كشفت حفريات من مواقع للنياندرثال عمرها أكثر من 40,000 سنة، عن أداة لا تزال تستخدم لجعل الصناديق أكثر لمعانًا ومقاومة للماء. الأدوات مصنوعة من العظام، ومعروفة بإسم lissoirs – كلمة فرنسية تعني منعّمات، و التي كان يعتقد أنها مرتبطة بالإنسان المعاصر فقط.
هذا الاكتشاف يشير إلى أن النياندرثال والإنسان الحديث قد يكونا إخترعا هذه الأدوات بشكل مستقل. أول أجزاء هذه الأداة ظهر منذ عقد في أحد مواقع الحفر في دوردونيي، فرنسا. عالمة الآثار ماري سوريسي من معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ، ألمانيا، هي من تعرفت على الأداة مباشرة، و إتصلت بإحدى شركات الحقائب المشهورة في فرنسا و التي إتضح أنهم يستعملون أداة مشابهة لتلك المكتشفة. لكن أداة واحدة، لم تكن كافية للباحثين لاستخلاص استنتاجات عريضة حول النياندرثال. ولكن الحفريات اللاحقة في نفس المنطقة و في مناطق أخرى محيطة توصلت للمزيد من الأدوات المنعمة، مما دعا الباحثون إلى استنتاج أن النياندرثال صنعوا هذه الأداة بشكل منتظم.
هذه الأداة ليست الأولى التي تصنع من العظام، إذ أن معظم أدوات العظام هي طبق الأصل من الأدوات الحجرية، ولكن المُنَعِمات تستفيد من الخواص الفيزيائية للعظام، مثل الملمس والقدرة على الثني دون كسر.
النياندرثال ربما صنعوا الأداة من الأضلاع المرنة للغزلان منذ فترة طويلة. الباحثون ليسوا متأكدين من أن البشر البدائيون استخداموا الأدوات المصنوعة من العظام لتلميع الجلود. لكن الباحثون وجدوا شظايا من الأدوات ربما قد نتجت نتيجة للإستخدام في تلميع الجلود. وعلاوة على ذلك، صنع الفريق أدوات خاصة بهم – مطابقة للمكتشفة في الموقع – واستخدموها لتنعيم أسطح صناديق بدائية، وتولدت نتوءات صغيرة على الأدوات مماثلة لتلك التي وجدت على أدوات النياندرثال.
ليس هناك شك في أن الأدوات تنتمي إلى النياندرثال، لأن الإنسان الحديث لم يعش في تلك المنطقة في تلك الحقبة الزمنية. لكن الشكوك المحيطة بعمر الأدوات تجعل من الصعب تحديد ما إذا كان الإنسان الحديث صنع هذه الأدوات عن طريق تقليد النياندرثال، أو العكس – أو إذا اخترع الإثنين (البشر و النياندرثال) الأدوات بشكل مستقل.
تقنيات تأريخ مختلفة حددت عمر الموقعين إلى ما بين 41000 و 51000 سنة. يتراكب التاريخ الأحدث مع أول ظهور للبشر المعاصرين في أوروبا الغربية منذ حوالي 42000 سنة، ولكن معظم علماء الآثار يتوافقون على أن النياندرثال فقط كانوا موجودين في أوروبا منذ 51000 سنة. يعكف الفريق البحثي الآن على العثور على أدوات من مناطق حفرية أقدم لتسوية هذا الجدال.