عندما يواجه المهندسون تحديًا لبناء عددًا من الهياكل الضخمة أو الآلات الأكثر قوة وفعالية في العالم، فإنهم بحاجة إلى أدوات بحجم يصل إلى مستوى المهمة. وتوجد نسخة فائقة الحجم لكل الأدوات الكهربائية أو قطع المعدات في سقيفة الأدوات العادية أو المرآب. إليك بعضًا من أكبر وأقوى الأدوات الصناعية والعلمية على هذا الكوكب.
1- أقوى مغناطيس في العالم
تُجرى تجربة جريئة في جنوب فرنسا لبناء مفاعل اندماج يستطيع الوصول إلى درجة حرارة أسخن عشر مرات من قلب الشمس. والقلب النابض للمفاعل النووي الحراري الدولي (ITER) هو مغناطيس قوي لدرجة أنه قادر على رفع حاملة طائرة على ارتفاع 1.8 متر.
ويَعِدنا هذا المفاعل بتوفير مصدر جديد للطاقة النظيفة الوفيرة. وهذا المغناطيس (المعروف باسم الملف المغناطيسي أو اللولبي المركزي) مسؤول عن حصر حلقة من البلازما شديدة الحرارة وتشكيلها داخل المفاعل. إذ يستطيع هذا المغناطيس الأسطواني (الذي يبلغ طوله 18 متر تقريبًا وقطره 4 متر تقريبًا) إنتاج قوة مجال مغناطيسي تبلغ 13 تسلا (وحدة قياس التدفق المغناطيسي)، وهي أقوى من المجال المغناطيسي للأرض بنحو 280 ألف مرة تقريبًا.
2- أقوى ليزر في العالم
أقوى ليزر في العالم هو الموجود في منشأة الإشعال الوطنية في مختبر لورانس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا، وهو في الحقيقة 192 شعاعًا منفصلًا يصوب على هدف بحجم ممحاة قلم الرصاص تقريبًا. وتصدر أجهزة الليزر هذه وميضًا من الضوء المسبب للعمى لا يدوم سوء جزء من المليار من الثانية ولكنه يوفر 20 مليون جول من الطاقة. وتصل درجات الحرارة في الموقع المستهدف على الفور إلى 100 مليون درجة مئوية.
تتلخص مهمة هذا الليزر الفائق القوة في تطبيق الحرارة والضغط الشديدين (على غرار الظروف الموجودة داخل النجوم) لدمج ذرات الهيدروجين معًا وإطلاق كميات هائلة من الطاقة (بتفاعل الانصهار). ويأمل العلماء أن ينتج عن هذه التكنولوجيا عصر من الطاقة غير المحدودة والخالية من الكربون.
3- أضخم أسطوانة هيدروليكية في العالم
تعد الأسطوانات الهيدروليكية عنصرًا رئيسيًا في معدات البناء الثقيلة (كالجرافات وشاحنات التفريغ والرافعات)، إذ تستخدم لرفع أذرعها وأدواتها الضخمة وتنزيلها، وتعمل الاسطوانات الهيدروليكية باستخدام سائل مضغوط داخل الأسطوانة لتمديد الذراع أو سحبها. ولكن قليلة هي الأسطوانات التي تضاهي الأسطوانة الهيدروليكية الضخمة التي صنعتها شركة هانغر هيدروليكس لبارجة التجريف اليابانية عام 2015 في الضخامة أو القوة. إذ تزن أكثر من 200 طن وتعد واحدة من أضخم الأسطوانات التي صنعت على الإطلاق، وتتميز بقوة سحب جبارة تبلغ أكثر من 146.79 كيلونيوتن، وتمتد ذراعها بطول يفوق 20 متر، ما يجعل الحد الأقصى لطول الأسطوانة أكثر من 45 متر. ولدى تثبيتها على سفينة تجريف، تستطيع تشغيل مجرفة كبيرة بما يكفي لاستيعاب حافلتين سياحيتين.
4- أقوى مكبس تشكيل في العالم
بعد الحرب العالمية الثانية، صممت الطائرات المقاتلة والتجارية لتكون أخف وزنًا وأقوى وأسرع. فبدلًا من تثبيت الصفائح المعدنية الأصغر معًا، تُدمج المكونات الفردية باستخدام مكابس هيدروليكية من سبعة طوابق. وتمتلك الصين الآن أكبر وأقوى مكابس تشكيل في العالم قادرة على القضاء على الحواجز الضخمة وأجزاء المحرك بتطبيق ما يصل إلى 80 ألف طن من الضغط.
تعمل مكابس التشكيل بنفس مبادئ الأذرع الهيدروليكية، إذ تستخدم هذه الأدوات السائل المضغوط أيضًا، فتسحب 12 أسطوانة الهيدروليكية إلى الأسفل بضربة ساحقة. إن 80 ألف طن من القوة أكثر من كافية للضغط على السبائك المتقدة في القالب الفولاذي الذي يعطي كل جزء شكله الخاص.
