يُعد الطمث جزءًا طبيعيًا من حياة كل أنثى وكذلك انقطاعه، فغياب أحدهما أو عدم ظهوره أو بدءه في غير وقته الطبيعي يشير إلى وجود مشكلة مرضية.

يبدأ انقطاع الطمث واضطراب الدورة الشهرية في وقت ما حول سن انقطاع الطمث، ويستمر حتى يختفي كليًا ويؤدي إلى ما يُعرف بسن اليأس، وهو علامة واسمة لنهاية العمر الإنجابي للجهاز التناسلي الأنثوي، ونسبة كبيرة من النساء لا تعرف ما الذي ينتظرها حتى تصبح في خضم ذلك، وقد تبدأ الأعراض المرافقة لانقطاع الطمث قبل عقد من الدخول في سن انقطاع الطمث.

كم مرحلة توجد لانقطاع الطمث؟

تدور عملية انقطاع الطمث حول الهرمونات، فينقص إنتاج الجسم لهرمون الإستروجين الذي ينظم الدورة الشهرية، ونتيجة لذلك ينخفض مخزون البويضات من المبيضين، ولكن ذلك لا يحدث دفعة واحدة.

ملخص سريع لمراحل انقطاع الطمث الثلاثة:

  1.  ما قبل انقطاع الطمث: هي الفترة الانتقالية التي تعبّر عن المراحل الأولى من انقطاع الطمث، وقد يستمر أعوامًا عدة، وفي بعض الأحيان تصل لعقد من الزمن، وقد تبدأ أعراض تشبه تلك التي ترافق انقطاع الطمث كعدم انتظام الدورة الشهرية والهبات الساخنة والكثير.
  2.  انقطاع الطمث (سن اليأس): تصل الأنثى لسن انقطاع الطمث عندما تتوقف لديها الدورة الشهرية وحدوث الطمث مدة عام كامل (في حالة عدم وجود أي حالة طبية أخرى أو دواء ما، الذي قد يكون له تأثير في الدورة الشهرية)، وتتوقف المبايض في هذه الفترة عن أغلب إنتاجها من الإستروجين، ومن ثم لا تنتج البويضات.
  3.  ما بعد انقطاع الطمث: فور الوصول لسن انقطاع الطمث، تدخل الأنثى في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، فمن المرجح أن تخف الأعراض حتى تختفي في النهاية، ولسوء الحظ يزداد بعد انقطاع الطمث خطر الإصابة بأمراض مثل هشاشة العظام وأمراض القلب.

مراحل ما قبل انقطاع الطمث:

هي السبيل الذي يقود للحدث الكبير، وقد تبدأ قبل عقد من الزمن وتستمر وسطيًا مدة أربعة أعوام.

خلال هذه الفترة، يقوم الجسم شيئًا فشيئًا بإنهاء عملية الإباضة الطبيعية، والعلامة الأكثر شيوعًا لانقطاع الطمث هي عدم انتظام الدورة الشهرية والإباضية، فتتقارب تارةً وتختفي تارةً، نتيجة لانخفاض مستويات الإستروجين، وقد تحدث بعض أعراض انقطاع الطمث المعتادة.

لا تعاني جميع النساء أعراضًا ملحوظة خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث والتي تشمل:

  •  دورات شهرية غير منتظمة أو متقطعة.
  •  نزيف أكثر أو أقل من المعتاد في أثناء الدورة الشهرية.
  •  الهبات الساخنة.
  •  جفاف المهبل.
  •  التبول المتكرر.
  •  مشكلات في النوم مثل الأرق.
  •  تغيرات في المزاج كالهياج والاكتئاب.

يوجد مرحلتان لفترة ما قبل انقطاع الطمث، وهما الانتقال المبكر والانتقال المتأخر، مع أنهما ليستا دائمًا محددة وواضحة وقد لا يمكن التمييز بينهما.

المرحلة الانتقالية المبكرة لانقطاع الطمث:

تبدأ المرحلة الأولى لما قبل انقطاع الطمث باكرًا جدًا، في الوقت الذي يبدأ الجسم فيه بالمرور بتغيرات هرمونية، وفي هذه الفترة تستمر الدورة الشهرية والطمث في الحدوث في أوقاتها المعتادة بانتظام، ولكن قد تُلاحَظ بعض الأعراض مثل:

الهبات الساخنة: من الطبيعي أن تعاني الأنثى هبات ساخنة لبضعة أيام، خصوصًا قبل الدورة الشهرية أو في أثنائها مباشرةً، بسبب انخفاض مستويات الإستروجين.

اكتساب الوزن: تكتسب أغلب النساء مزيدًا من الوزن مع مرور كل عقد من الزمن، وهذا أمر شائع في أثناء فترة الانتقال المبكر لانقطاع الطمث.

مشكلات في النوم: قد تعاني الإناث بعض الأرق، ولا سيما إذا كانت تعاني الهبات الساخنة ليلًا.

تلك فترة طبيعية من حياة كل أنثى، وإن كانت الأعراض طفيفة، فيمكن القيام ببعض التعديلات على نمط الحياة، كالحصول على المزيد من النوم وزيادة النشاط البدني، ولكن إذا كانت الأعراض مزعجة، فيجب مراجعة مقدم الرعاية الصحية حتى وإن كانت الدورة منتظمة.

المرحلة الانتقالية المتأخرة لانقطاع الطمث:

هي مرحلة الاقتراب من انقطاع الطمث، ومن المرجح أن تعاني الأنثى عدم انتظام الدورة الشهرية والطمث.

