يُعتقد أن انفجار أشعة غاما الملقبة بـ BOAT التي رُصدت عام 2022 الانفجار الأكثر سطوعًا الذي قد شهدته البشرية على الإطلاق، لكن تعقب تلسكوب جيمس ويب الفضائي لمصدرها أثار مزيدًا من الأسئلة.

اكتشف تلسكوب جيمس ويب الفضائي سبب أقوى انفجار كوني حدث منذ الانفجار العظيم، الانفجار الملقب (الأسطع على الإطلاق، أو BOAT) هو انفجار لأشعة غاما GRB؛ حيث لفظَ الفوتونات باتجاه كوكب الأرض بطاقة أكبر من تلك الموجودة داخل مصادم الهدرونات الكبير LHC.

اكتشفت التلسكوبات الموجودة في المدار وعلى الأرض هذا الضوء في 9 أكتوبر عام 2022، الذي يصلنا من مسافة 2.4 مليار سنة ضوئية في كوكبة القوس.

رجح فريق من العلماء مصدر الأسطع على الإطلاق إلى سوبرنوفا هائلة تبعت انهيار نجم عملاق. مع ذلك، فإن بحثهم يكشف لغزًا جديدًا هو السوبرنوفا، كالتي تلت انفجار the BOAT، التي من المفترض أن تكون مصانع كونية للعناصر الثقيلة كالبلاتين والذهب، لكن عندما أجرى الباحثون أبحاثهم لم يجدوا دليلًا عن السوبرنوفا.

نشر العلماء نتائج بحثهم في 12 أبريل في مجلة نيتشر أسترونومي.

وفقًا لبيتر بلانشارد المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم الفيزياء الفلكية في جامعة نورث ويسترن: «عندما تأكدنا بأن انفجارات أشعة غاما هي نتاج لانهيار نجم ضخم، منحنا ذلك فرصة للتحقق من فرضية كيفية تشكل بعض أثقل العناصر في الكون، لكننا لم نر آثارًا لهذه العناصر الثقيلة، مما يشير إلى أن انفجارات أشعة غاما عالية النشاط كانفجار الأسطع على الإطلاق لا تُنتج هذه العناصر، هذا لا يعني أن جميع انفجارات أشعة غاما لا تنتجها، لكنها معلومة رئيسية ونحن نواصل فهم منشأ تلك العناصر الثقيلة».

عند نفاد طاقة نجم ضخم، فإنه ينهار قبل انفجاره مشكلًا انفجار سوبرنوفا هائل تاركًا خلفه نجمًا نيوترونيًا فائق الكثافة أو ثقبًا أسود. على هذا، فإن المراصد في الفضاء وحتى تلك التي في الأرض قد تلتقط تلك الانفجارات النجمية وأحيانًا حتى التصادمات بين نجمين نيوترونيين التي تُنتج انفجارات أشعة غاما شديدة.

إن أولى اكتشافات انفجارات أشعة غاما رصدتها الأقمار الصناعية للجيش الأميركي مصادفةً وذلك في ستينيات القرن الماضي. منذ ذلك الحين استمروا في إنتاج المعدات التي تمكنهم من التقاط الضوء عالي الطاقة وتحديثها وتطويرها.

لكن عندما ظهر انفجار الأسطع على الإطلاق، بلغت شدته 10 أضعاف على الأقل من أي انفجار كوني آخر قد شُهد حتى الآن.

بحسب بلانشارد: «أنتج ذلك الحدث بعض الفوتونات الأعلى طاقة التي سجلتها الأقمار الصناعية المصممة خاصةً لالتقاط أشعة غاما. لذلك، فإن الأرض تشهد حدثًا كهذا مرةً كل 10,000 سنة».

كان هذا الانفجار بالغ السطوع لدرجة أن علماء الفلك اضطروا إلى التريث ستة أشهر ليتمكنوا من النظر إليه مباشرةً بمساعدة تلسكوب جيمس ويب الفضائي.

أضاف بلانشارد: «كان انفجار الأسطع على الإطلاق ساطعًا للغاية، إذ إن وهجه حجب أي مشاهدة محتملة لأي سوبرنوفا تلت الانفجار في الأسابيع والأشهر الأولى، إذ إنه في تلك الأوقات، كان ما يدعى بالتوهج اللاحق لانفجار الأسطع على الإطلاق أشبه بأضواء مبهرة لسيارة متجهة نحوك مباشرةً، ما يسبب عمى مؤقت، لذا توجب علينا الانتظار حتى يخفت كثيرًا، ما يمنحنا فرصةً لرؤية السوبرنوفا».

بعد توجيه جهاز مطياف الأشعة تحت الحمراء القريبة أو ما يُسمى مطياف نيرسبيك الخاص بتلسكوب جيمس ويب الفضائي باتجاه مصدر الانفجار، وجد الباحثون بصمات لعناصر كالأوكسجين والكالسيوم الشائعَين في داخل السوبرنوفا، لكنهم لم يجدوا أي عناصر بين المخلفات تفوق الحديد وزنًا. على هذا، فإنه من المحتمل أن يستبعدوا حدوث الانفجارات الساطعة كتوهج الأسطع على الإطلاق بوصفها منتجة للمعادن الثقيلة.

بالرغم من السطوع الشديد لانفجار أشعة غاما، فإن السوبرنوفا الذي نتج عنها اتسم بسطوع متوسط نسبيًا، وهذا ممكن وفقًا للباحثين، إذ إن انفجار الأسطع على الإطلاق قد اكتسب كثافةً استثنائيةً من مادة النجم المنفجر التي تُضخ عبر تيار نفاث نسبي ضيق على غير العادة، وهو تيار من المادة المشحونة سرعته تقرب من سرعة الضوء.

يقول المؤلف المشارك تانموي لاسكار أستاذ الفيزياء المساعد في جامعة يوتا وفق تصريح له: «الأمر يشبه تركيز شعاع مصباح في أنبوب ضيق بدلًا عن شعاع واسع ينتشر على جدار كامل. في الحقيقة، كانت واحدة من أضيق التدفقات التي شوهدت لانفجار أشعة غاما حتى الآن، ما يعطينا تلميحًا عن أسباب ظهور الوهج بسطوع كالمعتاد، قد تكون هناك عوامل أخرى مسؤولة كذلك، إنه سؤال سنحاول العثور على إجابة له في الأعوام القادمة».

إن خطوات الباحثين التالية ستمكنهم من استخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي لمتابعة المستعرات العظمى الأخرى. على هذا، فإن التباين بين السطوع المختلف والتدفقات والعناصر الكيميائية وخصائص المجرات المضيفة للمستعرات العظمى سيساعدهم على اكتشاف مدى غرابة الأسطع على الإطلاق، فضلًا عن الظروف التي تكونت فيها العناصر الثقيلة في الكون.

اقرأ أيضًا:

تلسكوب جيمس ويب الفضائي يؤكد وجود خطأ كبير في فهمنا للكون

تلسكوب جيمس ويب الفضائي يكتشف مجرة قديمة قد تغيِّر فهمنا للكون بأكمله!

ترجمة: سليمان عبد المنعم

تدقيق: ريمي سليمان

مراجعة: باسل حميدي

المصدر