5- أعلى سعة بطارية في العالم
أحد أكبر التحديات التي تواجه مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية هو التقطع، أي عند عدم وجود شمس أو رياح فلا تستطيع توليد الكهرباء. يكمن الحل في البحث عن الأدوات اللازمة لتخزين الكهرباء الفائضة من الرياح والطاقة الشمسية في بطاريات كبيرة جدًا لاستغلالها عندما يكون الإنتاج بطيئًا وقليلًا.
أعلنت شركة (CEP Energy) الأسترالية عن خططها في بناء البطارية الأعلى سعةً في العالم في بلدة كوري كوري الصغيرة. ستُصنع من مئات الأحزمة من بطاريات أيون الليثيوم لتبلغ سعة تخزينها 1200 ميغاواط (1.2 مليار واط). وتعتزم شركة طاقة مقرها في كاليفورنيا على توسيع سعة بطاريتها إلى 1600 ميغاواط، وهو ما يكفي لتشغيل مئات الآلاف من المنازل للعمل على طاقة البطارية لوحدها.
6- أكبر شفرة توربينات ريحية
توربينات الرياح هي أعجوبة هندسية رهيبة قادرة على تحويل هبات الرياح الثابتة إلى طاقة نظيفة ومتجددة. تعمل جنرال إلكتريك على بناء مزرعة رياح بحرية مع توربينات بحجم ناطحة سحاب، سيبلغ طولها 260 متر من القاعدة إلى طرف شفرة التوربينات، (أطول من 30 روكفلر بلازا في مدينة نيويورك) ويبلغ طول كل من الشفرات الموجودة على هذه التوربينات العملاقة 107 متر، ما يجعلها أطول شفرات التوربينات في العالم.
عند الحديث عن الأدوات المستخدمة لتوليد طاقة الرياح، يقع اهتمامنا على حجم الشفرة دومًا، إذ تلتقط شفرات التوربينات الأكبر حجمًا المزيد من الهواء، وتنتج الشفرات الأطول المزيد من العزم لتحريك الدوار، ما يزيد من الكفاءة الإجمالية. ووفقًا لشركة جنرال إلكتريك، فإن التوربينات الشاهقة التي تخطط لتركبيها قبالة ساحل ألمانيا ستولد ما يكفي من الكهرباء لتشغيل 16 ألف منزل أوروبي.
7- أكبر المحامل في العالم
أحد الأدوات التي تعد من المعجزات الهندسية أيضًا هي المحامل، فهي تسمح للأجزاء الثقيلة سريعة الحركة بالانزلاق بسلاسة وتقلل من الاحتكاك، وبعض أكبر المحامل في العالم تُستخدم في التعدين بوصفها جزءًا سريع الدوران من ريشة ثقب كبيرة، وحاليًا أكبر المحامل في العالم مركبة ضمن قاعدة أكبر رافعتين في العالم، وهما رافعات شحن عملاقة تستطيع كل منهما رفع 10 آلاف طن.
وهذه المحامل ورافعات الحوض الضخمة من بناء شركة هويسمان ثُبتت لاحقًا على سفينة رافعة شبه غاطسة تسمى سليبنر. يبلغ قطر المحامل 30 متر ما يسمح لرافعات الحوض الضخمة بالدوران 360 درجة عند رفع أجهزة الحفر بأكملها التي تزن 15 ألف طن.
8- أكبر فرن انصهار في العالم:
تعد مصانع الفولاذ الكورية موطنًا لأكبر فرن انصهار في العالم، وهو تشكيل شاهق يبلغ طوله 110 متر، وتختزل فيه أطنان من المواد الخام إلى الحديد المنصهر عند درجات حرارة تتجاوز 1200 درجة مئوية.
وفي تحديث شركة بوسكو لمصانع الفولاذ لأفضل أفرانها في غوانغ يانغ عام 2019، وصلت سعته الداخلية إلى 6 آلاف متر مكعب، ما يجعله فرن الانصهار الأكبر سعةً في العالم.
في فرن الانصهار، تُسقط حبيبات الخام الحديد في مزلق دوار حيث يختلط مع الوقود ( الذي يكون عادة من نوع متصلب من الفحم يسمى بفحم الكوك) ويحافظ على درجة حرارة 1200 درجة مئوية عبر حلقة من شعلات الغاز القوية بالقرب من قاع الفرن. يدفع الهواء الشديد السخونة إلى الأعلى، فتطفوا المواد الخام والوقود داخل الفرن. وبعد مرور 6 ساعات، ينحسر الحديد المنصهر والمنتج الثانوي (الخَبَث أو ركام المعادن) إلى القاع ويتدفقان عبر فتحات تسمى ثقوب الصنبور. يعمل فرن الانصهار لشركة بوسكو يوميًا وعلى مدار الساعة، ويعاد تجميع جميع غازات المنتجات الثانوية لتوليد الكهرباء التي تحتاجها مصانع الفولاذ.
اقرأ أيضًا:
عشر آلات عملاقة أحدثت طفرة بالعلم
ما الذي سيفعله البشر لو أنجزت الآلات كلّ شيء؟
ترجمة: نيفين الشلي
تدقيق: رغد أبو الراغب
مراجعة: محمد حسان عجك