تضطرب الإباضة مع اضطراب مستويات الإستروجين التي تتأرجح بين الزيادة والنقصان، ونتيجة لذلك لا يستمر إنتاج البروجسترون، لذلك ربما تغيب دورة طمثية، وقد يتبعها نزيف غزير في الدورة التالية؛ لأن بطانة الرحم تكون قد تثخنت كثيرًا بفعل الإستروجين.

في نهاية المطاف، كلما اقتربت الأنثى أكثر فأكثر من سن انقطاع الطمث، تصبح الدورة الشهرية متقطعة، فقد تغيب لأشهر، وعند حدوث ذلك يجب التحدث لمقدم الرعاية الصحية، ولا سيما إذا كان عمر الأنثى في بداية الأربعينات أو أصغر؛ لأنها قد تكون علامة على انقطاع الطمث المبكر أو قد تكون حالة قصور مبيض أولي.

انقطاع الطمث:

عندما تقطع الأنثى اثنى عشر شهرًا من غياب الدورة الشهرية، عندها نقول أنها دخلت سن انقطاع الطمث (بافتراض أن الطمث لم يتوقف بسبب حالة طبية أخرى أو دواء ما).

يحدث ذلك عادةً في سن 52 تقريبًا، وبعدها تعيش الأنثى بقية حياتها في سن انقطاع الطمث، إذ تفقد القدرة على الإباضة والإنجاب.

تدوم أعراض انقطاع الطمث عادةً من سبعة إلى عشرة أعوام (وقد يختلف ذلك المجال)، وتتراوح الأعراض بين الطفيفة والشديدة، وكل أنثى في أواخر العمر تعاني تلك الأعراض المزعجة التي لا تزول، ويجب ألا تستمر في المعاناة بصمت لوحدها.

وإن مجرد قول «ابتسموا وتحملوا»، وتناولوا طعامًا صحيًا، واخسروا بعض الوزن لا يفي بالغرض للإناث التي تعاني خلال هذه الفترة من حياتها، وسيرغب مقدم الرعاية الصحية أيضًا في التأكد من عدم ارتباط تلك الأعراض بحالات طبية أخرى.

ما بعد انقطاع الطمث:

هي الفترة التي تلي انقطاع الطمث حتى آخر الحياة، ولكن يزداد بها خطر حدوث مشكلات صحية أخرى، فإنخفاض الإستورجين هو عامل خطورة لحالات مثل:

الأمراض القلبية الوعائية: يُعد الإستروجين عامل وقاية من أمراض القلب، لذلك سيزيد انخفاضه من خطر الإصابة بالأمراض القلبية والوعائية.

هشاشة العظام: تُعد العديد من الهرمونات وعلى رأسها الإستروجين مهمة للغاية لنمو العظام والحفاظ على كثافتها، وتنخفض الكثافة العظمية بسرعة بعد انقطاع الإستروجين.

المتلازمة البولية التناسلية لانقطاع الطمث (GSM): يؤدي نقص الإستروجين إلى ترقق بطانة المهبل، ما قد يسبب ألمًا في أثناء ممارسة الجنس والتهابات بولية متكررة.

مشكلات في الصحة العقلية: قد تؤدي التغيرات الهرمونية دورًا في القلق والاكتئاب.

كلما تقدمت الأنثى في السن، كلما ازداد اهتمام مقدم الرعاية الصحية بتأثير انقطاع الطمث في صحتها، ولكن إذا لم يذكر لها ذلك، فيجب عليها تذكيره بالتأكيد حتى لو كانت تشعر بأنها بخير.

متى يجب استشارة الطبيب بشأن أعراض انقطاع الطمث؟

ليس من المفترض أن تبدو مراحل انقطاع الطمث مزعجة، وإن كانت الأعراض شديدة وتؤثر في جودة الحياة، فيجب طلب المساعدة.

من الخيارات العلاجية التي يوصي بها أطباء النساء والتوليد:

التعديلات الجذرية على نمط الحياة: كتناول الطعام الصحي المتوازن والحصول على نوم كافٍ والسيطرة على التوتر، ولكن يجب الابتعاد عن أي مكملات دوائية لتخفيف انقطاع الطمث إلا بطلب من الطبيب.

العلاج الهرموني: ترفع الأشكال المختلفة من العلاجات الهرمونية من مستويات الهرمونات لتخفيف حدة أعراض انقطاع الطمث، ويتطلب ذلك مناقشة جادة ومفصلة مع مقدم الرعاية الصحية.

أدوية للأعراض الحركية الوعائية: وافقت وكالة الغذاء والدواء الأمريكية FDA على دوائين مخصَّصَين لعلاج الهبات الساخنة والتعرق الليلي المرافقين لانقطاع الطمث وهما: (Veozah (fezolinetant و(Brisdelle (paroxetine mesylate.

خيارات علاجية غير هرمونية أخرى: كالأدوية المضادة للاكتئاب مثل مثبطات عوذ التقاط السيروتونين الانتقائية SSRIs (gabapentine وoxybutynin)، التي أظهرت الدراسات أنها تساعد على تخفيف بعض أعراض انقطاع الطمث مثل الهبات الساخنة واضطرابات المزاج.

في النهاية، لا يوجد علاج سريع وفعال لأعراض انقطاع الطمث، وإن كانت مثيرة للقلق، فيجب التحدث عنها بعمق وتفصيل مع مقدم الرعاية الصحية، فهي حالة فرادية وقد تكون معقدة للغاية، مع أخذ القصة الطبية بعين الاعتبار، وقد يحتاج ذلك لمراجعة الطبيب مرات عدة.

اقرأ أيضًا:

كيف يؤثر انقطاع الطمث المبكر على قلب المرأة

هل يسبب انقطاع الطمث زيادة الوزن؟

ترجمة: حيان الحيكم

تدقيق: لين الشيخ عبيد

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر