينة القديمة».
حوَّل الأمريكيون بابل إلى قاعدة عسكرية، ما أسهم في ردع بعض عمليات النهب، لكنه ألحق أضرارًا بالمدينة القديمة وترك مخلفات في الموقع الذي كان يجب تنظيفه. بعد مغادرة القوات الأمريكية، أُجرِيَت بعض عمليات التنظيف والترميم وأُعيد فتح المدينة القديمة للزوار. سنة 2010 أعلنت الحكومة الأمريكية أنها ستنفق مليوني دولار للحفاظ على بوابة عشتار في بابل.
كانت المياه الجوفية مشكلةً في بابل، لذلك اقترح فريق من العلماء طريقةً لاستخدام السدود في خفض منسوب المياه الجوفية والسيطرة عليها في الموقع، ونُشر بحثهم سنة 2015 في المجلة الدولية للهندسة المدنية والتكنولوجيا.
أخفقت قوات داعش في الوصول إلى بابل في هجومها سنة 2014، ونجت المدينة من الدمار الذي أصاب المواقع القديمة الأخرى التي احتلتها الجماعة الإرهابية.
اقرأ أيضًا:
الأساطير وعلم الفلك: من مظاهر الحضارة اليونانية القديمة
منحوتات صخرية حلزونية عمرها 800 سنة استخدمها الأمريكيون الأصليون لتحديد الانقلابات الشمسية
ترجمة: طارق العبد
تدقيق: غزل الكردي
مراجعة: أكرم محيي الدين