تنتشر حاليًا عدوى فطريات قاتلة مقاومة لعدد كبير من المضادات الفطرية في جميع أنحاء العالم، والعلماء في حيرة من مصدر هذا الانتشار. الفطر المدعو بـ «المبيضات أوريس» من الخمائر التي تنمو وتعيش بشكل طبيعي وغير مؤذ على الجلد والأغشية المخاطية وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). وذُكر وفقًا لمجلة The New York Times أن شكلًا مقاومًا للمضادات من هذا الفطر قد بدأ بالانتشار عالميًا، تحديدًا في بريطانيا وإسبانيا والهند وفنزويلا والولايات المتحدة الأمريكية.
أفاد توم تشيلر رئيس شعبة الفطريات في مركز CDC لمجلة Times: «هو مخلوق من البحيرة السوداء، ظهر فجأةً والآن هو منتشر في كل مكان».
فطريات قاتلة تشكل خطر متنام
أصدر مركز CDC في بادئ الأمر تحذيرًا عن ظهور شكل فطريات قاتلة مقاومة للمضادات الحيوية من فطر المبيضات أوريس في عام 2016، أما الآن فيصف الأمر بأنه «تهديد حقيقي وخطير». اكتُشفت هذه الخمائر لأول مرة عام 2009 من مفرزات أذن أحد المرضى في اليابان، رغم أن الدراسات المرجعية للعينات الطبية القديمة وجدت عدوًى وحيدةً يعود تاريخها إلى 1996 في كوريا الجنوبية.
معظم ذراري المبيضات أوريس مقاومة على الأقل لصنف واحد من المضادات الفطرية وفقًا لـ CDC، وما يزيد عن ثلث الذراري مقاومة لصنفين من المضادات الفطرية، كما أن مجموعةً جزئيةً أو فرعيةً من الذراري مقاومة لجميع الأصناف الثلاثة المضادة للفطريات.
ما يجعل هذه العدوى أكثر خطرًا أن هذه الفطريات تستديم على السطوح، كما وُثقت حالات لانتقالها من شخص لآخر في المستشفيات والعيادات، إذ تبين بالاختبارات إصابة نصف المقيمين في بعض دور رعاية المسنين في مدينة شيكاغو بالمبيضات أوريس وفقًا لتقرير صادر عن مجلة Times. حتى الآن، تلقى مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها 587 تقريرًا لحالات مسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية.
تُعد العدوى بالمبيضات أوريس الأكثر خطرًا وتهديدًا للأفراد الضعفاء مناعيًا بمن فيهم كبار السن والأطفال. تنتشر العدوى عادةً في المراكز الصحية وغالبًا ما تصيب ذوي الصحة غير المستقرة أساسًا. تتجلى الأعراض الأولية بالحمى والألم والوهن، كما قد يكون المرض مميتًا بشكل خاص في حال وصول الخمائر إلى الدم أو الدماغ أو القلب.
منشأ الخطر وأصله
تتميز ذراري المبيضات أوريس المقاومة للمضادات الحيوية بكونها متباينةً وراثيًا في القارات المختلفة، الأمر الذي يشير إلى كون المقاومة تجاه المضادات الحيوية تتطور بشكل منفصل ولكن متزامن في جميع أنحاء العالم. السبب وراء تفشي هكذا فطريات قاتلة غير واضح، إلا أن فرضيةً ترشح ارتباط استخدام المضادات الفطرية على نطاق واسع في المحاصيل بتعزيز أو تحفيز مبيضات أوريس على تطوير المقاومة.
كما تُدان زمرة الآزول المضادة الفطرية في ظهور ذراري فطرية مقاومة أخرى تُدعى الرشاشية الدخناء وفقًا لدراسة نُشرت عام 2012 في دورية PLOS Pathogens. يعتقد بعض العلماء أن هذه المضادات الفطرية قد فسحت مجالًا لظهور واستمرار ذراري من المبيضات أوريس أقوى وأكثر مقاومةً.
أدى الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية في المزارع الحيوانية إلى أزمة مماثلة بذراري جرثومية مقاومة أيضًا. يعمل مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها حاليًا على المراقبة الوراثية للمبيضات أوريس لفهم كيفية إيقاف انتشارها.
قد يشكل الأمر تحديًا وفقًا لمجلة Times، إذ ذكرت أن العاملين في مستشفى رويال برومبتون بالقرب من لندن قد استخدموا رشاشات خاصة لغمر الغرفة بأكملها ببيروكسيد الهيدروجين القاتل للجراثيم… مات كل شيء باستثناء مبيضات أوريس!
اقرأ أيضًا:
قُضِي على أنواعٍ كاملةٍ من الضفادع تقريبًا من قِبل فطرياتٍ مميتةٍ إلّا أنّها تطوّرت فيما بعد
مقاومة الأدوية المضادة للفطريات وخطر تفشي الأمراض ونقص الغذاء العالمي
هل نستخدم الفطريات لمكافحة الشيخوخة؟
الالتهابات المهبلية الفطرية او الفطريات المهبلية، سبل للعلاج و الوقاية
ما هو مرض القوباء الحلقية (الفطار الجلدي)؟
الالتهابات اللاهوائية، أسبابها وأعراضها وعلاجها
ترجمة: مريم عيسى
تدقيق: محمد وائل القسنطيني