ما الهندسة المالية؟
الهندسة المالية هي استخدام التقنيات الرياضية لحل المشكلات المالية. تستخدم الهندسة المالية الأدوات والمعارف من مجالات علوم الكومبيوتر، والإحصاء، والاقتصاد، والرياضيات التطبيقية، لمعالجة القضايا المالية الحالية، إضافةً إلى ابتكار حلول مالية جديدة ومبتكرة.
قد يُشار إلى الهندسة المالية بالتحليل الكمي، وتستخدمها البنوك التجارية العادية، والبنوك الاستثمارية، ووكالات التأمين، وصناديق التحوط.
كيف تُستخدم الهندسة المالية؟
تأتي الأعمال المالية دومًا بأدوات ومنتجات استثمارية جديدة ومبتكرة للمستثمرين والشركات. وقد طُورت معظم المنتجات بواسطة تقنيات مجال الهندسة المالية. وباستخدام النمذجة الرياضية وعلوم الكومبيوتر، يتمكن المهندسون الماليون من اختبار أدوات جديدة وإصدارها، مثل الأساليب الجديدة لتحليل الاستثمار، وعروض الديون، والاستثمارات، والاستراتيجيات التجارية، والنماذج المالية الجديدة.
يدير المهندسون الماليون نماذج المخاطر الكمية لتوقع الكيفية التي قد تؤدي بها أي أداة استثمارية وظيفتها، وهل العروض الجديدة في القطاع المالي قابلة للتطبيق ومربحة على المدى البعيد، وما أنواع المخاطر الموجودة في كل عرض منتج نظرًا إلى تقلبات السوق. ويعمل المهندسون الماليون مع شركات التأمين، وشركات إدارة الأصول، وصناديق التحوط، والبنوك. ويعمل المهندسون الماليون داخل هذه الشركات في مجالات المتاجرة بالممتلكات، وإدارة المخاطر، و إدارة المحافظ المالية، وتسعير المشتقات والخيارات، والمنتجات المهيكلة، وإدارة تمويل الشركات.
أنواع الهندسة المالية
تداول المشتقات
في حين تستخدم الهندسة المالية أدوات المحاكاة والتحليل لتصميم وتنفيذ عمليات مالية جديدة لحل المشكلات في مجال التمويل، فإن هذا المجال يخلق أيضًا استراتيجيات جديدة تستفيد الشركات منها لتعظيم الأرباح. مثلًا، أدت الهندسة المالية إلى ولادة تجارة المشتقات المالية في الأسواق المالية.
منذ تأسيس بورصة شيكاغو للسندات الاختيارية سنة 1973، نشر اثنان من أوائل المهندسين الماليين، فيشر بلاك ومايرون سكولز، نموذج تسعير الخيارات، وسجل التداول في الخيارات والمشتقات الأخرى بتوسع. بواسطة إستراتيجية الخيارات العادية، حيث يستطيع الشخص اتخاذ خيار الشراء أو رفضه اعتمادًا على الصعود أو الهبوط، نجحت الهندسة المالية في خلق استراتيجيات جديدة ضمن نطاق الخيارات، توفر المزيد من الاحتمالات للتحوط أو تحقيق الأرباح.
توجد العديد من الأمثلة على إستراتيجيات الخيارات الناشئة عن جهود الهندسة المالية، منها ما يُسمى وضع المتزوجين، والأطواق الواقية، والسلسلة الطويلة، والخيط القصير، وحيز الفراشات، وغيرها من الاستراتيجيات.
المضاربة
أدخل مجال الهندسة المالية أدوات للمضاربة في الأسواق. مثلًا، أُنشِئت أدوات كمقايضة العجز عن سداد الائتمان، في أواخر تسعينيات القرن العشرين، لتوفير التأمين ضد العجز عن سداد أقساط السندات، كالسندات البلدية. لكن هذه المنتجات المشتقة لفتت انتباه البنوك الاستثمارية والمضاربين، الذين أدركوا أنهم قادرون على جني المال من الأقساط الشهرية المرتبطة بمقايضة الائتمان الافتراضي بالمراهنة عليها.
في الواقع، يتلقى البائع المُصدر لمقايضة العجز عن سداد الائتمان-المصرف غالبًا- مدفوعات أقساط شهرية من مشتري المبادلة. وتعتمد قيمة سندات مقايضة العجز عن سداد الائتمان على بقاء الشركة، إذ يراهن مشترو المبادلة على إفلاس الشركة، ويؤمن البائعون على المشترين ضد أي حدث سلبي. وما دامت الشركة في وضع مالي جيد، فإن البنك المصدر سيواصل الحصول على مستحقاته الشهرية. وإذا كانت الشركة تعاني، فإن مشتري سندات الائتمان الافتراضي سيربح من ذلك.
نقد الهندسة المالية
مع أن الهندسة المالية أحدثت ثورة في الأسواق المالية، فإن لها دورًا في الأزمة المالية سنة 2008. ومع زيادة عدد حالات التخلف عن سداد أقساط الرهن العقاري الثانوي، فقد تزايدت الأحداث الائتمانية. ولم تتمكن جهات إصدار سندات مقايضة العجز عن سداد الائتمان –المصارف- من سداد أقساط هذه المقايضات، لأن التخلف عن سداد الديون حدث متزامنًا تقريبًا.
سرعان ما أدرك العديد من المشترين من الشركات، الذين حصلوا على سندات مقايضة العجز عن سداد الائتمان على الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري والتي استثمروا فيها بكثافة، أن سندات مقايضة العجز عن سداد الائتمان التي يحتفظون بها عديمة القيمة. وليعكسوا خسارة القيمة، خفضوا قيمة الأصول على ميزانياتهم العمومية، ما أدى إلى المزيد من الإخفاق على مستوى الشركات، ثم الركود الاقتصادي اللاحق.
ونظرًا إلى الركود العالمي سنة 2008 الذي جلبته منتجات مصممة هندسيًا، فإن الهندسة المالية تُعد ميدانًا مثيرًا للجدل. من الواضح أن هذه الدراسة الكمية نجحت إلى حد بعيد في تحسين الأسواق والعمليات المالية، بتقديم الإبداع، والدقة، والكفاءة للأسواق والصناعة.
اقرأ أيضًا:
دليل الاستثمار في الأسهم للمبتدئين
ترجمة: عمرو سيف
تدقيق: أسعد الأسعد