وجدت دراسة جديدة مادةً كيميائية مميتة في مزيلات الطلاء، ما تزال تقتل العمال رغم معرفة مخاطرها. كلوريد الميثيلين، والمعروف أيضًا باسم ثنائي كلورو الميثان (DCM)، هو مذيب يوجد في مزيلات الطلاء والمنظفات ومزيلات الشحوم والمواد اللاصقة ومانعات التسرب. ينتج عند استنشاقه كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون الذي يقطع إمداد الأكسجين عن القلب، وتؤثر الجرعات العالية في مركز التنفس بالدماغ، وقد يحدث الموت في غضون دقائق.
قالت كبيرة الباحثين فينا سينغلا، وهي عالمة بارزة في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية في سان فرانسيسكو: « قد يجعلك تشعر بالدوار والغثيان وفي النهاية تفقد الوعي وتموت، لأنه يؤدي إلى حرمان جسمك من الأكسجين».
وأضافت: «في مساحة صغيرة مغلقة مثل الحمام، قد تتراكم الأبخرة إلى مستويات ضارة في غضون 10 دقائق، إنه خطير أيضًا على المدى البعيد، من المعروف أنه مادة كيميائية مسببة للسرطان، وقد تسبب أيضًا تلفًا بالكبد والكلى».
يعد كلوريد الميثيلين مذيبًا قويًا وجيدًا لإذابة الطلاء والمواد اللاصقة بسرعة، ومع أنه حُظر استخدامه في المنتجات الاستهلاكية، فما يزال يستخدم في مزيلات الطلاء المهنية.
وفقًا لسينغلا فقد قاومت الصناعة حظر هذه المادة الكيميائية وادّعت أن الوفيات المرتبطة بها هي نتيجة لعدم استخدام معدات الوقاية المناسبة.
وقالت: «إن السبب الآخر الذي يجعلها مادة كيميائية مميتة، هو أن معدات الحماية متخصصة للغاية وغير متاحة بسهولة لكثير من الناس».
قالت سينغلا أيضًا إن قفازات اللاتكس العادية لا تقي من تأثير أبخرة كلوريد الميثيلين، إذ تمر من خلال هذه القفازات وتمتص عبر الجلد، وارتداء الكمامات الواقية من الغبار لا يحمي من أبخرة المواد الكيميائية، وأيضًا أجهزة التنفس المزودة بأسطوانة ترشيح ليست فعالة ضد هذه المادة، ومع أن وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) حظرت استخدام كلوريد الميثيلين في مواد إزالة الطلاء الاستهلاكية، فما يزال يستخدم في بعض المنتجات التي يمكن للمستهلكين شراؤها.
وأضافت: «يجب أن يحاول الناس تجنب كلوريد الميثيلين في أي منتج وأن يتحققوا من مواد إزالة الطلاء القديمة في المنزل».
وأكدت سينغلا، التي عملت على الدراسة عندما كانت في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، على ضرورة حظر هذه المادة الكيميائية، وأضافت: «تعد هذه المادة شديدة الخطورة ولا يمكن استخدامها بأمان، ونحن حقًا بحاجة إلى بدائل أكثر أمانًا». ووفقًا لما قالت: «لقد استُبدلت تمامًا في أماكن أخرى، وتخلص الاتحاد الأوروبي من كلوريد الميثيلين وانتقل إلى بدائل أكثر أمانًا، ويمكننا أن نمنع المزيد من الوفيات إذا فعلنا ذلك أيضاً».
وتبعًا للدراسة، راجعت سينغلا وزملاؤها عدد الوفيات المرتبطة بكلوريد الميثيلين بين عامي 1980 و 2018.
توفي خلال هذه الفترة 85 شخصًا في الولايات المتحدة نتيجة التعرض لهذه المادة. ومن بين هذه الوفيات، كانت 74 حالةً مرتبطة بالعمل.
وجدت الدراسة أن مواد إزالة الطلاء كانت أكثر المنتجات المعنية استخدامًا، إذ ارتفع عدد الوفيات المرتبطة بالعمل نتيجة نزع الطلاء من 22 حالةً (55٪) قبل عام 2000 إلى 30 حالةً (88٪) بعد عام 2000.
ارتفعت أيضًا الوفيات الناجمة عن استخدام مواد إزالة الطلاء في أحواض الاستحمام والحمامات من حالتين (5٪) قبل عام 2000 إلى 21 حالةً (62٪) بعد عام 2000.
وبين عامي 1985 و 2017، أبلغت الجمعية الأمريكية مراكز مكافحة السموم عن أكثر من 37000 حالة غير مميتة لكلوريد الميثيلين.
بلغت ذروة الحالات غير المميتة المبلغ عنها سنويًا 1701 حالة في عام 1995، ثم بدأت بالانخفاض. استقرت الحالات إلى نحو 408 حالةً سنويًا بين عامي 2010 و2017، من بينها 73 وفاةً مرتبطة بمكان العمل.
راجعت ليز هيتشكوك، مديرة منظمة Safer Chemicals Healthy Families، الدراسة مؤكدةً ما يعرفه الناس ووكالة حماية البيئة منذ فترة طويلة. وقالت: « قد يقتل كلوريد الميثيلين الموجود في مزيلات الطلاء الناس في مكان العمل».
ووفقًا لهيتشكوك؛ نظرت وكالة حماية البيئة في 53 استخدامًا لكلوريد الميثيلين ووجدت أن 47 منها تشكل خطرًا كبيرًا على الناس، وقالت: «لذا يجب عليهم حظره تمامًا». ووفقًا لهيتشكوك أيضًا ابتعدت وكالة حماية البيئة عن حظر مادة كلوريد الميثيلين في أثناء إدارة ترامب. إلا أنها تأمل بأن يفرض حظرها في أثناء رئاسة بايدن.
وأضافت: «تظهر لنا هذه الورقة مرةً أخرى مدى خطورة هذه المادة الكيميائية، وإنه من غير المقبول استمرار استخدامها».
اقرأ أيضًا:
التسمم بأول أكسيد الكربون: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
التسمم بالرصاص: أسبابه وأعراضه ومضاعفاته وتدبيره
ترجمة: نورا مصطفى
تدقيق: لبنى حمزة