أين تشكّلت كل ذرة من أجسادنا؟
جدول دوري يوضح مصدر تلك الذرات
في الواقع نحن مصنوعون من مواد النجوم
يتكون جسم الإنسان العادي البالغ من أوكتليون (10 أس 27) ذرة، ومعظمها ذرات الهيدروجين، العنصر الأكثر وفرةً في الكون الذي نتج عن الانفجار العظيم قبل 13.8 مليار عام.
تكونت بقية العناصر من عمليات الاندماج وانفجارات النجوم القديمة بعد مليارات السنين من تشكُّل الكون، وجزءٌ صغيرٌ منها ناتج عن الأشعة الكونية، الأشعة ذات الطاقة العالية التي تنبع في الغالب من مكانٍ ما خارج النظام الشمسي.
كما يقول عالم الفلك كارل ساغان Carl Sagan: ” النيتروجين في حمضنا النووي والكالسيوم في أسناننا والحديد في دمِنا والكربون في فطيرة التفاح التي نتناولها كلها مصنوعةٌ داخل النجوم المنهارة، نحن حقًّا مصنوعون من مادة النجوم.”
لإعطاء فكرةٍ أفضل عن مصدر المكوّنات الرئيسية لكل إنسان، قامت عالمة الفلك جنيفير جونسون Jennifer A. Johnson من جامعة أوهايو بوضع جدولٍ دوريٍّ جديدٍ لتقسيم جميع العناصر وفقًا لمصدرها للحفاظ على الأشياء المتعلقة بجسم الإنسان، توضح جونسون أنها اضطرت إلى قطع عددٍ من العناصر من القسم الأسفل للجدول الدوري كالبروميثيوم Pm والتكنيتيوم Tc.
وأُعِد الجدول الدوري من خلال تحديد مصادر ستة عناصر في أجسامنا، وتقسيمها وفقًا للعمليات الكونية التي يمكن أن تؤدي إلى ذراتٍ جديدةٍ مثل الانفجار العظيم، إنشطار الأشعة الكونية، اندماج النجوم النيوترونية، انفجار النجوم العملاقة، موت النجوم ذات الكتل المنخفضة، وانفجار القزم الأبيض white dwarf.
يمكن ملاحظة أن العناصر كالأوكسجين والمغنيسيوم والصوديوم نتجت من الانفجارات العنيفة للنجوم الضخمة التي تسمى المستعرات العظيمة supernovae التي تحدث في نهاية حياة النجوم عند نفاذ وقودها أو تراكم الكثير من المواد داخلها.
الكميات الهائلة من الطاقة والنيوترونات التي تُقذف هي التي تسمح بتشكل العناصر وتوزيعها في جميع أنحاء الكون في عمليةٍ تعرف بالتخليق النووي Nucleosynthesis.
من ناحية أخرى، تكونت العناصر القديمة مثل الكربون والنيتروجين في الغالب بفضل النجوم ذات الكتلة المنخفضة عندما تنهي حياتها كأقزامٍ بيضاء.
تعتبر العناصر الغريبة كالبورون والبريليوم وبعض نظائر الليثيوم فريدةً من نوعها في أصول تكوينها، لأنها ناتجةٌ عن جسيماتٍ عالية الطاقة تدعى الأشعة الكونية cosmic rays التي تُحلّق خلال مجرتنا بسرعةٍ مقاربةٍ لسرعة الضوء.
تنشأ معظم الأشعة الكونية من خارج المجموعة الشمسية وحتى من خارج مجرة درب التبانة في بعض الأحيان، وعندما تتصادم مع ذراتٍ معينة فإنها تؤدي إلى تكوُّن عناصر جديدة.
هنالك جدولٌ دوريٌّ من إصدار ويكيبيديا لكنه غير واضح في بعض الأماكن حيث تقول جونسون: ” إنَّ النجوم الكبيرة والنجوم الصغيرة في نسخة ويكيبيديا لا تشكل فرقًا كبيرًا، لأن عملية التخليق النووي لا تعتمد على نصف قطر النجوم، لذا علينا أن نفترض أنها تعني النجوم ذات الكتل الضخمة والنجوم ذات الكتل المنخفضة.
تنهي النجوم ذات الكتل الضخمة حياتها بمستعرات عظيمة نتيجة انهيار قلب النجوم، أما النجوم ذات الكتل المنخفضة عادة ما تنهي حياتها كأقزامٍ بيضاء.”
نظير الليثيوم-6 بالحقيقة مصنوعٌ بفعل الأشعة الكونية التي تضرب أنوية عناصر أخرى وتحطمها إلى أجزاء.
لكن معظم نظائر الليثيوم-7 الأكثر شيوعًا هي بلا شك مصنوعةٌ بواسطة النجوم ذات الكتل المنخفضة ويتم قذفها إلى أرجاء الكون عندما تموت هذه النجوم.
القليل من نظير الليثيوم-7 مصنوعٌ بواسطة الانفجار العظيم وجزءٌ منه بواسطة انشطار الأشعة الكونية.
يقول عالم الفيزياء الفلكية لورانس كراوس Lawrence M. Krauss: ” الشيء المثير للدهشة هو أنَّ كل ذرةٍ في جسمك قد جاءت من انفجار نجم، قد تكون الذرات في يدك اليمنى جاءت من نجم والذرات في يدك اليسرى من نجم آخر، نحن جميعًا عبارةٌ عن غبار نجوم.”
إعداد: سرمد يحيى
تدقيق: بدر الفراك